المجلس الوطني الكوردي في سوريا

كانيوار علي (كورداغي) : الذكرى السنوية الأولى على كارثة عفرين

325
 أولاً – مرور عام على احتلال منطقة عفرين الكردستانية …… واقع الحال:
مقدمة: كانت التحضيرات والحشودات تتم وتجري على قدم وساق بالتوازي مع المباحثات والمشاورات المكثفة بين الطرفين التركي والروسي بشأن الصفقة أو المقايضة والتي فحواها عفرين مقابل مناطق واسعة من إدلب بداية والغوطة وشمال حمص لاحقاً.
لقد تمت الصفقة بتواطىء أو عجز من أطراف وجهات معينة وتغاضي من قبل أطراف أخرى ذات صلة ومؤثرة في الساحة السورية وفي ظل مواقف من سلطة الـ PYD أقل ما يقال فيها (الغرور – المغامرة – الاستهتار) بالخطر الوجودي المحدق بمنطقة عفرين.
بتاريخ 20 / 1 / 2018 م وفي حوالي الساعة الرابعة عصراً حلقت أسراب من الطائرات في سماء منطقة عفرين وقامت بقصف مكثف للأهداف المحددة، لقد بدأت عملية الإجتياح من قبل القوات التركية بالتعاون مع الفصائل المسلحة المرتزقة للمعارضة السورية.
وبالرغم من الحملة المكثفة من قبل الماكينة الإعلامية التركية وأعوانها في الأيام السابقة للاجتياح وخلاله والتي كانت تستهدف تضليل الرأي العام وطمأنته وخلق حالة من القبول لدى السكان الكرد في منطقة عفرين، فإن غالبية سكان المنطقة بمن فيهم معارضو سلطة الـ PYD كانوا مدركين تماماً للأهداف الحقيقية لهذه العملية، استناداً لخبرتهم الطويلة بسياسات السلطات التركية المتعاقبة في عدائها العنصري الشوفيني المتأصل والمزمن تجاه الكرد، وبناءً عليه فإن العمليات المشتركة من قبل الجيش التركي وحلفائه لم تلق الترحاب بأي شكل.
بل وعلى العكس فإن مواقف مختلف القوى السياسية والرأي العام بمن فيهم معارضو سلطة الـ PYD كانت تنطلق من اعتبارها عدواناً سافراً يستهدف الوجود الكردي.
إن مشاعر القلق لدى السكان كانت مشروعة وبمحلها، فمنذ الأيام الأولى للعدوان المشترك بدأ يتكشف من خلال الانتهاكات الواسعة النطاق والمعاملة الوحشية والأعمال الانتقامية زيف إدعاءات المعتدين ومدى الحقد والكراهية لديهم تجاه الكرد.
لقد تعرضت ومازالت تتعرض المنطقة بقراها وبلداتها ومدنها للاستباحة بكل معنى الكلمة، وبالرغم من خطورة وحظر القيام بمراقبة وتوثيق ومتابعة الانتهاكات، إلا أنه وبالاستناد الى الخبرة والمعلومات والمعرفة السابقة ومعايشة الواقع يمكن إعطاء صورة أقرب الى الواقع عن حجم الانتهاكات وحقيقة الأوضاع في المنطقة.
الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان:
لقد تعرضت سكان منطقة عفرين ولايزالون وخاصة المكون الكردي بصفته المكون الرئيسي لاستهداف ممنهج ولانتهاكات شاملة وصارخة سواءً من قبل المرتزقة أو الأجهزة الأمنية التركية بشكل مباشر.
فلقد تعرض الكثير من المواطنين للتهديد والاعتداء والإهانة والإذلال، ومازالت حملات الدهم والاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي مستمرة، الفردية منها والجماعية، بين الحين والآخر، تحت يافطة وبتهمة الانتماء أو التعاون والخدمة في أجهزة سلطة الـ PYD.
ويتم استغلال هذه التهمة بصورة مجحفة وقذرة، ففي الواقع فإن كل شخص معارض أو غير مرحب بسلطة الاحتلال أو يقف بوجه المظالم ويقوم بفضح الانتهاكات يكون عرضة للتهديد والاعتداء والاعتقال، حتى ممن كانوا معارضين للـ PYD وسلطتها، كما أن ظاهرة الاختطاف بغاية الابتزاز المالي مازالت حاضرة في المشهد.
