المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي لحزب يكيتي الكردستاني – سوريا 

95

 

عقدت اللجنة السياسية لحزبنا اجتماعها الاعتيادي في أواسط شهر تموز، و خلُصت اللجنة لدى دراستها الأوضاع في سوريا والمنطقة ، على أنه من السذاجة تناول الأزمة السورية بمعزل عما يدور في الشرق الأوسط من استفحال للأزمات في دول عدة  مثل ليبيا واليمن والعراق وفلسطين، حيث لا يُخفى على أي متابع للحالة السياسية في الشرق الأوسط ، بأن المنطقة تعيش مخاضاً عسيراً، تنبئ بحصول تغييرات كبيرة على الخارطة السياسية للمنطقة وكذلك تغيير في بنية وايديولوجية الأنظمة الاستبدادية، التي هيمنت على شعوبها بعد الحرب العالمية الثانية، بدعم وتوجيه من القوى العالمية المؤثرة على القرار الدولي وتحديدا روسيا وأمريكا ، لكن الإنفجار الذي  أحدثه بوعزيزي بحرق نفسه قبل 9 سنوات رداً على ظلم وطغيان هذه الأنظمة، قد كشف الغطاء عن قذارة وفساد وقمع هذه الأنظمة لشعوبها و لاقى صدى لدى كل شعوب المنطقة، لتطالب بالديمقراطية والحرية والكرامة ،  و بدأت الأنظمة الدكتاتورية العربية تتهاوى كأحجار الدومينو بدعم وتأييد من القوى الدولية ، لكن غلبة التيار الإسلامي على المشهد السياسي للثورات وظهور تيارات إسلاموية متطرفة إرهابية تمارس الإرهاب ضد كل من يخالفهم في الرأي كداعش وجبهة النصرة ، و سيطرتها على مناطق شاسعة في سوريا والعراق وليبيا، إضافة الى بروز إيران كقوة إقليمية جامحة للهيمنة على المنطقة، أربكت الغرب والقوى الإقليمية، فبدأت بالتفكير جديا لوقف هذا التوجة الخطير والذي سيؤثر على السلم الدولي ككل،  خاصة بعد أن يتم  إستحواذ تلك التيارات على منابع النفط في الشرق الأوسط  ، ومن هنا كان لابد من تشكيل تحالف دولي ضد القوى الإرهابية في المنطقة، وتحجيم الدور الإيراني، خاصة بعد أن استلم ترامب سدة الرئاسة الأمريكية وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران من جانب واحد، مترافقا بسلسلة من العقوبات القاسية، وكانت النتيجة القضاء على داعش وإنهاء “دولة الخلافة” في سوريا والعراق ، ودعم حفتر للقضاء على القاعدة في شرق ليبيا، وعلى الرغم من انهاء أو تحجيم دور هذه المنظمات في عدة مناطق إلا أنها لازالت نشطة في مناطق أخرى كإدلب وصحراء  الأنبار وتدمر وسيناء وليبيا.
