المجلس الوطني الكوردي في سوريا

تحت جناحي عامودا…. إبراهيم اليوسف…

76

لا ليس مبكراً

أن توقدي فوانيسك

فتائلها موغلة في الطين
ووجهك يظهر لي
وأنا بعيد عن إسفلت الشارع
يؤدي إليك
ليس مبكراً
أن أعرف طريق المقبرة
الهادئة
زرتها أكثر من مرَّة
من قبل
ومن بعد
تقرّيت رائحة السينما المختلسة
في وجوه الأمهات الثّكالى
بعد كل هذا اللهاث وغبش الشواهد
تقرَّيت أفياء الخرنوب قرب إطلالة عصرونيات
المدينة
تقرَّيت قامتك
نهرالخنزيرالميت
الوجوه العجفاء
في حقول الحنطة
ودخان الحصادات
تقريت رائحة البارود
واخزاً
منذ خشخشات فرنسا ومفارز العسكر
وبدلات الضيوف الطارئين
في بقع الدم ونفط المركبات المستأجرة
أعرف أعمدة أعلامك
أعرف أعمدة كهربائك
في ضوئها المضطرب
أعرف ظلالها الأفقية
أعرف أسماء القديسين
في موكبهم الرّذاذي
خفّ إليهم الشيخ سعدالدين في صدى لصور أخوة يوسف
خفَ إليهم” الشيخ عفيف” يكمل لهم دمعاته
في الكتاب الأخير
يسرد ما لم يقله أحد
خفً إليهم شعراء المدينة
فلاحوها
مهربوها
نادلو مطاعمها
جلاس مقاهيها
مجانينها
حزبيوها
حكماؤها
تجارها
طلاب مدارسها
نساؤها
في خجل رنين الخلاخيل
ووزر الحنَّاء
ها هم كلهم الآن
في مرمى”الدوشكا”
في مرمى طيش الجهلة
افردي البياض..!.
افرديه..!
افردي المساحات
قليلاً
ذهب أسئلتك
يبلله الدم
على وسائد القطن
هذا النهار الخجول

يبلله صوت المؤذن
حذار…!
لا تعلني أكثر من هذا الصمت..!
لا تعلني أكثر من هذا الحداد القويم….!
الأفق يميل عليك في بوح
وصلوات إمام يسبق هبوب الخبر
ذهول بيوت الطين
القامة في غروب الموسيقا
الدويُّ المرتطم بالأبواب
والغيمات الهاربة بوقع الأصوات
تقرع الفجاءة ذابلة
هاك انكسارة النعناع
ولا تخفضي جناح الذل إلا لقامتك
هاك استغاثة السقاء المرئي
هاك استفزاز الهواء
عالياً
كما لا يمكن
أعرف أن المداخل مرهونة
بالرهبة
وأعناق الخفر والرشاشات
أعرفك
في ألقك المهذب
تفكين جديلتك
فوق الوشاح الأسود
ورائحة النارنج
أميرة
جبلية

ليس مبكراً يا صديقتي
أنا من تأخرت
ولا عذر..!
أنا من وصلت في غرغرة الموعد
ولا تحية…!
ها أنا أقصدك
بأثقالي
الليلة
وحيداً
أسير بشموعي التي لا تظهر
في غمرة أغنيات الأمهات
تستذكرنَ
ذلك الفيلم القصير
أبطاله المتهافتين
أشداقهم المفتوحة
عظاتهم العظمية
خطّ رصاصاتهم الأعرج
الدم يسيل من أزرار قمصانهم
ورغوة الطيش
الدم يبقع كتب الجامع الكبير
سجادة الشيخ الذاهل
وتكبيرات المأمومين
الدم يسير الهوينى على عكاكيز خرساء
الدم يسير في الشوارع
الدم يشكل نهره
ليس مبكراً
أن أكتب قصيدتي
أرثي سرب الأحلام
وأنا أواري تموز سريعاً
أكواز الماء
على أكتاف النسوة المرتبكات
يرششن تراب القبور
ويتركن وردهن الذاهل
على المصطبة المطلة
تحت ثقل
دبق العتمة
بطيئات
ليس من هتاف سادر
أكثر مما يسيل من بين أصابع الوقت
الظليل
هاكِها في لهيبها الفضيّ
هاكها في عسل الخابية
هاكها حلوة أو مرَّة
كما رحيق الحيرة
خطى الشهداء في غبارهم البرونزي
يشكلون دائرتهم
ويحددونها بالكواكب
ولعاب الساعة
في حدادها الأول
تحطُّ عليها سنونوات
الخسارة
حافية
ليس مبكراً
أن تظلَّ
ليس مبكراً
أن تمضي
ليس مبكراً
أن تكفكف دموع الأشجار
تصطاد حصرم السهو
مكرراً
في خذلان
مكررا في بوصلة
تتيه
وأنت
تسحبين اخضرارك
كما منارة مخضبة بالرفيف…!

التعليقات مغلقة.