المجلس الوطني الكوردي في سوريا

الكاتبة نسرين تيللو : “ليسخّر كل رجل قوته لإحاطة وردته وعشه بالرعاية والإهتمام . والمرأة بدروها , ستملأ روحه عطوراُ وبهجة “.

106

المرأة الكوردية أقدمت على خطوات كبيرة في الآونة الأخيرة في مختلف مجالات الحياة ، وبخاصة في مجال الآدب والكتابة ، ومن اللاتي برزت بشكل كبير هي الكاتبة والشاعرة نسرين تيللو أبنة مدينة قامشلو،  فكان لموقعنا الحوار التالي معها .

R-ENKS  

: هل تختلف كفاءات العقول تبعاً للإختلاف البيولوجي بين الإنثى والذكر  .!؟ بمعنى آخر ،  هل عقول النساء أقل كفاءة من عقول الذكور .؟
نسرين تيللو :

“جرت كتير من المساعي البائسة لأثبات أن الكفاءة العقلية والبدنية للرجل أعلى منها لدى النساء…! .

هذه التصنيفات ربطت المقدرات الذهنية بإلإختلاف البيولوجي , والجهاز الإنجابي, والغدد التناسلية.

كما وتم ربط هذا الإختلاف بالقدرات البدنية وحجم الدماغ . من خلال قياس محيط الجمجمة ووزن الدماغ وغيرها من القياسات البلهاء التي ظنت أن الأدمغة الأكبر هي الأدمغة الأفضل ..!!!!

في حين أن البشر يتفوقون على الحيوانات عقلياً رغم أن بعض الحيوانات تتفوق على البشر في قوتها الجسدية , وحجم ووزن أدمغتها الأكبر حجما, والأثقل وزناً , من الأدمغة البشرية .

كالحيتان والفيلة على سبيل المثال .
وهكذا يكون من الأفضل لنا  أن نعلم أن دماغ كل إنسان هو فريد من نوعه كالبصمة ،  والأفضل أن نفهم أن الإختلافات الفردية تأتي من طرائق تنشئتنا وتجاربنا ومستويات تعليمنا والمهن والرياضات والهوايات التي تعلمناها .

وأن فروقات الأدمغة هي حصيلة كل تلك العوامل الخارجية ،  نفهم ان أدمغتنا مرنة جداً و قادرة على التقولب والتكيّف مع ظروف حياتنا بكثير من السبل .

وأن أدمغتنا هي فعلياً من نتاج نمط الحياة الذي نعيشه، . لدى الرجال والنساء على حد سواء . .

وكل نشاط منظّم يغير من طبيعة أدمغتنا . وليس الجنس هو ما يحدد طبيعة المقدرات الدماغية” .

R-ENKS: 
هل تقصدين أن العقل البشري يتطور باستمرار بغض النظر عن نوع الجنس ؟

نسرين تيللو: “نعم ، فوجئ الباحثون أن العقل قادر على تشكيل خلايا عصبية جديدة باستمرار طوال مائة عام من عمره ، شريطة تدريبه على ممارسة الرياضة ، على قدم المساواة مع باقي الجسم.

عندما نرغب في الحفاظ على أكبر الفرص للنمو ، وذلك من خلال القراءة وحل الكلمات المتقاطعة .والتواصل مع المحيط ، ومشاهدة الأفلام ،  والمشاركة في الحوارات والنقاشات . .

ومن المهم أيضاً أن يكون الإنسان قادراً على إتخاذ المبادرة واتخاذ القرارات .

إذ بينت الحقائق أن الدماغ لديه مساحة كبيرة ليكبر مهما كانت أعمارنا”.

R-ENKS  :

هذه الدراسات التي اسميتها بائسة تستغل وتستثمر لتحول دون دخول المرأة سوق العمل .

أو من أجل حرمانها من دخول ميادين العلوم والتكنولوجيا، . بحجة أن الرجل أذكى..!!

ماذا تقولين  حيال ذلك ؟

نسرين تيللو : ”  التمثيل الناقص للمرأة في ميادين الحياة من علوم وتكنولوجيا. هو إعاقة وكبح لعجلة الإقتصاد . ويؤدي الى خسارة هائلة للمجتمع بوأد نصف كفاءاته.

فكم من كفاءة وِئِدَت بحجة أن المهارات العالية تخص الرجال فقط . في سعيِِ بائس لإثبات أن الكفاءة العقلية والبدنية للرجل أعلى منها لدى النساء…!

