المجلس الوطني الكوردي في سوريا

قراءة في قانون (٧) لعام ٢٠٢٠ الصادر عن الرئاسة المشتركة للمجلس العام في الادارة الذاتية لشمال شرق سوريا بشأن الغائب

142

قانون ادارة املاك الغائب

قراءة في قانون (٧) لعام ٢٠٢٠ الصادر عن الرئاسة المشتركة للمجلس العام في الادارة الذاتية لشمال شرق سوريا بشأن الغائب

المحامي أكرم شمو

بدايةً نقول: القوانين كما هو معروف تصدر عن جهةٍ مخوّلة وشرعية وتكون عادةً من مجلس شعبٍ منتخب وخاصةً في الانظمة الديمقراطية أو عن هيئةٍ تاسيسية متفق عليها أو من ملكٍ شرعي أو رئيس جمهورية شرعي ودستوري وتخضع للنقاش والمداولة ومن ثم يُطرح للتصويت عليه ومن ثم المصادقة عليه من رئيس الدولة أو الملك مثلاً أو اعلى سلطةٍ تنفيذية في البلاد وهذه من الناحية الشكلية أما غير ذلك فتكون ( فرمانات ) و أوامر عسكرية أو إدارية تُفرض بالقوة وتفتقد للشرعية أو المشروعية وعلى الناس الطاعة دون اعتراضٍ أو مناقشة أو انتقاد
أما من حيث المضمون
وبقراءةٍ سريعة لقانون ( ٧ ) لعام ٢٠٢٠ هناك ملاحظات لا بدّ من سردها

– في المادة ( ١) وفي تعريف
الغائب هناك تجاهل لصفة الوكيل والذي يعتبر أهم نظام قانوني في تنظيم العلاقات بين الناس ونظراً لأهمية دور الوكيل في التعاملات وإدارة الأموال والعلاقات تكاد لا تخلو أي منظومةٍ قانونية وفي جميع أنحاء العالم من الوكيل والوكالة وتكون متقدّمة في العلاقات القانونية على الأقارب جميعاً لذلك تجاهل وابعاد الوكيل يشكّل خطورةً كبيرة على مصالح الناس وفيه إجحاف لحقٍّ تحفظه معظم الدساتير والشرائع والأعراف وشرعة حقوق الإنسان .
– في المادة (٤) فيه مخالفة صريحة لمبدأ أساسي من مبادئ القانون وهو الحكم على التعاملات والتصرفات بأثر رجعي حيث نصّ القانون على كلّ تصرفٍ أو معاملة سبق صدور القانون يُعتبر تصرف مؤقت لحين البتّ فيه وهذا يحكم على ماسبق من تصرفات قبل صدوره وهذا إجحاف وظلم لأنه لايجوز الحكم بأثر رجعي على ما تمّ سابقاً مثلاً لو صدر قانون بمنع الوقوف في شارع معين وفرض مخالفة على ذلك فهل يجوز أن تنسحب المخالفة بأثر رجعي على كلّ من سبق ووقف في هذا الشارع قبل صدور القانون طبعاً لايجوز وغير ممكن الحكم على المباح سابقاً بحكم الممنوع لاحقاً إذا كان يجب أن يكون من تاريخ نفاذ القانون الجديد مثلاً
– في المادة ( ٦ ) بالنسبة للقيّم فهو بحسب القانون السوري والشرائع والأعراف معظم الدول كالتالي:
القوامة : القيّم هو القائم على إدارة أموال المجانين والمعتوهين والسفهاء أو المغفّلين … وهو بمثابة الولي والوصي في إدارة أموال القاصرين
إذاً بهذا القانون .

يمنح سلطات الوكيل إلى القيّم ويعامل الغائب معاملة المجنون والمعتوه والسفيه والمغفل ..

– في المادة (٧) يعطي للغائب وهو المتضرّر من القانون حق الاعتراض ورفع الدعوى وهذه استحالة اذ كيف يكون المتضرّر الغائب ويرفع دعوى اعتراض وكيف سيبلّغ هذا الغائب ثم هل للإدارة مصدّرة القانون سفارات وقنصليات بالخارج حتى يتمّ مراجعتها وتقديم الاعتراض على أحكامها مثلاً فيما لو تبلّغ الغائب (الذي من المفترض لايعلم بذلك على الأغلب ) بالإجراءات التي تفرضها هذا القانون على أملاكه وأمواله
– المادة (١٠)
تقول وضع ريع الأملاك في خدمة تنمية المجتمع..
وهذا تعدّي صريح وواضح على حق الملكية المصان بالقوانين والأعراف الدولية والشرائع السماوية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومخالف لنظام الغائب المعمول به في الكثير من الدول والشرائع لأنه عادةً يجب وقف ريع اموال الغائب إلى حين قدومه أو ثبات وفاته وعندها تذهب إلى ورثته أما أن تصادر ريع الأموال لصالح المجتمع فهذا ابتكار جديد وسابقة خطيرة في التجاوز على حق الملكية
– المادة (١٤)
في البند ( أ ) يفرض على الغائب الحضور بذاته أو احد أقاربه حتى الدرجة الثانية الحضور لاستلام أملاكه وإلا سيكون مصير الأموال الاستيلاء عليها وهذا تهديد صريح وواضح لفرض العودة على الغائب والذين هاجر أغلبهم تحت ظروف صعبة وقاسية معلومة للجميع والآن القانون يخيّره بين العودة خلال سنة أو الاستيلاء على أملاكه وهذه مخالفة لحق التنقل والهجرة الذي تحفظه معظم القوانين الوضعية والشرائع السماوية والأنظمة الديمقراطية والأعراف الدولية وحقوق الإنسان
– المادة (١٥) يفرض على الغائب العائد الإقامة لاكثر من سنةٍ وإلا كلّ تصرّفه بأملاكه لايعتد به وهذا مخالفة أخرى لأبسط حقوق الإنسان من فرض إقامة جبرية وحجز حرية وشرط تعجيزي فيه الخيار بين الإقامة في شمال شرق سوريا والحفاظ على ممتلكاته أو العودة إلى الخارج حيث إقامته ومركز عمله ومن ثم الاستيلاء على ممتلكاته .
– في المادة (١٩)
بخصوص الغائب المسيحي حيث تمّ تخصيص جزء من الشعب بمعاملة خاصة وهذا ينافي أهم مبدأ من مبادئ شرعية القوانين وهو مبدأ المساوة أمام القانون إلا في حالاتٍ استثنائية وهي تكون عادةً بخصوص الأحوال المدنية والشخصية كالزواج والطلاق والنسب والمواريث والوصاية ..
أما أن يكون التميّز لجهة التصرفات المادية فهذا لايجوز ويفقد القانون مشروعيته ثم لماذا فقط المكوّن المسيحي يخصّ بهذه الخصوصية أين خصوصية المكون اليزيدي مثلاً ؟
وأخيراً هل يجوز لرئاسة مجلسٍ عام حتى وإن كان رئاسة مجلس شعبٍ أن يصدر قوانين؟
أليس هذا هو بالأصل اختصاص مجلس شعبٍ منتخب انتخاباً دستورياً وحقيقياً و رئيس الدولة أو الملك؟
كلّ هذه الملاحظات وغيرها على هذا القانون يجعله مخالفاً لأصول القانون شكلاً ومضموناً وفاقداً لشرعيته ويجب على المعنيين بالأمر إعادة النظر به لأنه يمسّ حقوقاً أساسيةً من حقوق الإنسان وهو حق الملكية وحق التنقل والحرية في العمل والمسكن
وحق المساواة أمام القانون.

التعليقات مغلقة.