المجلس الوطني الكوردي في سوريا

مسعود البارزاني : حان الوقت كي يختار إقليم كوردستان طريق الاستقلال – ترجمه من الإنكليزية : لقمان شرف

77

( مقال هام بقلم الرئيس مسعود البارزاني , نشر باللغة الانكليزية في صحيفة الـواشنطن بوست – العدد 28 حزيران 2017 )

سيقرر شعب كردستان العراق ,بتاريخ 25 سبتمبر, في استفتاء ملزم, ما اذا كان يرغب في الاستقلال او البقاء ضمن العراق . يجرى التصويت على حل نزاع قديم قدم الدولة العراقية نفسها بين تطلعات الشعب الكردي وحكومة بغداد التي طالما عاملت الكورد كمواطنين دون الدرجة الأولى .
كردستان العراق ومن خلال ممارسة حقه في تقرير المصير لا يهدد احداً, وقد يساهم في جعل هذه المنطقة المضطربة اكثر استقراراً . كما لن يغير حدود أي دولة مجاورة, اذا ما تمت بصورة سليمة, و سيقوي كثيراً من العلاقة بين العرب والكورد في العراق . ونحن عازمون على بذل كل ما في وسعنا لاستيعاب المخاوف العراقية في حالة اجراء التصويت لصالح الاستقلال.
إن قضية استقلال كردستان حاجة ملحة. فقبل مائة عام ,في مفاوضات السلام التي اعقبت الحرب العالمية الاولى, كان الكورد قد وعدوا بدولة خاصة بهم . وبدلا من ذلك, تم تقسيم اراضينا , ضد ارادتنا , بين تركيا وايران وسوريا والعراق . كان من المفترض أن تكون العراق الحديث دولة شراكة متكافئة بين العرب والكورد ,لكن ذاك الحلم الواعد تحول بين ليلة و ضحاها الى حقيقة مزعجة . قمعت جميع الحكومات العراقية الكورد . وتوجت تلك الفظائع في الثمانينات عندما استخدم صدام حسين الغاز السام بصورة كبيرة في المدن والقرى الكردية ودمر اكثر من 5 الاف قرية كردية , أما المرحلين الكورد الى الجنوب فقد قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية . مائة واثنتان وثمانون الف كردياً عراقياً (حوالى 5 في المئة من السكان ) بما في ذلك افراد أسرتي, لقوا حتفهم في هذه الفترة .
بعد الاطاحة بنظام صدام حسين البعثي, عمل الكورد بجد من اجل بناء عراق جديد, بما في ذلك صياغة دستور يضمن استقلال كردستان ويحمى حقوق جميع العراقيين . لكن و بعد 14 عاما فشلت بغداد في تنفيذ الاحكام الرئيسية من هذا الدستور, و لدينا سبباً للاعتقاد انها ( بغداد ) لن تفعل ذلك أبداً . هذا الاخفاق في النظام السياسي يتحمل ايضا مسؤولية التدهور الشديد في العلاقات بين السنة والشيعة الذي ادى الى ظهور تنظيم الدولة الاسلامية, و ما ترتب على ذلك من عواقب مأساوية على جميع العراقيين بمن فيهم الكورد .
إن الحجة الرئيسية لوحدة العراق هو أن عراقاً موحداً اكثر قدرة على حماية مواطنيها , لكن هذا الادعاء غير مدعوم من الواقع والتجربة. فعندما هاجمت الدولة الاسلامية كردستان في عام 2014 – من خلال استخدام الاسلحة الامريكية المتقدمة التي تركها الجيش العراقي بالموصل – رفضت الحكومة العراقية منح كردستان حصتها من الميزانية الاتحادية كما رفضت تذويد جنودنا (المعروفة بالبيشمركة) بالأسلحة . لكننا نجحنا ,مثل دولة مستقلة, في تمويل و تجهيز قواتنا و استطعنا إنهاء الصراع سريعاً لصالحنا .