لكن بعد أن اسهبت في شرح ضلالية تلك الحجج ، يكون من الأفضل لنا أن نركز على مسألة غنى تجارب الحياة هي التي تؤدي إلى اختلافات في الدماغ لدى الرجال والنساء على حد سواء . .

والتطور يحصل بفعل جميع المؤثرات الخارجية وكل نشاط منظّم نمارسه ، ليغير من طبيعة أدمغتنا .

وليس الجنس هو ما يحدد طبيعة المقدرات الدماغية .وكل الدراسات عن مقدرات العقل لا تتعلق بعقول الرجال دون النساء”  .

R-ENKS  : 
ما السبيل برأيك إلى استعادة المرأة دورها للمشاركة في قيادة المجتمع , بعد أن حجمتها التصورات النمطية السابقة وابعدتها عن مراكز القرار . ؟؟

نسرين تيللو: ” نعم .. معظم التصورات السلبية عن مقدرات عقل المرأة وطاقتها البدنية قادم من افكار متداولة موروثة ورثة ، لا تمت إلى الواقع و الحقائق العلمية بشيئ .

فالافكار النمطية السلبية المسبقة تؤدي إلى ضعف الأداء في كل مهارة نريد تعلمها ،  فعندما نوحي سلباً لأي إنسان أن مهاراته الرياضية ضعيفة فإن هذا يؤدي الى ضعف أداء ذلك الفرد في اداء كل مهمة تتعلق بالرياضيات .

بسبب إضعافنا لثقته بنفسه ويحصل العكس عندما نوحي له في سياق إيجابي ، فالتجارب المعيشية إلى جانب المعتقدات , والصور النمطية ،  تغير أدمغتنا بشكل قوي … كما أن السلوكيات والأذواق والأمزجة تتغير بإختلاف الوقت أيضا .

وتتغير حسب اختلاف السياقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي نعيشها ، ولا يوجد خصائص دماغية حتمية ثابتة ..كما اسلفنا .

فالتربية المتزمتة هي التي تحجم دور الفتاة في كل مراحل العمر ومنذ الطفولة , أوبالأحرى منذ الولادة , حين لا نرى أولاً ترحيب بقدومها ، ثم حرمانها من ممارسة هواياتها , وعدم احترام رغباتها , في عالم حافل بالتأنيب والتخويف والعقاب ،

كي توصلها الى قبول محق ذاتها ،  وكبت مشاعرها وافكارها ورغباتها وطاقاتها الخلّاقة ،  إرضاءً للآخرين . . وقد تتضمن العقوبات أيضاً قطع التواصل معها وصولاً إلى الإقدام على جريمة الغاء حياتها .!!
هذه الممارسات السلبية تؤدي الى قواعد حياتية سلبية. تؤدي إلى تقويض حياتها لإرضاء الآخرين ،  وعندما لا تؤكد نفسها ، تخاطر لأن تصبح غير مرئية ، ويتم التغاضي عنا . وتهمل امكاناتها واحتياجاتها ومشاعرها
. وعندها لن تعد تعرف ما تريد وما لا تريد . ، . لأنه فقدت الاتصال بنفسها بعد أن ركزت دائماً على إرضاء الآخرين .
هذه السلوكيات هي التي تودي بالمرأة إلى ذلك الدرك من الدونية.
الرجال والنساء متشابهون أكثر مما هم مختلفون ، المجال هنا لا يتسع لسرد التجارب التي اجريت في كل تلك المجالات لكن بالمختصر لم يكن هناك امكانية تقسيم الأدمغة إلى مجموعتين واضحتين غير متداخلتين . وتوصيفها بأدمغة نساء وأدمغة رجال .
بل الإختلاف بين الأدمغة النسائية يأتي أكبر من الإختلافات بين أدمغة الجنسين ،

لكن التركيز على الجنس البيولوجي في كل الأحوال نهج خاطئ ، و مضلل ،  ويرتبط بالأساطير والمبالغات والخرافات أكثر مما يرتبط بالدراسات العلمية . لتحقيق السبق والأولوية للرجال في كل مجال .

وهذا التفسيرات الخاطئة تحوّل علاقة المرأة بالرجل إلى نزاع وخصومة ، لتنبري المرأة للدفاع عن نفسها ضده وكأننا في حالة صراع ، بدل أن نجد الوسائل و طرق للتآزر والمشاركة بينهما” ..

