المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر كانون الثاني 2022

103

لعل الحدث الأبرز في هذا الظرف الهام هو تحرك “داعش ” من جديد، وبشكل مثير للاستغراب والدهشة حيث البدء بالهجوم الانتحاري يوم 20 /1 / 2022 على سجن مدرسة الصناعة جنوب حي الغويران بالحسكة المتضمن – حسب الاعلام – نحو خمسة آلاف داعشي سجين، وبدا كأنه بتنسيق ملفت مع مجموعة من هؤلاء السجناء المسلحين داخل السجن، حيث أثار الحدث عدداً من التساؤلات، منها:
ترى كيف حصل هذا الهجوم؟ وكيف وصل السلاح الى داخل السجن؟ وكيف تمكّن عدد كبير من السجناء من الهرب؟ وكيف تزامن التحرّك من داخل السجن مع تحرك واسع لداعش على مستوى سوريا والعراق وخارجهما، لكن من المعلومات الواردة وقراءة مواقف الأطراف المعنية والمستفيدة من هذا الحدث يمكن القول إن ما حصل كان ضمن خطة محكمة ومدروسة تشترك فيها جهات عديدة محلية وإقليمية وحتى دولية، ومن خلال اختراقات أمنية واضحة، وأصابع الاتهام تتجه في هذا الحدث نحو دول استانا – سوتشي ” روسيا، تركيا، إيران” بالإضافة إلى النظام السوري، للضغط على ” ب ي د ” باتجاه النظام، وعلى دول التحالف ولاسيما أمريكا، وكذلك للضغط على الحالة السياسية من جانب إيران في العراق، بعد تراجع دور الجماعات الموالية لها في الانتخابات الأخيرة، إلا أن النتائج بدت غير ذلك وإن أهداف الحدث لم تتحقق في جوانبها الأساسية، بل العكس أمريكا تعزز وجودها ودورها في المنطقة، وتمكنت من قتل خليفة داعش ” القرشي ” في محافظة ادلب، والحرب على داعش تتجدّد وتأخذ لها أبعاداً جديدة وأكثر حدة عما كانت عليه وظهر بشكل جلي دور الأطراف المعنية مع هذه المنظمة الارهابية .

