المجلس الوطني الكوردي في سوريا

ريبر فوزي أحمد : لماذا الصراع على عفرين چاي كورمنج ؟

72

عفرين چاي كورمنج أرض الأجداد والملاحم فيها صيغت الهوية والمشروع الكوردستاني والوطني عبر التاريخ كانت مهد الجمعيات المدنية والثقافية والأحزاب مهد ب د ك – في العصر المعاصر .

التاريخ يعيد نفسه في عفرينا رنكين بين الإرادة الكورداورية التي تسعى لتجسيد الحلم الكوردستاني ومحاربة الإرهاب ونشر ثقافة التسامح والتعايش وبين مشاريع الدول المغتصبة لكوردستان التي تتنتهج سياسات إرهابية ممنهجة لصهر الهويات والشعوب وصهر ها في بوتقتها وقطع المناطق الكوردية عن بعضها و عن العمق الكوردستاني وخلق أجندات في جغرافية كوردستان مرتبطة بها لإيجاد موطئ قدم لها ونشر الإرهاب و خلق الثغرات في عمق المشروع القومي الكوردستاني والوطني الديمقراطي السوري وانتهاك السيادة.

عفرين بكل تضاريسها وقراها وجبالها منطقة كوردستانية تفاعلت مع مبادئها وضحت بأبنائها من أجل قيمها الكورداياتي والوطني الديمقراطي ولكونها متاخمة للواء الاسكندرونة تعطي بعدا استراتيجية جيوبولكتية إضافيا تجعلها مستهدفة أكثر مثل أية رقعة جغرافية استراتيجية أخرى مثل(كوركوك وشنگال… الخ) ناهيك عن محاذاتها لقرى كورد اعزاز وإدلب وقربها من جبل الأكراد في اللاذقية .

عفرين چاي كورمنج منطقة آمنة ومسالمة غنية بمواردها البشرية والطبيعية و بثرواتها الباطنية والزراعية ونسجت علاقات تجارية وصناعية جعلت منها منطقة جذب للاستثمارات،ناهيك عن كونها من أكثر المناطق كثافة للسكان تعيش فيها حوالي مليون شخص و احتضنت من كل المناطق الأخرى 98% من سكانها كورد ولهذه الأسباب خططت القوى الإقليمية والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها وتحت مسميات كثيرة لإجهاض هذا المنجز بقصف قرى عفرين واختطاف كوردها على الهوية ومقايضتهم تارة وقتلهم أحيانا واستحضرت لعبة التلاعب بالتوازنات القوى وبالمشاعر الدينية تارة والوطنية والقومية تارة لإضاعة البوصلة وتغيب العقل والعقلانية وتفتيت الشخصية الكوردية والوطنية الديمقراطية باستلابها تمهيدا لسيناريوهات ومنها هدم المشروع الوطني الديمقراطي السوري والسيطرة على قرار المعارضة السورية السياسية والعسكرية والنظر إليها كبيادق لا أكثر واحتلال مدن حدودية سورية لفصل المناطق الكوردية عن بعضها وجرابلس نموذجا.

وعندما نقلب صفحات التاريخ ونقرأ ستنكشف لنا المؤامرة الخبيثة وكيف قسمت چاي كورمنج لثلاث أقاليم إداريا بين دولتين 1-چاي كورمنج منطقة عفرين 2- چاي كورمنج المحتل من قبل تركيا قديما -3 چاي كورمنج جبل الأكراد في اللاذقية ،ناهيك عن ضم أجزاء من أراضي عفرين لمنطقة أعزاز من قبل النظام البعثي وانتهاجهم لعملية التعريب المركب والغليظ لمنطقة أعزاز وبالباب وقراها.