أما بالنسبة لإيران فقد أثرت العقوبات بشكل كبير على اقتصادها وعلى اندفاعها الإقليمي في التمدد، و حاولت  ممارسة سياسة الهروب الى الأمام والسير على الحافة وفق مبدأ (عليَّ وعلى أعدائي ) وذلك بخلق اضطراب وخلط للأوراق في المنطقة والتهديد بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، و عليه فقد حبس العالم أنفاسه خوفاً من نشوب حرب مدمرة في المنطقة، خاصة بعد إغراق عدة حاملات للنفط في الخليج وبحر العرب وإسقاط طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار، وتراجع ترامب في اللحظة الأخيرة عن الرد ، بتدخل أوربي وروسي ، مع إرسال روسيا رسائل واضحة لإيران بأنها لن تقف معها بأي حرب تشنها في المنطقة و رفضت بيع صواريخ س400 لها، إضافة إلى بروز تنسيق بين روسيا وأمريكا  واسرائيل وبدعم من الدول الخليجية للبحث عن وسائل للتفاهم حول الترتيبات الجديدة في المنطقة، خاصة باتجاه الضغط على إيران و تحجيم دورها في سوريا والعراق واليمن، والقبول بالحوار وفق ما ترتأيه أمريكا.
ومن الملاحظ بأنه منذ أكثر من شهر خفّت لهجة التهديدات المتبادلة بين أمريكا وإيران و حلت محلها لغة الحوار والتفاوض والبحث عن حلول لأزمات المنطقة.
وتأسيساً على ما سبق فقد رأت اللجنة السياسية بأن المنطقة تتجه في المرحلة المقبلة نحو :
– استمرار التحالف الدولي حتى إنهاء وجود المنظمات الإرهابية كداعش والنصرة وملحقاتهما في جميع مناطق تواجدها، سواء بشكل مباشر أو بدعم القوى المحلية لوجستيا.
– تحجيم دور إيران في المنطقة وإرغامها على التخلي عن دعم المنظمات الموالية لها خارج حدودها كالحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين وسحب المليشيات الموالية لها من سوريا والضغط عليهم باتجاه قبول الحلول السياسية في دولها، وماحصل في العراق من حلٍّ للمليشيات العراقية ودمجها في قوام الجيش العراقي ليس إلا دليل على ذلك ، بهدف تقليص دور إيران في العراق ، حيث معظم هذه المليشيات موالية لإيران وليس للعراق .
– تحجيم دور التيار الإسلامي المتمثل بالإخوان المسلمين وتوابعهم في ليبيا وسوريا وفلسطين ومصر وتركيا وذلك بقطع الدعم الدولي عنهم مترافقا بتشجيع ودعم القوى الديمقراطية والليبرالية ، وما حصل في الإنتخابات المحلية في تركيا يصب في هذا الإتجاه والطلب من الدول الخليجية إعادة النظر بمناهجهم المتشددة دينياً كالسعودية و القطر.
– إنهاء وجود p k k في العراق (قنديل – شنكال – مخمور ) بالتنسيق بين الحكومتين العراقية والتركية وبما اتفقت عليه وزارتي دفاع الدولتين قبل عشرة أيام في أنقرة ، مع دعم لوجستي أمريكي، والبحث عن حلول سياسية للقضية الكردية في تركيا من خلال السيد عبدالله اوجلان وحزب الشعوب الديمقراطية ، وقد تكون العودة للاتفاقات السابقة مدخلاً لهذا الحل.
أما بالنسبة للوضع في سوريا، فمن المرجح أن يتم توزيع الجغرافية السورية الى مناطق نفوذ بين أمريكا وروسيا وتركيا حسب الواقع الحالي بإنتظار الحلول السياسية.

