المجلس الوطني الكوردي في سوريا

الانفعالات العاطفية على صفيح الصراعات الدولية

446

الانفعالات العاطفية على صفيح الصراعات الدولية

عزالدين ملا

المنطقة تمر في أخطر مراحلها، وخاصة بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت، احتجاجات أبناء السويداء ضد الأوضاع الاقتصادية المزرية والتي تحوّلت إلى ثورة ضد النظام، وسرعان ما تغيّرت الشعارات إلى اسقاط النظام.

في الطرف الآخر، الأحداث التي تجري في مناطق ديرالزور، وتعمد توسيع رقعة الخلاف التي يختلقها النظام السوري، ومن خلفها إيران من جهة والفصائل والميليشيات التي تمتهن النهب والسلب من جهة أخرى. وفي المقابل خرجت نداءات ضد هذه السياسات الخاطئة من قبل العقلاء في المنطقة.

في إقليم كوردستان، والأحداث التي حصلت في مدينة كركوك، والعنصرية التي يمارسها تنظيم الحشد الشعبي الشيعي ضد قرار فتح مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني في المدينة، خلفت العديد من الشهداء والجرحى.

1- كيف تحلل كل مجريات الأحداث التي تمر بها سوريا وخاصة في هذه الفترة؟

2- برأيك، هل تنامي الأحداث في ديرالزور والحسكة مفتعل، ولغايات سياسية؟ أم جاءت هكذا بسبب تضرر مصالح البعض من تلك الفصائل؟ ولماذا؟

3- باعتقادك، هل هناك رابط بين ما يجري في الحسكة وديرالزور وما يجري في كركوك من أحداث؟ كيف؟ ولماذا؟

4- لماذا أمريكا وحلفاؤها صامتون تجاه ما يحدث في المنطقة؟

5- ما المطلوب من النسيج المجتمعي لتدارك كل هذه الفوضى؟

احداث اضطرابات وخلط الأوراق

تحدث عضو الهيئة السياسية لحزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إنما حصل، ويحصل في السويداء ودرعا وإلى حدّ ما في الساحل هو تعبير عن حالة استياء شعبي عام على الحالة المعيشية التي وصلت إليه الشعب في مناطق النظام، حيث انخفضت قيمة الليرة السورية إلى درجة لم يعد راتب الموظف يكفيه لأيام فقط، بالترافق مع ارتفاع كبير للأسعار من خلال رفع الدعم عن المحروقات، إضافة إلى فقدان الأمل بأية انفراجه عن هذا الوضع المزري في المستقبل المنظور، وبذلك أوصل بالمواطن إلى فقدان الثقة بوعود النظام، وعليه يمكننا أن نطلق على ما يحصل بـ (ثورة الجياع) والتي تتمدد يوماً بعد آخر، ويرتفع معها رفع سقف الشعارات حتى وصلت الآن إلى رفع شعار(إسقاط النظام) ، وبالتالي قطع كل أمل لدى النظام في معالجة الوضع من خلال الوعود بتحسين الأوضاع المعيشية، ولم يبق أمام النظام إلا اللجوء إلى القمع المألوف من قبله منذ سنوات، لكن الظروف مختلفة، ولم يعد بإمكانه التذرع بأنه يحارب الإرهاب، لأن الساحل يعتبر الحاضنة الصلبة له وكذلك كان يعتبر جبل الدروز القوة الثانية الداعمة له في استقرار النظام من خلال الاعتماد على بعض الضباط الدروز في قمع الشعب أمثال العميد عصام زهرالدين وغيره. لذلك وعلى ضوء ما تقدم فإن النظام أصبح في وضع مقلق للغاية قد يهدّد كيانه في أي لحظة، اذا ما استمرت وتوسعت الاحتجاجات في الساحل والجنوب».

يتابع عليكو: «لا يمكن الفصل بين ما يجري في ديرالزور والحسكة وكركوك أبداً، لأن راعي الاضطرابات واحد في المنطقتين وهو النظام الإيراني، وكذلك الأدوات المستخدمة واحدة أيضاً، وهي الفصائل الموالية لإيران في سوريا والعراق ولبنان إضافة للنظام رغم ضعف دوره، أما لماذا الآن؟ ذلك يتعلق بالموقف الأمريكي المستجد، حيث بات واضحاً من خلال وسائل الإعلام العراقية التوجه الأمريكي الجديد من اتخاذه خطوتين استراتيجيتين من شأنه إذا ما تم تطبيقها على الأرض انهاء الدور الإيراني في سوريا والعراق ولبنان معاً.