ونطرح سؤالا على كل القوى السورية هل تضامنت تركيا مع الحراك الديمقراطي السوري أم إنها عقدت الأزمة وتسببت بالكوارث؟ لتبين لنا ما وراء الأكمة وخاصة لو وضعنا الأمور في نصابها ،وربطنا هذا السؤال بالسؤال التالي الأكثر عمقا لماذا غابت هذه الحقيقة في ذهنية وخطاب قوى الثورة والمعارضة بشقيها الكوردي والسوري. ؟ لتبين لنا مدى عمق المؤامرة.
ولماذا أقحمت تركيا نفسها بالشأن السوري هل من أجل عيون هذا أو ذاك أم أنها نشرت الفرقة وروضت بعض المعارضة كأجندات واستحضرت الدين في لعبتها ؟

الوقائع تثبت وتوضح لنا أهدافهم القذرة المستقبلية.

يقينا ما كانت الحروب التي شنتها القوى الظلامية يوما من اجل الدين ولا للدين والمعتقد علاقة بهذه الحروب.
كل الحروب تمت من أجل تنفيذ لمخططات غريبة تابعة لهذه القوى أو ذاك والدين سخر للفرقة و لسيطرة على المواقع الجيوبوليتكية وتقليص مساحات كوردستان على المراحل وتطويق عفرين من قبل البيادق التركية وإنشاء مستوطنات تركية داخل الأراضي السورية .

وعفرين كغيرها من المناطق الحيوية حولتها تركيا لساحة حروب و السيطرة عليها تنفيذا لمشروعها وصناعة مستوطنة من آدلب مرورا بعفرين لإعزاز والباب وربطهما بجرابلس وفصل عفرين عن باقي المناطق الأخرى.

وجدير بالذكر بأن المؤامرة أخذت أبعادا كثيرة جذبت كل الأجندات السطحية إليها التي روجت خطابات إعلامية تحطيما للإنجازات الحركة والقضية الكوردية في القرن المعاصر .

جوهر المؤامرة على عفرين لتطويقها وإذلالها وسلخها عن الهوية والتاريخ الجغرافية واقتطاعها من كوردستان وجعلها قاعدة لمشروع إقليمي كبير وتسخير ثرواتها ومواقعها ضد الكورد قد تصل لافتعال اقتتال كوردي/ كوردي لإجهاض المنجز الكوردواري ولإنجاز المخطط بمساندة بعض القوى السورية و الماكينات الدعائية والتي تروج العداء والفرقة .

وفي هذا الصدد نتذكر بعض المواقف والألاعيب التي روجت الأكاذيب في الخفاء تمهيدا لهذا السيناريو القذر ومنها ترويج (( شرق وغرب الفرات ونشر خارطة روج آفا حتى كوباني والوشوشة على كورد عفرين وعلى مناضليهم وتاريخهم وتهميشهم عن غير قصدوإضاعة البوصلة القومية .. . إلخ ))

وبالمقابل نستحضر تجربة كوباني وانتصار پيشمرگة والمشروع الكورداياتي بقيادة سروك مسعود برزاني وصقوره ونصبهم لراية النصر على قمة مشتل نور وإجهاضهم للمؤامرة في تلك الفترة حيث ازدانت قرى كوباني بآلا رنكين رمز الكرامة بعد إعادتها لحضن كوردستان روزآفا ونشر الروح المنتصرة رغم ممانعة بعض القوى في الخفاء.

عفرين كانت ومازالت كوردستانية متصلة بمناطق كوردية أخرى لا انفصال في الجغرافية وهذا لا يروق لتركيا التي احتلت جرابلس وأنشأت مستعمرة تركية في سوريا في لحظة من لحظات التاريخ وسط صمت كل القوى لصياغة معادلة الهزيمة وقلب الموازين وفصل جعرافية كوردستان عن بعضها .

وجدير بالذكر بأن مشارگة پيشمرگة باشور واستبسالهم دفاعا عن كوباني كانت لها تأثيرا جوهريا على معادلة الصياغة النهائية لسوريا الاتحادية الجديدة وأيضا على الشخصية الكوردستانية على طرفي الحدود.

