المجلس الوطني الكوردي في سوريا

الكاتب ابراهيم اليوسف:..إن كل دول المنطقة لم تولد بشكل طبيعي. كل خرائط المنطقة لم ترسم بشكل طبيعي، وإن إعانة الكوردي على استرداد رسم خريطته مطلوب من الأسرة الدولية..

71

 

يحظى الكاتب والشاعرإبراهيم اليوسف باحترام كبير لدى الشارع الكوردي، وذلك من خلال مواقفه المشهودة في الانحياز للدفاع عن شعبه، وعن المظلومين، من خلال موقفه الإنساني، وقد عانى في سبيل مثل هذا الموقف المبدئي الكثير من قبل النظام وحتى من قبل بعض المحسوبين عليه إلا أنه يزداد تمسكاً بقناعاته وآرائه.

يكتب إبراهيم اليوسف في المجال السياسي إلى جانب الكتابة في المجال الأدبي، وعندما نعود لقراءة ما يكتبه في هذا المجال نجد أنه من الذين لا يساومون على ما يؤمنون به، وما يحسب له أنه ليس من هؤلاء الذين يتناقضون مع أنفسهم لأن رؤيته سليمة وهذا الجانب يعترف له به أوساط واسعة من المتابعين لما يكتب.

بعد احتلال الحشد الشعبي الإيراني والعراقي والتركي التقيناه باسم(المكتب الإعلامي في أوروبا التابع للمجلس الوطني الكردي) خلال حوار سياسي طويل لنعرف رأيه فيما يجري الآن كوردستانياً..

 

– شهدت المنطقة الكوردية / كوردستان العراق / تقلبات في المصالح واتخذ البعض ممن كان يعول عليهم دور” المتفرج” وربما” الضد”، كيف تقرأ ما حصل؟

لا يمكن التعويل على القوى العالمية الكبرى، لأنها جميعاً تنطلق من مصالحها الخاصة في علاقاتها مع شعوب المنطقة. لقد تأكد للعالم أجمع أن كوردستان العراق التي بدا أكثرمن طرف  في صورة المقرب منها، سواء أكان دولياً أو إقليمياً بأن ذلك لا يأتي على حساب موقف قيادة الإقليم. إذ لطالما وجدنا من يشكك في هذا الموقف، لاسيما من قبل من كان يمد يده إلى الدول الإقليمية برمتها، ويحاول تشويه صورة سواه.

استغربت أن الرأي العام بات هو الأكثر عرضة للخطأ، إذ نادراً ما وجدنا تحليلاً استراتيجياً لقراءة ما تم، فقد عد كثيرون أن ما تم أثناء- احتلال كركوك- يعني أن الكورد قد خرجوا من التاريخ، لاسيما عندما وجدوا أن الآمر بحكم عمامات طهران العبادي- وهو الشخصية الهشة الهزيلة في ميزان السياسة- بات يستمرىء تهديد الكورد وفي رأسه أضغاث أحلام  في أن يتجاوز مالم تحققه الحكومات العراقية كلها عبر التاريخ في مواجهة الكوردي، ليكون بطلاً اسطورياً،”مزعوماً” بالرغم من أنه ليس إلا أداة إلكترونية في حاسوب- قاسم سليماني- الاسم الذي لا قيمة له، كما أنه لم يكن ثمة قيمة للعبادي وله لو أنهما لم يأخذا الضوء الأخضر من الجهة الدولية المتحكمة بالمنطقة والتي تواطأت مع إيران- تركيا وحتى سوريا “الافتراضية” نظراً لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بمخططها في إحراز المزيد من المكاسب، بالإضافة إلى خلق التوتر في المنطقة، لاسيما وإن كوردستان كانت منطقة آمنة، مستقرة، قياساً لمحيطها كله. كل هذا كان عبارة عن رسائل لدول أخرى: خليجية، وسواها، لتقديم تنازلات أكبر، كما أن كان ذلك بمثابة رسالة إلى إقليم كوردستان نفسه الذي بدا لا يعمل إلا بقراره، ووفق بوصلة مصالحه، وذلك لأن هذه القوة العالمية لاتريد لبلد ما أن يكون صاحب قرار، ولا تقبل أن يكون هناك قائد كبير، في عيون أبناء شعبه، ومع هذا فقد كان الرد الكوردستاني، عبارة عن رسال،ة في الأيام التالية للاحتلال،  ليست لبغداد، فحسب، بل للعديد من الاتجاهات: إقليمياً، وعربياً، وبخاصة الجهات المتقلبة على  مواقفها الإيجابية التي بدت هزيلة، عارية، بلا مصداقية، ولاسيما تلك التي تعاني من أزمات داخلية كبيرة، لهذا السبب، أو ذاك. إذ باتت هذه القوة الكبرى تقول بوقاحة كبرى: إنني- بعد اليوم- شريكتكم حتى في آخر ما تبقى لكم!. وقد جاءت سياسة ترامب التي تسير في إطار طبيعي من النظرة الأمريكية، ضمن هذه الرؤية، لأنها باتت تستعجل، في إيجاد الحلول لأمرين: أزماتها الراهنة، وخططها المستقبلية، على حساب موت العالم كله، وهي رسالة لشعوب الشرق الأوسط قاطبة، التي يقبل كثيرون من قاداتها- ومعهم الموالون لثقافتهم- بأن يكونوا عبارة عن بيادق في هذه المعادلة الدولية الجشعة، على حساب كراماتهم، واستقلالياتهم، وأقوات شعوبهم..!

