المجلس الوطني الكوردي في سوريا

زيوار الأحمد : كوردستان سوريا في مهب الريح ..

81

إن من يتابع تاريخ الحركة القومية الكوردية في سوريا يدرك بأن الكورد اضاعوا فرصة ضنّت بها الحقب.
فالذاكرة الشعبية الكوردية في سورية مليئة بالأحقاد على النظام الحاكم؛ فأول إجراء تمييزي تعرض له الكورد في كوردستان سوريا ، ولا يزال يعانون منه الأمرين، هو مشروع الإحصاء الاستثنائي الذي اقُر في العام 1962 والذي حُرم بموجبه أكثر من سبعين ألف كوردي من الجنسية السورية، وعددهم اليوم يقارب مائتي وخمسين ألفاً حصل اغلبهم بعد قرار من الجنسية في نهاية العام 2011 على الجنسية, أي بعد انطلاقة الثورة السورية بحوالي عشرة اشهر.

و الأجراء الأخر الأشد عنصرية تطبيق الحزام العربي في العام 1968, بموجبه اغتصبت السلطة الحكومية قسماً كبيراً من اراضي الكوردية المحاذية بين جزئي كوردستان تركيا وسوريا بطول حوالي 350 كلم وبعرض حوالي 15 كلم من منطقة ديريك الى مدينة راس العين أي على الشريط الحدودي. واستقدم النظام البعثي الحاكم عدداً من العوائل العربية من مدينة الرقة وريف حلب, الى تلك المناطق ذات الأغلبية الكوردية, مما زاد من الشحن القومي بين الطرفين. هذه المشاريع جعلت الأكراد يحقدون على الأنظمة الحاكمة المتعاقبة منذ العام 1963.
والمجازر التي ارتكبها النظام البعثي ضد الكورد في ٢٠٠٤
وسلسلة لا تنتهي من الإجراءات التعسفية ضد الكورد من قبل الأنظمة العربية التي حكمت سوريا .
وكان الشعب الكوردي على غرار كافة مكونات الشعب السوري يعاني من الظلم والاضطهاد وينتظر فرصة لتخلص من هذا الواقع الذي فرضه نظام البعث على الشعب السوري عموماً و الكوردي خصوصاً .

فجاء اليوم الموعود من حوران بتاريخ 18 آذار عام 2011 في “جمعة الكرامة” لمواجهة أعتى الأنظمة الديكتاتورية في العصر الحديث.
سبق هذا اليوم الفاصل في تاريخ الثورة دعوات شباب سوريين إلى التظاهر بعد صلاة الجمعة والمطالبة بالحقوق الإنسانية والكرامة فنادوا بالثورة حتى الحرية، فكتبوا على مدوناتهم ومنتدياتهم وصفحات الفيس بوك: “شاركوا في تحرير سوريا .. يا شباب سوريا الحبيبة.. كفانا ذلاً.. كفانا قمعاً.. كفانا نهباً.. كفاناً عبودية وانطلقت الشرارة واندلعت الثورة والمظاهرات في كافة ارجاء سوريا ومنها الكورد في كوردستان سوريا .
ومنذ اليوم الأول عمل النظام وميليشياته على تفرقة الصف الكوردي ، حيث وقف حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) ضد الثورة وحاربت بجميع الوسائل الأحزاب الكوردية المؤيدة للثورة السورية، ودافعت عن النظام الذي له تاريخ مليء بالظلم والعدوان ضد الشعب الكوردي حتى وصلت ممارساته ضد الشعب الكوردي وأحزابه درجة قادة النظام لم يتوقعوا ذلك .
واصبح للكورد كيانين منفصلين ، وينشر كل من الطرفين الغسيل للطرف الآخر ، وتصبح قضية ردح واتهامات على الفضائيات ، ، وكان من المستحيل أن يحقق النظام كل هذا خلال عقود من الزمن !!

وبدأت وسائل الإعلام بالعمل ليل نهار لضياع الشعب فهذا يسفك دم أخيه ، وهذا يكذب خصمه ، وهذا يبيح حرمات غيره ، وهذا يقيل ذاك ، وذاك شرعي وغيره لا شرعية له ، وأنا مع الفيدراليه وأنت ضد ، وهذا تيار خائن والآخر إصلاحي ، ونصف في الظلام ونصف يتمتع بالنور!! وهذا يعتقل أتباع ذاك ، وذاك ينكل بأتباع هذا !! وتحرق وتغلق المقرات الحزبية الغير لأنهم أصبحوا أعداء ، وكلٌ يملك محطة فضائية ، يخوض بها حرب إعلامية وبرامج تعبوية ضد الآخر !! وللعدو الحقيقي تعطى المواثيق … لا عداء لك ولن تطلق عليك رصاصة مهما قتلت ونكلت مادمت معنا على الطرف الآخر !!

وهذا يذهب ليفاوض مع العدو المحتل بينما شعبه مقسم وحركاته متناحرة …
فهل كان يتوقع النظام حالنا الآن … لقد أرجعتم القضية الكوردية ستون سنة إلى الوراء، وعيشتمونا نكبتنا الحقيقية بمشاهد التناحر بين أبناء الوطن الواحد !!! والسجّان يقف وينظر عبر شباكه التي أحاطنا بها بكل اعتزاز وفخر بما حققه بانشغال السجناء ببعضهم البعض ، وكلما هدأت النفوس أعطى الإشارة للعملاء لتحريك الوضع من جديد ، وإشعال النار
أنحتاج الآن لمن يذكرنا بأن الصراع ليس فيما بيننا، بل هو بيننا وبين الاحتلال والظلم والقمع؟؟
… ولمن يزيل عن أعيننا الغشاوة التي تجعلنا عاجزين عن رؤية الحواجز العسكرية والاعتقالات اليومية والإجتياحات المتكررة ، والظلم والطغيان وابتسامة التشفي على شفاه معذبينا وقاتلينا وغاصبي أراضينا ومقدساتنا …

أصدقتم أنكم تحكمون دولة؟
دولة بدون شعب ،بدون حرية ،بدون كرامة ،بدون ثقافة ،دولة ينهان فيها المواطن .
والحقيقة التي لا نستطيع إنكارها أن النظام المجرم بشار الأسد وميليشياته نجحوا بتخطيط إستراتيجي بعيد المدى في دفع الكورد إلى هاوية الفوضى والاقتتال الداخلي، عبر ذج عملائه داخل الوطن ، وممارسة الحصار الاقتصادي والضغط السياسي على الشعب الكوردي … والأيام المقبلة تحمل في طياتها شبح الدمار الكامل ، كما هو مشهد الأوضاع في كوباني سابقا وعفرين حاليا … لتتحول مدن كوردستان سوريا إلى مدن أشباح !!

ولا مفر أمام الشعب الكوردي إلا أن يوحد صفوفه ويتمسك بثوابته الشرعية ويدافع عنها ويعمل على محاسبة العملاء والخونة ، وهذا وحده كفيل بإحباط ما يمكر به الكائدون ، فالخاسر الأول والأخير من تلك الأحداث هو الشعب .
ومن دون ذلك فإن الأوضاع ستبقى في طريق التصعيد والاختلاف وتصب في صالح النظام
فالمشهد الذي نعيشه هذه الأيام أكبر عار يلطخ سمعة ووجهة أينما كان … نسأل الله تعالى أن يصلح الحال والأحوال.

المقال يعبر عم وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر الموقع

التعليقات مغلقة.