المجلس الوطني الكوردي في سوريا

للتاريخ ، عن انسحاب المجلس الوطني الكردي من الائتلاف .

للكاتب : جكر سلو

بعد إعلان المجلس الوطني الكردي في سوريا انسحابه من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وسقوط النظام المجرم ، يتساءل الكثير من مثقفين وشخصيات وطنية عن آثار أو القيمة القانونية للوثيقة الموقعة بين الطرفين ،

هل يحتفظ بقوته وآثاره أم أن الوثيقة ذهبت أدراج الرياح ،وللجواب عن هذا السؤال دعونا نخوض في تفاصيلها أكثر .

أن الثورة السورية التي انطلقت في ١٥ آذار عام ٢٠١١ وكانت شرارتها مدينة درعا ، يقودها شبان وشابات سوريين شملت عموم الجغرافيا السورية عبر تنسيقات شبابية تهتف بإسقاط الأسد أسبوعياً وبعدها تأسس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سوريا في أواخر عام ٢٠١٢ وضمت عدة أطر وقوى معارضة سورية على كامل الجغرافية السورية ولعل أبرزها المجلس الوطني الكردي في سوريا .

وانضم المجلس الوطني الكردي في سوريا إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ،وكان هدفه المشاركة في القرار الوطني السوري ، وتمثيل الكرد في المحافل الدولية وتثبيت حقوق الكرد في الدستور السوري وفق المواثيق والعهود الدولية .

فمن أعضاء الائتلاف : المجلس الوطني السوري والهيئة العامة للثورة السورية ولجان التنسيق المحلية والمجلس الثوري لعشائر سوريا، ورابطة العلماء السوريين، واتحادات الكتاب، والمنتدى السوري للأعمال، وتيار مواطنة، وهيئة أمناء الثورة، وتحالف معا، والكتلة الوطنية الديمقراطية السورية، والمكون التركماني، والمكون السرياني الآشوري، والمجلس الوطني الكردي، والمنبر الديمقراطي، والمجالس المحلية لكافة المحافظات، إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية وممثل عن المنشقين السياسيين.

وحصلتْ على الاعتراف من معظم الدول في العالم منها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والسعودية وتركيا ، واعتبروا الائتلاف الممثل الشرعي للشعب السوري وسحبوا الاعتراف من حكومة المخلوع الأسد آنذاك .

وللحديث عن الوثيقة الموقعة والمؤلفة من ديباجة و ١٦ بندا ،والمؤرخة في ٢٧/ ٨ / ٢٠١٣ ولعل أبرز النقاط الموقعة على الوثيقة ،هو الاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي واعتبار القضية الكردية جزءاً أساسيا من القضية الوطنية ، وإلغاء كافة السياسات السابقة والإجراءات والمراسيم التمييزية المطبقة بحق الكرد واعتماد نظامها السياسي جمهوري برلماني وفق اللامركزية الإدارية الذي تحفظ المجلس الوطني الكردي عليه ، بحيث يرى الفدرالية الصيغة الأفضل لسوريا المستقبل .

وكانت هذه الوثيقة أول وثيقة تضمن فيه حقوق الكرد وتثبت فيه منذ نشأة الدولة السورية، حيث لم تشهد سوريا أنها وقعت على وثيقة مثل هذه سواء حكومة أو معارضة .

ولدى الرجوع للقانون الدولي نرى أنه تحدث لنا بشكل واضح عن أهلية التوقيع وانواعها وقيمتها القانونية على المعاهدات والاتفاقيات ، بحيث يصنف التواقيع لنوعين بحيث يقوم المفوضون بالتوقيع على الوثيقة أو المعاهدة إما بالأحرف الأولى لأسمائهم أو الكاملة لها ، وأنهم يلجأون إلى الحالة الأولى إذا كانت لا تمنحهم وثائق التفويض سلطة التوقيع النهائي على المعاهدة أو في حالة ترددها على الموافقة النهائية على نص المعاهدة ورغبتهم في العودة لحكوماتهم أو هيئاتهم لأخذ رأيها بشأن التوقيع النهائي .

فالقانون الدولي لم يضع تعريف واضح للوثيقة ،وإنما كانت مفهوم المعاهدات والاتفاقيات ومذكرات وميثاق ، فهل تدخل الوثيقة الموقعة بين المجلس الكردي وائتلاف المعارضة ضمن الاتفاقيات أو المعاهدات أم تبقى وثيقة فقط للتاريخ .

ويفرق القانون الدولي بين التوقيع بالأحرف الأولى أو الحروف الكاملة في حالة الاتفاقيات المبسطة أو ذات الشكل المبسط التي يكفي التوقيع بالأحرف الكاملة لجعل المعاهدة نافذة بين أطرافها ويسمى بذلك التوقيع النهائي ، حيث يضفي عليها صفة الإلزام على المعاهدة أو الوثيقة بمجرد القيام به ، في حين لا يترتب نفس الأثر إذا كان التوقيع بالأحرف الأولى .

ويبين لنا القانون الدولي القيمة القانونية للتوقيع وذلك بنص المادة ١٢ من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات وذلك بوضع قاعدة التي تنص :
١- تعبر الدولة عن رضاها الالتزام بالمعاهدة بتوقيعها من قبل ممثلها في إحدى الحالات الآتية:
أ- ( إذا نصت المعاهدة على أن يكون للتوقيع هذا الأثر؛ أو
ب- ( إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على أن يكون للتوقيع هذا الأثر؛ أو
ج- ( إذا بدت نية الدولة المعينة في إعطاء التوقيع هذا الأثر من وثيقة التفويض الكامل الصادرة لممثلها أو عبرت الدولة عن مثل
هذه النية أثناء المفاوضات.
2- لأغراض الفقرة الأولى:
أ- ( يشكل التوقيع بالأحرف الأولى على نص المعاهدة توقيعا ،ًًً إذا ثبت أن الدول المتفاوضة قد اتفقت على ذلك .
ب- ( يشكل التوقيع بشرط الرجوع إلى الحكومة من قبل ممثل الدولة توقيعاً كاملا على المعاهدة إذا أجازت دولته ذلك.

وبهذا تكون النوايا هي الفاصل في حل القضية الكردية حسب وثيقة الاتفاق بين الأطراف الموقعة والممثلة بشخصياتهم .

ووفق مراقبين فأن انسحاب المجلس الكردي كان عاملاً مهماً ولو جاء متأخراً ، في إشارة منهم الى لملمة البيت الكردي وأيضا ما قامت به مجموعات مسلحة مدعومة تركياً ارتكبت انتهاكات بحق أبناء المناطق الكردية والتأثير عليها جماهيرياً ،بالرغم من عدم وجود المجلس الكردي في سلطات الحكومة المؤقتة بأية حقيبة وزارية وحتى على مستوى الجيش .

وبذلك يختار المجلس الوطني الكردي القيمة المثلى له والذي يناضل من أجله ألا وهو تثبيت حقوق الكرد عبر توحيد البيت والصف الكردي وتشكيل وفد واحد ، وسيسجل التاريخ للمجلس الوطني الكردي في سوريا أنه تمسك بمبادئه وقراراته رافضاً التنازل عنها منذ تأسيسه ولحد هذه اللحظة ، وليبقى الوجدان والأخلاق الإنساني الفاصل بينهم وبين الوطنيين من السوريين في حل القضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية .

“المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع “

التعليقات مغلقة.