الخطوة الأولى: إغلاق الحدود العراقية -السورية من خلال ربط شرق الفرات بقاعدة التنف الأمريكية الواقعة على الحدود السورية /العراقية /الاردنية، وهذا يعني قطع التواصل والإمداد اللوجستي بين إيران ولبنان وسوريا عبر العراق، وبالتالي فإن هذا سيؤدي تلقائياً إلى خنق حلفاء إيران في الدولتين وإمكانية حصارهما بحراً وبراً وجواً، وبالتأكيد فإن من شان ذلك – لو حصل-إلى أضعاف حلفاء إيران في الدوليتين بشكل كبير، وسوف يُمهّد الطريق إلى اسقاط دورهما من المعادلة السياسية في المنطقة، خاصة أن الحملة الشعبية على النظام وحزب الله في الدولتين بلغت الذروة نتيجة انهيار عملتَيْ الدولتين وتحميل المسؤولية عن ذلك للنظام وحزب الله، وقد عبر نوري المالكي صراحة بذلك بـ (أن النظام السوري كان سيسقط 2013 لو اغلقت الحدود السورية /العراقية واليوم تحاول امريكا إغلاق الحدود للغرض ذاته)».

يردف عليكو: «من هنا نفهم الاضطرابات الكبيرة التي تحصل اليوم في شرق الفرات وتحديداً في البقعة الجغرافية المتاخمة للمنطقة المطلوبة اغلاقها بين الدولتين، وذلك من خلال استخدام النظام وإيران كل أدواتهما من خلال بعض زعماء العشائر الموالين لهما في المنطقة لخلط الأوراق وارباك أمريكا بغية صرفها عن تحقيق الغاية المرجوة، كما ان استخدامهم لشعارات عنصرية تستهدف الكورد بشكل عام سواءً في شرق الفرات أو في كركوك بغية تأليب الشارع العربي على الشعب الكوردي وشيطنته لا يأتي من فراغ، وإنما من يقف وراءها هما النظامان السوري الإيراني، علماً ان ما حصل في شرق الفرات كان خلافاً بين قسد ومجلسهم في ديرالزور ممثلا بأبو خولة الذي كان في نظر النظام مرتزقاً لا اكثر وتحول بين عشية وضحاه إلى بطل قومي بقدرة قادر، كما ان هناك خلط متعمد بتنسيب قسد وممارساته إلى الكورد فقط، علما ان ما لا يقل عن ٧٠ بالمئة من قوام قسد من المكوّن العربي، كما ان حزب الاتحاد الديمقراطي لا يمثل كل الكورد وإنما هو حزب اممي يعلن صراحة بأن عصر القوميات قد انتهى وأنه يطالب بالأمة الديمقراطية واخوة الشعوب والمجتمع الايكولوجي وهذا الحزب على خلاف كبير مع المجلس الوطني الكوردي حول قضايا عدة. والسؤال لماذا يتم افتعال هذه الضجة وتحميل الكورد ككل مسؤولية خلاف بين أجنحة قسد وتضخيمها وكأنها صراع بين الكورد والعرب؟

الخطوة الأمريكية الثانية حل الحشد الشعبي: حيث أبلغت أمريكا رسمياً قيادات الحشد مباشرة ومن خلال السفيرة الاميركية في بغداد بضرورة حل الحشد نظراً لانتفاء الحاجة لوجوده والاعتماد على الجيش والأمن الداخلي فقط لضبط الأمن في العراق، وهذا يفضي عملياً إلى قصقصة أجنحة إيران في العراق وتحجيم دورها في التدخل في الشؤون العراقية، وهذا ما لا تقبل به إيران مطلقاً، لذلك ستسعى بكل جهدها إلى خلق اضطرابات داخلية بغية الايحاء بأن الجيش العراقي وحده غير قادر على ضبط الأوضاع في هذه المرحلة، لذلك لابد من الابقاء على الحشد كقوة رديفة للجيش في استتباب الأمن.