وفيما يتعلق بالأزمة السورية، والمساعي باتجاه الحل السياسي عبر المبعوث الدولي إلى سوريا السيد ” غير بيدرسون ” فإن جهوده لانعقاد اللجنة الدستورية تجابه بالرفض تارة من النظام وأخرى من المعارضة، كون النظام لا يجنح إلى خيار الحل السياسي السلمي منذ بداية الأزمة، بل يزيد من الوضع سوءا وخصوصا في الجانب المعيشي والاقتصادي واحتجاجات السويداء منذ اسبوع مؤشر واضح في هذا الصدد، والمعارضة أعلنت عن رفضها مجدداً لما طرحه المبعوث الدولي ” مبدأ الخطوة مقابل خطوة ” أي خطوة من التفاوض مقابل خطوة من الانفتاح الدولي على النظام، ما يعني الحل السياسي وفق القرارات الدولية ولاسيما القرار 2254 ومرجعية جنيف1 بات متعثراً في الوقت الحالي وخاصة أن الخلافات بين الأطراف الدولية المعنية ” أمريكا، روسيا” تزداد حدة وتأخذ أبعاداً استراتيجية بعد المشكلة الأوكرانية وانفجار الوضع في كازاخستان، والتحالف المعلن بين روسيا والصين في مواجهة أمريكا والغرب مجدداً، الأمر الذي زاد من تطمينات الدعم المتزايد للنظام السوري، ما جعله مصراً على مواقفه وخياراته المتبعة..
من جانب آخر، هناك جهود ومساعٍ من خلال ندوات ولقاءات سياسية في العاصمة القطرية الدوحة تشمل معظم أطراف المعارضة السورية، تبدو أنها جادة باتجاه إعادة النظر في وضع المعارضة وأسلوب تعاطيها مع مختلف القضايا السياسية على قاعدة المراجعة النقدية لعموم جوانب الخطأ والصواب، بغية ترسيخ الجوانب الإيجابية وتصحيح الجوانب السلبية وقد يتناول القائمون على العمل حتى إعادة هيكلة المعارضة، والسعي لتنشيط دورها وتفعيله بالحد من إملاءات الجهات أو الأطراف المهيمنة عليها ..
إيران، قضايا عديدة تثقل كاهلها، الملف النووي مازال ماثلاً دون حل، ومفاوضات فيينا بين المد والجزر، حيث إيران تراهن على عامل الزمن وهي تماطل عبر تشديد شروطها للوصول إلى إنجاز السلاح النووي، وتطالب في الوقت ذاته برفع العقوبات الاقتصادية عنها في سعي لامتلاك المزيد من المال اللازم لاستخدامه في الملف ذاته كما حصل إبان عهد الرئيس الأمريكي ” أوباما ” واستخدامه أيضاً في تطوير برنامج الصواريخ البالستية، كل ذلك على حساب المستوى المعيشي للجماهير الشعبية وعلى حساب معدّلات النمو الاقتصادي التي تتراجع يوماً بعد آخر، وهبوط سعر صرف الوحدة النقدية مقابل العملات الصعبة، وتدنّي معدّلات دخل الفرد مع تدنّي الأجور ومعدلات الناتج المحلي وتفشي ظاهرة البطالة بشكل واسع، هذا الى جانب الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة الواسعة سواء لدوافع سياسية أو اقتصادية او معيشية، ما يعنى أن إيران في تراجع مستمر على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..
تركيا، تمارس الازدواجية السياسية، فتارة على وفاق مع روسيا بشأن الأزمة السورية، وأخرى على خلاف معها بشأن العلاقة مع الدول التي تتكلم التركية والتي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابق، وهكذا بشأن العلاقة مع الغرب فهي حليف تاريخي لها وعضو في الناتو لكنها تناوئ السياسة الأمريكية في سوريا وأحياناً في العراق في خشية منها للاستراتيجية الأمريكية الواسعة في المنطقة، وكذلك مع إيران أيضاً تنسّق معها عبر ” سوتشي – استانا ” لكن تختلف معها في اذربيجان ومناطق أخرى، وهكذا على الصعيد الداخلي حيث الحزب الحاكم ” التنمية والعدالة ” ينتمي الى الإسلام السياسي ويدعم الأطراف والاتجاهات الإسلامية في المنطقة والعالم، لكن مؤسسات الدولة التركية مبنية وفق اسس علمانية، كما أنها تناوئ الأطراف السياسية ذات التوجه الاسلاموي في الداخل وتتعاطى بإيجابية مع الأحزاب القومية والعلمانية وهكذا، ولئن استفادت تركيا من هذه السياسة مرحلياً إلا أنها قد لا تستمر طويلاً أو ربما تدفعها إلى أزمات في الداخل والخارج على حدّ سواء، ما يعني أن هذه السياسة قد تكون وبالاً عليها مستقبلاً ..
العراق، مازال الصراع محتدماً بين الأطراف المعنية بشأن انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، بين من يدعو إلى حكومة أغلبية ذات طبيعة تكنوقراطية تسعى للتخلّص ولو نسبياً من المحاصصة التي أنهكت العراق، وحالت دون تطوّره، وبين من تراجع حجم مقاعده البرلمانية في الانتخابات الأخيرة (الاطار التنسيقي) و مازال متمسكاً بخيار المحاصصة بغية ابقاء العراق على ما هو عليه الآن، ويسعى هذا الأخير بكل ما أوتي من إمكانات الى عرقلة الجهود والمساعي نحو تشكيل حكومة الأغلبية، في حين وجود شكل من المعارضة السياسية لمراقبة وانتقاد أداء الحكومة هو لصالح تلك المعارضة ولخدمة العراق نحو تصحيح مسارات التنمية والتقدم على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والادارية وفي مجال مكافحة الفساد وحتى إمكانية استئصال جذوره، لكن الظاهر أن هذه الجهة هي ذاتها التي لها باع طويل في الفساد المالي والإداري وفي الاضطرابات الأمنية وزعزعة الاستقرار في ربوع البلاد ..
إقليم كوردستان، لاتزال المنافسة قائمة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني ” الحائز على أعلى نسبة من المقاعد البرلمانية العراقية في إقليم كوردستان ” والاتحاد الوطني الكوردستاني على منصب رئيس الجمهورية، يزعم هذا الأخير ان هذا المنصب من حصته، في حين ان المنصب متعارف عليه للمكوّن الكردي وليس لحزب بذاته، كما منصبي رئيس الحكومة والبرلمان حيث يتناوب عليهما من ذات المكون، وليس حزباً بذاته، وبالرغم مما بذلته قيادة الإقليم من مساعي التوافق على شخص معين يرضي غالبية الكوردستانيين إلا ان الاتحاد مازال مصراً على موقفه المتشبث بذلك المنصب، ما يعني ان المنافسة ستستمر والنتائج تكون لحصيلة الانتخابات في البرلمان العراقي، وعليه فإن التوجّه القائم على أساس الكتل الفائزة هو لصالح الديمقراطي وليس سواه، ولذلك فالترتيبات متواصلة في هذا الشأن، ومن الجدير ذكره أن الديمقراطي قد أبدى أقصى ما يمكن من المرونة في هذا الأمر، وقدم أيضاً مبادرة حتى بشأن التقارب في البيت الشيعي أيضاً ..
كوردستان الغربية، مازال استمرار حالة الضنك المعيشي قائمة لعموم الجماهير الشعبية سواء بسبب البطالة وتدني الأجور مقابل الارتفاع الهائل في أسعار المواد والسلع الضرورية للحياة، ولفقدان بعض تلك المواد في الأسواق مع تزايد أزمة المحروقات وخصوصاً مادة المازوت وارتفاع أسعارها المستمر وبيعها في السوق السوداء، والمعاناة لاشك أقوى وأشد في مناطق (عفرين، سري كانيه، كري سبي) والانتهاكات مستمرة وعمليات الخطف والاعتقال قائمة، ومع تزايد معاناة الجماهير فإن المناطق المحاذية للحدود مع تركيا تتعرّض للقصف التركي العشوائي والقوى التابعة لها بشكل يكاد يكون يومياً ودون رادع إنساني ..
أمام هذا الوضع المتردي بشكل عام، فإن القوى التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ( ب ي د ) تزيد من وتيرة مضايقتها للقوى السياسية المخالفة له وخصوصا أحزاب المجلس الوطني الكردي، ويزداد التشديد على الإعلاميين والشبكات الإعلامية ” كوردستان 24 ” ومؤخراً فُرض المنع على روداو ومكتبه في قامشلو ومراسليه، بعد العديد من حالات الخطف والتعذيب لعدد من هؤلاء الاعلاميين، حيث تم الافراج عن الإعلامي باور ملا أحمد، في حين مازال الإعلامي صبري فخري مراسل ارك قيد الاختطاف والاعتقال التعسفي. إنها حقاً ممارسات يندى لها جبين الانسانية ..
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 10 / 2 / 2022

التعليقات مغلقة.