لا متفرج-هنا- كلهم كانوا على خط النار، في مواجهة إقليم كوردستان، لهزِّ صورته، أو إنهاء وجوده. كلهم سواسية: الحشد الشعبي، و أنظمة الدول المتقاسمة لكوردستان، والعالمان العربي والإسلامي- أعني نخبهما الحاكمة ومعهم قطعان مثقفيهم ومواليهم التابعين-  و هكذا بالنسبة إلى الدول صاحبة المصالح، المباشرة وغير المباشرة، ومنهم: إسرائيل، الكاذبة، وذريعة الكَذبة. إذ لا يمكن الحديث عن حفنة من المتواطئين- فحسب- لأن القائمة أوسع، وثمة من تهيأ لهذا الدور منذ وقت طويل، وهو داخل اللعبة.

 

– مِن مصلحة مَن تغول اللوبي الإيراني في المنطقة الكوردية بهذا الشكل وهل هناك مصالحة أمريكية إيرانية؟

لا مستقبل لإيران في المنطقة. أقول هذا على ضوء لحظة امتدادها التي دعت لليأس. مشروع إيران مرفوض في المنطقة لاعتبارات كثيرة. إيران ما كانت تستطيع الإعلان عن انخراطها في دعم الأسد لولا أن هناك دعماً دولياً لها بهذا الصدد.

إنها تسير نحو تفككها، وانهيارها. إنها ”النملة” التي” تجنحت”، وتسير إلى أجلها. القوى التي اتفقت من أجل تحطيم المشروع الكوردستاني تعاني من أزمات كبرى أخرى، لابد وأن تظهر، ناهيك عن الخطوط الحمراء الدولية، ولنا في الإرهاب الداخلي الذي تمارسه طغمة إيران- يومياً- ما يدل على عمق الأزمات الكبرى التي تعانيها.

 

– كيف تقرأ موت جلال طالباني بهذا التوقيت الحرج وهل تقرأ شيئاً بين خفايا ما حصل؟

لست من هؤلاء الذين يمضون وراء أخيلتهم، وأهوائهم في تحليل أية ظاهرة سياسية. لا شيء يمكن التكهن به-هنا- إلا إذا كان لدينا ما ندحضه من خلال الاحتكام إلى الحجة العلمية، لا العاطفية.

 

– الجميع يعلم أن جناب السروك مسعود البارزاني وقبل الاستفتاء بأشهر أكدَ مِراراً بأنه لن يترشح لولاية جديدة وأن مهمته تنتهي بعد الاستفتاء كيف تقرأ المستقبل؟

هناك من راح يصور الأمر بأن هناك تشبثاً من قبل الرئيس مسعود بكرسي السلطة، بالرغم من أنه وقبل سنتين صرح في أكثر من مقابلة له بأن شؤون الرئاسة لا تعني له أي شيء، وأنه لن يجدد ترشيحه. هكذا كان”عهد البارزاني” وما حدث أنه وفى به لا أكثر.

إن التكالب على طرح موضوعة رئاسته جاءت في عز أزمة الحرب، وأن كل من كانوا وراءه كوردستانياً، وإقليمياً، ممن كان هاجسهم الإجهاز على التجربة الكوردستانية بكاملها.

