المجلس الوطني الكوردي في سوريا

يوسف بويحيى: ما أضيق الحياة لولا فسحة الألم…

62

يوما بعد يوم تحملك سفينة الحياة إلى محطات مستقبل لا تدركه ،ومعك تحمل كل حقائب ماضيك و حاضرك و لاشعورك بما تعيه و ما لا تعيه.

يوما ستدرك أيها الإنسان أن الحياة مجرد لغز يحوي حقيقة لا يمكن لمسها بالجسد ،ولا يمكن فهمها بالنظر ،ولا يقتصر بلوغها بعقل جاف ،بل لابد من روح ذكية ترمي بنسماتها على الأشياء قبل الإيمان.

إن الوعي لا يكون إلا بالألم ،لكن لابد له أن يكون ألما إيجابيا يدفع الروح صوب الطموح ،فلا عظمة تفوق تلك الروح المعذبة لأجل بلوغ ذروة الألم.

يبقى الوجود هو حيز الألم الذي تلامسه الروح و تتغدى منه ،فمن لم يتألم لروحه و لغيرها يبقى مجرد شيء موجود.

إن مراتب السعادة تكمن في كمية الألم المتدفق ،فتخوف البعض من الألم و حبه للسعادة يعود إلى طبيعة الروح المحركة له ،وأغلب الظن تكون روحا مزيفة.

لا يمكن فصل الألم على السعادة أبدا ،وأينما حل اليأس ينبعث الأمل ،وغالبا ما نعي الشيء من نقيضه ،لهذا يستوجب على المرء أن يغوص في عمقه بجرأة ،قصد الوصول إلى تلك الروح الحقة القابعة فيه ،علما أن ما يمنعه منها الخوف المرضي و جمالية المزيف…

أن تفكر لا يعني دائما أنك موجود ،إذ يمكن أن تكون لاموجود و أنت تفكر ،أي عندما تكون بعيدا عن الحقيقة في تفكيرك ،وما الوجود الحقيقي إلا حركة في فضاء الفكر الإيجابي ،وأرقى درجات الوجود تدرك عن طريق الألم ،والموجود لا مكان له في عالم الحقيقة إن لم يكن حقيقيا ،لهذا فمهما جعل الحب من الإنسان إنسانا ،فالألم يجعل الحب حيا في إنسانيته للأبد.

إمضي دون أن تخشى الجحيم مادمت تملك الحقيقة ،وكلما حاول حرقك أطفئ لهيبه بنظرة واحدة من عينيك.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع 

التعليقات مغلقة.