المنطقة الاولى :
شرق الفرات وتكون تحت النفوذ الأمريكي حيث يتم العمل على تشكيل إدارة مدنية مناطقية من أبناء المنطقة  وتشكيل مجالس عسكرية محلية ، وربطها عبر لجنة تنسيق مشتركة تحت الإشراف الأمريكي أو التحالف الدولي مع إبعاد كافة العناصر غير السورية من أعضاء  pkk ،  وبذلك سوف يؤدي  هذا الإجراء إلى تفكيك قوات الحماية الشعبية ypg وتوزيعها على المجالس ، دون وجود قيادة موحدة خاصة بهم ، بالإضافة إلى العمل على التقارب بين المجلس الوطني الكردي وحزب الإتحاد الديمقراطي p y d لتشكيل وفد مشترك لمباحثات جنيف، خاصة بعد أن منعت أمريكا الحوار بين النظام و  p y d  و من الجدير بالذكر بأن فرنسا تقوم بهذا الجهد ، لكن لم يحصل حتى الآن أي تقدم يُذكر بسبب تماطل p y d واللعب على عامل الوقت  وعدم قدرته بنيوياً على العمل المشترك ، كما قد يحصل تقدم في مسار المنطقة الآمنة إرضاءاً لتركيا.
المنطقة الثانية :
تبدأ من جرابلس والباب وعفرين وإدلب وبعض الأجزاء من ريفي حلب وحماة وتكون تحت النفوذ التركي و توكل لها مهمة إنهاء جبهة النصرة في هذه الجغرافية وتشكيل إدارة مدنية برعاية الائتلاف وخلق إستقرار أمني في المنطقة خاصة بعد فشل الحل العسكري الذي إتبعته روسيا ومعها النظام السوري من إحراز أي تقدم ملموس على الجبهة منذ 3 أشهر.
المنطقة الثالثة :
تشمل ما تبقى من سوريا التي سوف تكون تحت الاشراف الروسي وتوكل إليها إنهاء دور إيران عسكريا في تلك المنطقة بالتنسيق مع إسرائيل و السماح للأخيرة بحرية التحرك في الأجواء السورية لمراقبة النشاط العسكري الإيراني وحزب الله وضربها متى اقتضت الحاجة ، على أن يترافق كل ذلك مع عودة اللاجئين وإعادة الإعمار و تشكيل اللجنة الدستورية والبدء بعملها في جنيف في المرحلة المقبلة، وتبقى الأوضاع على ما ذُكر إلى أن تنجز اللجنة الدستورية عملها  وتعرض مسودة الدستور الجديد  للإستفتاء ، ومن ثم إجراء انتخابات عامة وفق الدستور الجديد و تحت إشراف دولي مباشر.
إن ما ذُكر ليس سهل التطبيق ،  و قد تحصل اضطرابات هنا وهناك بفعل القوى المتضررة من الأوضاع الجديدة التي ستؤول إليها سوريا، وخاصة إيران التي تستمر في سعيها للتدخل في شؤون المنطقة ، ومنها دفع pkk باتجاه إعلان تشكيل قوة عسكرية جديدة في قنديل تحت مسمى قوات حماية جنوب كردستان ، لزعزعة الاستقرار في إقليم كردستان العراق لضرب حالة التفاهم و استقرار العلاقات الإيجابية بين الإقليم و تركيا.
ورأى الاجتماع بأن التطورات الإيجابية التي جرت على ساحة كردستان العراق، حيث شهدت تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة الأخ مسرور بارزاني، شاركت فيها جميع  القوى الكردستانية الأساسية، ذلك بعد أن فعّل برلمان الإقليم منصب رئاسة الإقليم و تبوأه الرئيس نيجيرفان بارزاني الذي بدأ بتعزيز العلاقات بين هولير و بغداد أولاً ، وكذلك مع تركيا و أمريكا و الدول الأوربية الأمر الذي ينعكس ايجاباً على الساحة الوطنية السورية  ومنها الساحة الكردية، لِما للإقليم من مواقف ثابتة داعمة للقضية الكردية والثورة السورية .
وقيمت اللجنة السياسية الأوضاع في منطقة عفرين، فأدانت الانتهاكات الأمنية التي تحدث فيها ، حيث تقوم فصائل مسلحة هناك بإختطاف المواطنين و تستولي على ممتلكاتهم و تمارس النهب و القتل ، و رأت بأنه على الائتلاف الوطني السوري الذي تسيطر فصائله عليها و بالتعاون مع الحكومة التركية وضع حد نهائي لهذه الانتهاكات و تمكين سكان المنطقة من إدارة أمورها و حماية نفسها.
وتوقف الاجتماع على الحرائق التي أصابت المحاصيل الزراعية للمواطنين في الجزيرة ، و كذلك التفجيرات الإرهابية الأخيرة في المناطق الكردية ، واعتبرها محاولات يائسة تهدف إلى دفع المزيد من أبناء المنطقة إلى الهجرة و تخويف المهجرين الراغبين بالعودة إلى الوطن لإعادة النظر في قرارهم.

اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردستاني – سوريا
قامشلو
1‪5/7‪/2‪019

التعليقات مغلقة.