الحرب على الدولة الاسلامية ,منذ ذلك الحين, قدمت نموذجا لكيفية تعاون الكورد والعرب في المستقبل . ففي معركة إخراج تنظيم الدولة الاسلامية من العراق كان البيشمركة والجيش العراقي في تحالف متكافئ , حيث يخضع كل منهما لتسلسلها القيادي الخاص .عمليات البيشمركة المشتركة مع القوات العراقية و دعم كل منهما للاخر لم تحدث قط في العراق حينما كانت بغداد تسعى للسيطرة على كردستان . بغض النظر عن الاستفتاء, سنواصل تعاوننا الوثيق مع العراقيين والقوات الغربية حتى الانتصار النهائي على الدولة الاسلامية.
إن كردستان مستقلة يمكن ان ترتبط بعلاقة قوية مع بغداد , كما يمكن أن تكون جارة عظيمة, تتعاون ضد الارهاب وتتقاسم الموارد – بما في ذلك المياه والبنية التحتية للنفط – بطرق تفيد البلدين . بإنهاء العقوبات التي تفرضها العراق على وارداتنا وصادراتنا, يمكننا تطوير مواردنا البشرية والطبيعية في سوق مشتركة بما يفيد كلاً من كردستان والعراق.
إن نتائج الاستفتاء ستكون ملزمة لحكومات كردستان المقبلة , لكن توقيت وطريقة استقلالنا سيخضع للتفاوض مع بغداد والتشاور مع جيراننا والمجتمع الدولي الاوسع. في مفاوضاتنا مع بغداد, سنكون عمليين .إن ماهية الأراضي التي سوف تنضم الى كردستان ستكون القضية الاكثر اثارة للجدل في عملية الاستقلال . على الرغم من أن تاريخ 31 ديسمبر 2007 كان موعداً نهائياً, فقد رفضت الحكومة العراقية تنفيذ حكم دستوري رئيسي, المادة 140, التي تمنح الناس في المناطق المتنازع عليها حرية اختيار مستقبلهم بشكل ديمقراطي . و الان وبعد ما يقرب من عشر سنوات, فإننا نعرض عليهم تلك الفرصة. ونود ان ينضم الى كردستان تلك المناطق التي تصوت بأغلبية ساحقة على أن تكون جزءً من كردستان عبر انتخابات حرة . إن اخر ما نتمناه هو نزاع حدودي طويل الامد مع العراق و الذي يمكن ان يعكر صفو علاقاتنا المستقبلية.
ومذ اصبحت كردستان متمتعة بالحكم الذاتي في عام 1991, ونحن نعمل جاهدين من اجل اقامة علاقات طيبة مع جيراننا. تركيا هي اكبر مستثمر اجنبي في اقتصادنا, وقد بنت انابيب النفط والغاز التي تعود بالفائدة على البلدين. إننا نتفهم المخاوف التي قد يسببه استفتاء كردستان لجيراننا . سنفعل كل ما يمكننا لنؤكد لهم ان كردستان ديمقراطية ومستقرة هو افضل شريك لهم.
كردستان تقدر حالة التنوع فيها, إنها موطن المسيحيين والتركمان واليزيديين و الشبك والعرب و الفيليين و الكاكئيين و قد تم الاعتراف بهوياتها المستقلة في قوانيننا. ومنذ عام 2003, انتقل العديد من المسيحيين العراقيين الى كردستان هربا من العنف والاضطهاد في الأماكن الأخرى من البلد. و مذ استولت الدولة الاسلامية على اجزاء كبيرة من العراق عام 2014, قدمنا مساعدات لأكثر من 1.5 مليون لاجئ عراقي, بمساعدة في حده الأدنى من بغداد و المجتمع الدولي .
حان الوقت ,بعد قرن من المحاولة, كي نعترف أن عملية الإلحاق القسري للشعب الكوردي ضمن العراق لم تنجح و لم تكن ذات فائدة لنا و للعراق . نطلب من الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي احترام القرار الديمقراطي لشعب كوردستان , ذلك ,على المدى الطويل, افضل لكل من العراق و كوردستان .

التعليقات مغلقة.