ويبقى السؤال ما موقف القوى العالمية والتحالف من تهديدات الدولة التركية وقصفها لدولة ذات السيادة؟
وما موقفهم من الصراع على عفرين بين المشروعين الإقليمي والعالمي ؟.
وما هي مواقف و طبيعة ووظيفة جيش سوريا الجديدة التي ترعاها أمريكا والتحالف لحماية الحدود السورية التركية والسورية العراقية ولمحاربة الإهارب من تهديدات التركية وهل ستسمح بإجتياح عفرين أم لا رغم التصريحات الضابية من بعض قاداتها والتي فسرها البعض عن غير قصد بالضوء الأخضر؟
و هل ستسمح روسيا وقواعدها المتواجدة في عفرين و الدولة السورية للقوات التركية بالتدخل وانتهاك سيادة الدولة؟
هل ستعيد المعارضة صياغة مفاهيمها والنظر إلى تركيا كدولة احتلت لجرابلس والآن عفرين أم لا… ؟
هل ستشعر المعارضة بأنها استهلكت من قبل الدولة التركية وتسببت بالكوارث خدمة لأجندات طورانية غريبة؟
وهل ستسمح الجامعة العربية لتركيا العبث بأمن بلدانها بين الفينة والأخرى ؟

كل هذه التساؤلات وغيرها والإجابة عليها في المستقبل ستحدد مجرى الأحداث بعد التفاهمات الإقليمية والدولية وتبقى الحقيقة الاستراتيجية ثابتة في زوبعة المتغيرات التكتيكية السريعة بأن التحالف الدولي تنظر للكورد وقواتهم الباسلة پيشمرگة قهرمان وشرفانه كورد القوى الوحيدة التي حاربت كل القوى الظلامية بصدق وفي كل مكان و لبت نداء الواجب محاربة الإرهاب ورسم حدود المناطق الأمنة بدماء أبطالها وصقورها وتفاعلت مع القوى العالمية.

لقد أقامت القوى العالمية قواعد عسكرية في روج آفا كوردستان وهي بصدد الإعلان النهائي لتشكيل جيش سوريا الجديدة.
وأظن لو تجرأت تركيا وتدخلت في عفرين ستتوه في مستنقع الإشكاليات والأزمات لا تقدر الخروج منها في المستقبل وربما تكون هي الخاسرة الوحيدة بعد تشكيل معادلات وتوازنات جديدة على الأرض .

وبالعودة إلى العوامل الذاتية المرتبطة بالكورد أظن هذه الغطرسة ستلزم كل كوردي بوقفة مع ذاته تجبره على إعادة صياغته للمفاهيم السياسية و قراءة الوقائع من جديد . وربما تكون نقطة البدء التفكير برص الصف وترتيب البيت والعودة لاتفاقية دهوك وإلا ستضيع كل الإنجازات في مهب الريح ولو تموضعت المؤامرة على عفرين فالحبل جرار .

لتكن معاناتنا سبب وحدتنا ومبادرتنا ولتكن البدء من عفرين لطرح مشروع نتوي أخوي بين كل القوى وليكن المجلسين العمود الفقري في إطار موحد يجمع كل القوى المدنية والحزبية وإعادة مراجعة المواقف وخاصة من تركيا والقوى المرتبطة بها وقراءة المستقبل إنطلاقا من مقولة لا أصدقاء للكورد غير الكورد والكورداياتية بوصلتنا لحماية كل ذرة من روجآفا كوردستان معا يدا بيد.
لكن هل سيقدر تفدام العودة لاتفاقية دهوك وهل يقدر ممثلي أنكس مغادرة تركية واستنكار هذه الغطرسة والضغط على الإئتلاف لاستنكار الموقف التركي والتحرك الدوبلوماسي والسياسي بأسرع وقت لمنع حدوث الكارثة؟

أظن يجب الإسراع في ذلك وإلا الكل مسؤول و يتحمل مسؤولية ضياع عفرين المقدسة وانسلاخها من المشروع النتوي كما انسلخت تركيا چاي كورمنج من قبل وسط سكوت كل الفعاليات في القرن المنصرم.

 

التعليقات مغلقة.