أجل. كنت شخصياً ممن يرون ضرورة استمراره طالما هناك خطر الحرب عليه، ومن ثم فالقرار هو داخلي، والرجل نفسه لم يكن ميالاً لاستمرارية الرئاسة، لأن أمثاله يؤدون دورهم الوطني، والنضالي، والمقاوم، أينما كانوا. بخاصة  وإنه يعتز ب” بيشمركيته” أكثر من أي اعتبار آخر.

 

– اليوم نشهد تصريحات أمريكية جديدة على أن الكورد حلفاؤهم ولن يسمحوا بالتجاوزات ضدهم وسمعنا عن حظر الأسلحة الأمريكية التي بدت في أيدي الحشد الشعبي ضد الكورد .هل تعتقد أن هناك أمور ستتغير؟

كل ما يجري الآن هو عرضي، لسببين رئيسين، أولهما أن الكورد بطبيعتهم عنصر”توازن” في المنطقة، وأن لا تطرف لديهم في رؤاهم الدينية، ماعدا طفرات عابرة، كما هي لدى أي شعب في العالم، وذلك نتيجة الظروف التي مروا بها. وثانيهما أن الخطر القادم على المنطقة جد كبير وما زلت لا أتحدث من خلال منظور مطيف, وإنما من خلال الحمولة السياسية لهذا المحور الذي كان الحديث عنه افتراضياً، لكن المستنقع الذي آل إليه النظام السوري- بلدنا السوري- أماط اللثام عن حقيقة الوجه الأكثر خطراً في المنطقة، وإن بدت في الكفة المقابلة محاولات مماثلة من قبل”تركيا” التي تهرول من أجل حصتها، من جهة، ومن أجل وأد المشروع الكوردستاني من جهة أخرى.

أنا الآن أكثر ثقة بالمستقبل، إن هناك كوردستان كبرى، وكل الذين يسعون لإلغاء مراسيم ولادتها فهم يزيدون من وتيرة ذلك أكثر!.

 

– كيف تقرأ لقاء جناب السروك مع الألمان والفرنسيين وكيف تفسر كلامه عندما قال” أنتم خذلتم الشعب الكوردي وعلاقتنا باقية ولكنها ستتغير”؟

أقرؤه على نحو مختلف. إنه الإعلان عن محاولة للتكفير عن الخطأ الأوربي، باعتبار أوربا كانت ساكتة، وسكوتها يعني مشاركتها في الجريمة كاملة.

وقد بدأ تخاذلها الأكبر-لأول مرة- على نحو مواز، بعد مئة سنة من جريمة سايكس بيكو التي اقترفتها. اقترفها طرفان منها،  وآن الأوان للتعويض عنها.

ثمة ما هو غير معلن، كما أستشفه. ثمة تأكيد أن هناك من يستشعر بالخطيئة الثانية ولربما يتم التكفير عنها، إن عاجلاً أو آجلاً.

إن كل دول المنطقة لم تولد بشكل طبيعي. كل خرائط المنطقة لم ترسم بشكل طبيعي، وإن إعانة الكوردي على استرداد رسم خريطته مطلوبة من الأسرة الدولية، وإن كنا نجد أن هناك من يعمل” ليل نهار” لوأد مشروع تحقيق الحلم الكوردستاني.

 

– ما هي رسالتكَ لقوات البيشمركة الأبطال وكيف تعبر عن قوة  إرادتهم الدفاعية المقاومة؟ وما هو المطلوب من الجميع كوردستانياً؟

بعيداً عن التوغل عميق في تاريخ بطولات البيشمركة الذين طالما صنعوا الملاحم البطولية في ساحات المعارك، فإن التوقف عند دورهم في مواجهتهم لداعش، والحشد الشعبي، بل وجيش بغداد، فإن في ذلك ما يدعو للفخار، لاسيما إنهم حققوا كل ذلك في الوقت الذي بدوا فيه يواجهون الدول المحتلة لخريطتهم جميعاً، وعلى رأسها: إيران، وسط”غض النظرالأممي” الذي قدم لهمج العصر كل الأسلحة المتطورة.

لانزال ندعو إلى توحيد القوى الكوردستانية كلها، ونبذ الخلافات التي لا يمكن لها أن تكون إلا نتيجة استطاعة القوى الغاصبة لكوردستان اختراق الصف الكوردستاني، وهوما يظهر الآن، في اللوحة الكوردستانية، على نحو واضح، وآن الأوان لعزل من وراء ذلك، ممن يشتتون الجبهة الكوردستانية، تحقيقاً لمخطط الأعداء..!.

 

حاوره : خالد ابراهيم

إعلام : ENKS أوربا

 

 

 

التعليقات مغلقة.