وما حصل في كركوك يصب في هذا الاتجاه، حيث الموضوع لم يكن يتعدّى إعادة ممتلكات الحزب الديمقراطي الكوردستاني المسلوبة منهم ظلما في٢٠١٧ وبقرار من الحكومة وفق التفاهمات بين القوى السياسية في إدارة الدولة، لكن الأصابع الخفية لإيران وبدعم من الحشد تحركت بكل خبث لتأليب العرب والتركمان على الكورد بشكل عام، ممّا أدى إلى اراقة الدماء ومن ثم تدخل المحكمة الاتحادية بوقف تنفيذ قرار الحكومة وهذا يعتبر تدخلاً سافراً ومتعمداً بشؤون الحكومة وخارج صلاحيات المحكمة، ولا يمكن اعتبارها محايدة وبعيدة عن الاجندات الإيرانية، كما قد تشهد مناطق أخرى من العراق حالات مماثلة من قبل الحشد، كما يصبُّ في هذا الاتجاه التهديد الإيراني بالتدخُّل العسكري في الإقليم تحت ذريعة وجود قوى عسكرية كوردية إيرانية في الإقليم تهدد امنها.

ومن الجدير ذكره أنهم يستغلون بذكاء الخلافات الإدارية بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، وإن الخلاف ليس مع الكورد، وإنما مع حزب بعينه لا أكثر، بغية اخفاء نواياهم الخبيثة في انهاء كيان الإقليم الفيدرالي كغاية اساسية، وهذا ما يتطلب من قيادة الديمقراطي الكوردستاني الكثير من الحنكة السياسية وتقديم تنازلات كبيرة بغية توحيد الكلمة والموقف في بغداد وطهران لقطع الطريق على الذين يصطادون في المياه العكرة.

يشير عليكو: «أنه من المطلوب كوردياً حل الخلافات البينية في كوردستان العراق اولاً. وكوردستان سوريا ثانياً ومن ثم التعامل بموقف موحّد مع القوى المحلية الإقليمية والدولية، وفق استراتيجية واضحة المعالم، لأن المنطقة مقبلة على تحولات وتغييرات كبيرة وأمريكا لم تأت للمنطقة بهذه القوة الكبيرة من اجل داعش فقط. ويجب ان نكون لاعبين أساسيين في الميدان، وليس بيادق في الساحة تُلعب بنا هنا وهناك، ونُضيع فرصة تاريخية لا تعوض كما اضعناها في محطات عدة.

اعرف ان هذا الكلام فيه نوع من المثالية على ضوء اللوحة السوداوية الراهنة، لكنها ليست مستحيلة، اذا وضعنا مصلحة شعبنا وقضيته فوق الاعتبارات الحزبية الضيقة، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة لأننا امام حالة (نكون أو لا نكون)».

زوبعة في فنجان وجعجعة بلا طحن

تحدث الكاتب والسياسي، دوران ملكي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «يتجه العالم إلى القطبية من جديد فالاصطفافات التي تحدث نتج عنها تشكل محورين أساسيين، فالمحور الغربي الذي يتألف من أمريكا وكندا وأوروبا وبريطانيا وأستراليا، ازداد تماسكاً بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، والمحور الشرقي الذي يتألف بشكلٍ واضح من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية بالإضافة إلى العديد من الدول ذات الشأن التي تلعب على أوتار اللعبة السياسية، فأحياناً تدور في فلك الغرب وأحياناً أخرى تغرد مع محور الشرق، وكلا المحورين يبحث عن مناطق النفوذ في أفريقيا وأسيا الوسطى والشرق الأوسط.

تعدُّ سوريا من حيث الموقع الجغرافي من أهم دول الشرق الأوسط لأنها تستطيع ربط الشرق والغرب بأقصر الطرق، وهذا الموقع الجغرافي الهام أثّر على ثورة الشعب السوري ضد الدكتاتور بشار الأسد، لأن الدول التي تبحث عن الجغرافيا السورية سارعت إلى مساندة النظام السوري لوجستياً وعسكريًا، وقضت على ثورته، وشردت الشعب السوري. فالصين دعمت النظام لوجستياً، وفي المحافل الدولية، وساهمت روسيا وإيران عسكرياً ولوجستياً والدول الثلاث يعتبرون سوريا مفتاح الوصل لمخططاتهم. فالصين تحتاج إلى الجغرافيا السورية لمدِّ طريق الحرير إلى البحر المتوسط ومن ثم إلى أوروبا، وروسيا تريد الوصول إلى المياه الدافئة، وإيران تبحث عن الهلال الشيعي بالإضافة إلى ربط اقتصادها مع الاقتصاد الصيني وتساعد الأخيرة على فتح طريق الحرير».