R-ENKS :

وماذا عن تفوق الرجال بدنياً على النساء .هل هذا مجرد ادعاء أم أنه حقيقة . ؟؟؟

نسرين تيللو : ” في معرض انبهارنا بقوة الرجل العضلية ننسى الكثير من جوانب قوة المرأة ، وعن القوة المزعومة للرجل ،  فإن المرأة تثبت قوتها في إحتمال إصاباتها بالمرض بأقل من إحتمال الرجل به في نفس الظروف . ولدى المرأة استعداد كبير لقبول التضحيات بمحض إرادتها وتحمل الألام الفائقة أكثر من الرجل ، بسبب طبيعتها البيولوجية التي تفرض عليها ذلك .
كما أن القوة البدنية لدى المرأة قابلة للتقدم مع التدريب . ففي اوروبا بات هذا المجال مفتوحا وميسراً للمرأة . وبتنا نجدها بين أبطال التفوق الرياضي العالمي ،

في مجالات السباحة وتسلق الجبال و التزلج والجري الخ ، أما في التاريخ فالأمثلة كثيرة عن قوة المرأة ، ومثل هذه الفرص لم تتوفرة لنساء الشرق ، اللواتي هنّ بأمسّ الحاجة إلى إستعادة ثقتهن بأنفسهنَّ , وتوفير تكافئ الفرص أمامهن ، وسنراهنَِّ حينها ينافسّنَ الرجال في شتى الميادين”  .

R-ENKS: 
هل نحن رجالاً ونساءً ضحايا واقع معين ..؟ أم حب السيطرة جزء من شخصية الرجل ؟

نسرين تيللو  : ” قبل أن أجيب عن هذا السؤال اقول لا توجد رجولة كاملة ولا انوثة كاملة .

وكل منهما يحتمل التذكير والتأنيث . . وعلينا أن نطور نظرتنا لرؤية الرجل على أنه إنسان , قبل أن يكون ذكر . وننظر إلى المرأة على إنها إنسان , قبل أن تكون أنثى ..

فجوهر الإنسانية أن نوفر نفس الفرص للجنسين بلا تمييز . وجوهر الوطنية أن نفعّل كافة الطاقات البشرية في المجتمع لكي نبني وطناً قوياً .

وكل حسب طاقته وكفاءاته . وليس وفق جنسه البيولوجي . الرجال ضحايا العنف . وليسوا عنيفيين بطبعهم ،

فلننطر إلى الأوطان العامرة بالحياة والحضارة والتفوق التكنولوجي . وإلى بلداننا الزاحفة لندرك حجم الدمار الذي خلفته نطرتنا الدونية للمرأة “.

R-ENKS : 
هل لديك المزيد من الضوء حول الممارسات السلبية في المجتمع وتلك التي تزيد من شقة الخلاف بين المرأة والرجل ؟ .

نسرين تيللو  : ” معظم المشاكل الزوجية تحصل بسبب خوف الفتاة من الرجل , بسبب التربية الإنفصالية العازلة بين الجنسين .

وانعدام فرص التعارف أو الاختلاط بينهما . وقلة فرص زرع بذور الثقة والمحبة والتعاون بين بينهما .

كل ذلك يؤدي إلى الصراع بينهم بسبب عجز كل طرف عن فهم الطرف الآخر .
ما اجمل همسة للرجل والمرأة في يوم المرأة العالمي ،
ليسخّر كل رجل قوته لإحاطة وردته وعشه بالرعاية والإهتمام . والمرأة بدروها , ستملأ روحه عطوراُ وبهجة . فكما للقوة جمالها فإن للجمال قوته ” .

نبذة تعريفية : 

الشاعرة نسرين تيللو هي إبنة المناضل المعروف عبد القادر تيلو تحمل إجازة من كلية الأداب قسم الجغرافية سنة ١٩٧٩م ،  عملت كمدرسة في ثانويات مدينة قامشلو ،

نشأت في بيئة كوردية وكانت مُدرسة قومية ،  معلمها الوالد الذي كان من أحد أعضاء جمعية خويبون وأمين سر الجمعية الخيرية لفقراء الكورد  ،

كتبت الشعر بالعربية كهاوية ثم كتبت بالكوردية ونشرت قصائدها وقصصها القصيرة في بعض الجرائد والمجلات الكوردية مثل (-ريكا أشتي-سوسياليزم-الحوار-زانين-كلاويش-آسو-هفند-كليستان-الوفاق-خبات) 
حيث تتناول أغلب قصصها قضية المرأة الكوردية.

إعلام المجلس الوطني الكردي

حاورتها : مكرمة العيسى

التعليقات مغلقة.