يتابع ملكي: «إزاء كلّ ما يجري لم يبقَ المحور الغربي مكتوف الأيدي، فبعد القضاء على داعش لم تخرج من المنطقة ليس فقط من أجل ملاحقة فلول التنظيم الإرهابي، بل لمواجهة المخططات الروسية الصينية والإيرانية أيضاً، وتحوّلت بذلك الجغرافيا السورية إلى مناطق نفوذ ثلاثة، ويحاول الروس والإيرانيين والنظام السوري إخراج القوى الغير شرعية حسب زعمهم من سوريا وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحالف الدولي، وذلك بتشكيل فصائل مناهضة للوجود الأمريكي، مكررة بذلك تجربة خروج القوات الأمريكية من العراق، ومستغلة الصراع العرقي بين الكورد والعرب، وسارعت إلى تشكيل القوات الشعبية في محيط محافظة دير الزور. بالمقابل تؤسس قوات التحالف جيش من العشائر العربية السنية لمواجهة المد الشيعي في سوريا.

النظام السوري يعاني من أزمة اقتصادية خانقة بسبب الحصار الذي فرضه التحالف الدولي، ولم تنجح جهود الوساطة الروسية الصينية إلى إعادته إلى الحاضنة العربية، ويرى السبيل الوحيد والدواء لدائه هي السيطرة على كامل التراب السوري وعلى منابع الطاقة والغذاء، وبذلك يؤمن إسكات الشعب المنتفض من جديد في درعا والسويداء، وإذا ما استمرت المظاهرات سوف تمتد إلى مناطق أخرى ربما الساحل وحمص وحماة والسبيل إلى ذلك السيطرة إثارة النعرات العرقية بين الكورد والعرب في مناطق ديرالزور والحسكة.

أصبحت العشائر العربية في شرق سوريا موضع اهتمام من الشرق والغرب، فيحاول النظام والروس والإيرانيون عزل العناصر العربية من قوات سوريا الديمقراطية، وضمهم إلى القوات الشعبية التي شكلتها إيران لمواجهة الوجود العسكري الأمريكي، وفي نفس الوقت تعمل الإدارة الأمريكية تشكيل جيش من العشائر العربية السنية بالتعاون مع تركيا، وضمّها إلى المعارضة السورية للسيطرة على الحدود السورية العراقية، وطرد المليشيات الإيرانية من محيط دير الزور».

يضيف ملكي: «إن الأنظمة الديمقراطية في العالم تواجه مشكلة تغيير السياسات بتغيير السلطات أو الرؤساء كما في الولايات المتحدة الأمريكية فلا يوجد ثباتية في ديمومة سياساتها وخاصة في فترة دونالد ترامب بعد أن تنصل من الاتفاق النووي مع إيران، بعد إن وقعها سلفه باراك أوباما، فتولد خوف كبير لدى جميع دول العالم من ناحية عدم وجود استراتيجية ثابتة وملزمة لجميع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت سيطرة النزعة الفردية تؤثر على السياسات الاستراتيجية، فعلى سبيل المثال انسحاب الجيش الأمريكي من العراق في عهد أوباما أظهر خطأ تقديرها الآن بشكلٍ واضح، فلا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية مواجهة التوغل الإيراني في العراق، فهي مضطرّة لمواجهته في قطع الحدود السورية العراقية أمام المد الإيراني. تعزز أمريكا عدد قواتها في سوريا والعراق بزيادة عددها وتحويلها من جنود استشاريين إلى قوات قتالية حقيقية بشكل غير معلن ودون إبلاغ الحكومة العراقية، وهذا ما يقلق الجانب الإيراني وأذرعه في العراق، فتقوم بالضغط على حكومة محمد شياع السوداني وإجباره على التنصل من الاتفاقيات الموقعة لحظة تشكيل حكومته مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والإطار التنسيقي، وخاصة ما يتعلق منها بوضع كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها وقانون النفط والغاز وميزانية الإقليم، وهي بذلك تعارض الموقف الأمريكي الذي يضغط على الحكومة العراقية للمضي قدماً في تطبيق الدستور العراقي.

إيران تمارس الضغط على الحزب الديمقراطي الكوردستاني لإجباره على الخضوع للمطالب الإيرانية عن طريق أذرعه من الحشد الشعبي في شنكال وكركوك لخلط الأوراق وعرقلة استقرار العراق الفيدرالي، وتحاول بشتى الوسائل إلغاء فيدرالية العراق عبر تأجيج الفتن الداخلية بين الكورد ذاتهم وبينهم وباقي مكونات العراق، بالمقابل لم يبقَ التحالف الدولي بدون أيّة ردّة فعل، فهي بالمرصاد تجاه التحركات الإيرانية في كلٍ من سوريا والعراق، وتتدخل بشكلٍ مباشر لحل النزاع بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية بالطرق السلمية، وسيتم حل النزاع بالوساطة الأمريكية، ولا تترك مجلس دير الزور العسكري لقمة سائغة بيد المليشيات الإيرانية، كذلك تعمل السفارة الأمريكية في العراق على قدم وساق، وتمارس الضغوط على حكومة السوداني من أجل الإيفاء بوعودها في حل الملفات العالقة مع حكومة إقليم كوردستان، وبدت واضحة أثناء زيارة الوفد العسكري العراقي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من أهم نتائج الزيارة التطورات الأخيرة في كركوك، حيث قررت الحكومة العراقية تسليم واحد وثلاثين مقراً سابقاً للحزب الديمقراطي الكوردستاني في كركوك، وهو ما لم يرق لإيران وتركيا معاً، وحرضوا أذرعهم من الجبهة التركمانية والحشد الشعبي الذي يحرّض بدوره المكون العربي ودفعهم إلى التظاهر ضد عودة الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى كركوك، في خطوة مخالفة للدستور العراقي، ويشاطرهم الرأي بشكلٍ لا غبار فيه الفصائل الكوردية الموالية لإيران».

يشير ملكي: «إلى أن لكل فعلٍ من أحد المحورين يقابله رد الفعل من المحور الآخر وفي النتيجة النهائية لا تستطيع الفصائل الشيعية الرئيسية رفع راية العداء لأمريكا ولا حتى فصائل من الحشد الشعبي وتلبي مطالب إيران على حساب مستقبل الشيعة في العراق، وقيادات الحشد بذاتها مهددين، ويواجهون مصيراً أشبه بمصير قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس فيما إذا ساهموا في تنفيذ مخططات إيران في العراق، وإن الوضع في العراق معقد جداً، ولا يستطيع أي مكون الاستفراد في السلطة، وإن ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية فقط يحدث في العراق وسوريا وباقي الأفعال كلها زوبعة في فنجان وجعجعة بلا طحن».

الأحداث المتسارعة والصراع على النفوذ

تحدث الكاتب، عبداللطيف موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «يلاحظ كل متتبع للمسار الذي تجري من خلاله سير الأحداث على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والفكرية في المنطقة عاماً وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص، بأنه ثمة متناقضات في المفاهيم ودراماتيكية سير الاحداث من خلال صراع المصالح، والتنافس على توسيع النفوذ بين القوى الدولية والإقليمية في المنطقة من خلال فرض الأجندات على حساب شعوب المنطقة متناسيين في ذلك القرارات الاممية لكل شعب الحق في تقرير المصير وحقوق الانسان في التعبير ومقاومة الديكتاتورية بكل أشكالها ومع نشوء الدولة التركية الحديثة والتنافس والصراع على محو هوية الشعوب والاقليات ومحاولات انصهارها في بوتقة الدول الشمولية والتي ظهرت جلياً في فلسفة أتاتورك المعروفة بشغفها في محو الهويات القومية والعرقية.

يؤكد موسى: «ما يجري من أحداث في سوريا عامة، وفي السويداء ودير الزور، وباقي المناطق على وجه الخصوص وعلى كل مستوياتها المعيشية والفقر والجوع وأحداث سياسية، بل هو تعبير حقيقي عن انعدام افق الحلول السياسية لإيجاد نهاية للأزمة السورية تفضي إلى إنهاء معاناة السوريين، إنها تعبير حقيقي عن الصراع المستمر بين القوى والدول العظمى امريكا وروسيا، وكذلك الدول الإقليمية تركيا وإيران في التنافس والصراع على تحقيق أجنداتها وصراعاتها على توسيع النفوذ على حساب الشعب السوري واستمرار معاناته.

الصراع والتنافس بين الولايات المتحدة ورسيا على أشده في سوريا من خلال قيام روسيا بتعزيز نفوذها في سوريا، والمحافظة على إمبراطورتيها وآخر قلاعها في الشرق الأوسط، والمساومة والابتزاز في مصير السوريين على طاولات البازار السياسي، واستعمال الفيتو ضد أية مبادرة على توافق مع مصالحها والدخول في اتفاقيات مع ايران وتركيا والبعض الدول الاخرى في المساومة على كسب المصالح، وكذلك الولايات المتحدة الامريكية تعمل جاهداً في خلق كل الظروف على الارض من أجل الحفاظ على مصالحها».

يتابع موسى: « ما قمت بذكره في الفقرة الاولى بخصوص ما يجري على الأراضي السورية هو امتداد واستمرار لسياسة التنافس على النفوذ والمصالح من خلال الربط الحقيقي في الصراع السياسي وفي المنابر الدول إلى صراع يلقي بمفرزاته على الأرض من خلال خلق واقع حقيقي كما الصراع المسلح في دير الزور ومنبج وادلب والساحات والجبهات وميدان القتال وخطوط التماس، طبعاً ما يجري في ديرالزور وهو صراع سياسي بامتياز يتجسد في صراع ميليشياتي يعبّر عن الصراع على توسيع النفوذ لتلبية مصالح وأجندات القوى الدولية والإقليمية المشاركة في الأزمة السورية، وباعتقادي ما يجري في دير الزور يمكن أن يحصل في أي بقعة أخرى من الجغرافية السورية».

يشير موسى: «ان ما يجري من أحداث في المناطق السورية ولاسيما في دير الزور له ربط وتأثير مباشر وذات صلة في ما يجري في كركوك وقطع ميزانية اقليم كوردستان من قبل بغداد وبإيعاز إقليمي، ويعود الربط في الأحداث الى جملة من الأمور، ومن أهمها هي ذاتها نفس الدول العالمية والإقليمية المتصارعة في سوريا والعراق وكركوك، وكما أن تلك الصراعات تجد لنفسها البيئة السهلة نتيجة محو الخارطة الحدودية السورية والعراقية، وكذلك محاولات تصفية الحسابات الإيرانية والتركية والأمريكية، ومحاولات تصدير مشاكلها الداخلية إلى الأراضي السورية والعراقية ومحاولات خلق الفوضى في ظل غياب أي اشكال حكومات حقيقية في بغداد ودمشق لعمل الكثير من الدول على استثمار، هذا الضعف في الحكم وجعلها في خدمة مصالحها واجنداتها».

يضيف موسى: «أن السياسة الأمريكية تقوم بالاعتماد على وقائع الأمور والابتعاد عن المشاعر والعوامل العاطفية، وكما أنها أحياناً لا تعير الكثير من الاهتمام للمواثيق الدولية ولاسيما التي تتحدث عن حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقوق الإنسان، وكل هذه الأمور والعوامل التي تبنى عليها الاستراتيجية الأمريكية تكون في مصلحة امريكا وتحقيق مقولة أمريكا أولا هذا الأمر الذي يترجم في سكوتها عما يحدث في كركوك، وكذلك الضغوطات الإقليمية عبر بغداد على إقليم كوردستان يستفهم من ذلك هي الوصول إلى تفاهمات حقيقة بين أمريكا وايران.

يختم موسى: « كل الأمور والأحداث والمستجدات المتسارعة ستقود إلى الصراع على النفوذ والمصالح على الجغرافيا السورية والعراقية، وكما أنها ستكون ذات تأثير مباشر على سكان المنطقة، وبكل مكوّناتها وعلى حساب حقوقها، وأبسط مقوماتها، إذ لابد من أن يتوفر الوعي لتلك المكونات والتسلح بالوعي والمعرفة، ونبذ أفكار التفرقة الناجمة عن الجهل التي يحاول البعض من خلالها إثارة النعرات الطائفية والقومية والمذهبية لخلق البيئة المناسبة لتأجيج الصراع بين تلك المكونات، وكما يتوجب على المكونات الانطلاق من الإرث التاريخي والحضاري في التعايش والمحبة التي عاشتها كل تلك المكونات والوحدة فيما بينها لأن الخاسر الأكبر من كل تلك الصراعات التي تحاول الدول العالمية والاقليمية تغذيتها هي المكونات المتضررة منها كونها ذات تماس مباشر على حياتهم اليومية».

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.