ولابد من الإشارة بهذا الصدد إلى الإجراءات الأكثر خطورة وإثارة للقلق وخرقاً لمبادئ حقوق الإنسان الممنهجة والمتمثلة بمنع السكان الكرد المهجرين قسراً من العودة إلى قراهم وبلداتهم وإسكان النازحين القادمين والمستقدمين من خارج المنطقة في القرى الكردية وبيوت المواطنين الكرد، إضافة إلى رفض تمكين مئات العوائل العائدة من استلام بيوتهم (مركز ناحية بلبل – مركز ناحية المعبطلي – قرية بافليون الإيزيدية – قرية علي بازانلي – قرية شيخ خورز – قرية طاغ أوبه سي ” جيه ” ……. الخ)، باستثناء حالات فردية قليلة ومقابل مبالغ مادية كبيرة.
وقد باءت بالفشل حتى الآن أغلب المحاولات والمساعي بما فيها القانونية من إيجاد حل لهذه المشكلة، ولقد تعرضت الجهات المحلية الناشطة في هذا المجال إلى التهديد والاعتداء (مجلس بلدة شيخ الحديد – مجلس بلدة المعبطلي ….. الخ). إن مثل هذه الإجراءات إضافة إلى تسجيل النازحين على قيود المنطقة تندرج في إطار سياسية التغيير الديمغرافي والتطهير العرقي.
الانتهاكات في المجال الاقتصادي:
لقد تعرضت ممتلكات المواطنين وعلى نطاق واسع لأعمال السلب والنهب، ليس فقط أثناء سير الأعمال القتالية وفرار المواطنين من جحيم الحرب تاركين خلفهم ممتلكاتهم بل استمرت بعد احتلال منطقة عفرين وزوال سلطة الـ PYD ولازالت مستمرة.
ومن الجدير ذكره أن أعمال السلب والنهب والتخريب لم يقتصر على الممتلكات الخاصة بل طالت الممتلكات والمنشآت والمرافق العامة والبنى التحتية (المياه – الكهرباء – الهاتف – المرافق الصحية – التعليمية – دور العبادة – غرف التحكم والملحقات والأجهزة لسد 17 نيسان – محطات ضخ المياه والمعالجة …. الخ).
لقد تعرضت الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية للسلب والنهب والاستيلاء بقوة السلاح (محاصيل الحبوب – الفواكه)، والزيتون بشكل خاص بصفته المحصول الأساسي لسكان المنطقة، ولقد بلغ حجم التجاوز والاستيلاء على محصول الزيتون في بعض النواحي حوالي 60 % من اجمالي الإنتاج الموسم لعام 2018 م – 2019 م.
كما يتعرض المزارعون المحليون لفرض إتاوات مرهقة ومختلف أنواع الابتزاز، إن جملة الانتهاكات المرتكبة من قبل مرتزقة بما يسمى بالجيش الحر أمام مرأى ومسمع سلطات الاحتلال التركي وتحت يافطة (الغنائم) السيئة الصيت، أدت إلى افقار المزارعين الكرد وشعورهم بالإذلال والإحباط، كما وكشفت زيف ادعاءات الساسة الأتراك بعدم استهداف المواطنين الكرد واعتبارهم أخوة.
إن القطع العشوائي اللامسؤول لأشجار الزيتون من قبل مرتزقة الجيش الحر ليلاً نهاراً، يترك آثار سلبية اقتصادياً ومعنوياً، ويضاف إلى ذلك قطع آلاف الأشجار من قبل الجيش التركي بهدف انشاء مقار وحواجز أمنية وقواعد عسكرية (مطار كفرجنة ……. الخ)، إننا لا نغالي ولا نبالغ في القول إن اجمالي الخسائر المادية تقدر بحوالي ملياري دولار.
الانتهاكات في مجال البيئة:
إن المشاكل البيئية لم تلقى الاهتمام منذ احتلال المنطقة بل وعلى العكس وفي ظل الفوضى وغياب الضوابط تفاقمت بشكل ملحوظ، ومن أهم الانتهاكات في هذا المجال عشرات الحرائق التي طالت الغابات في مختلف أرجاء المنطقة والتي كانت أغلبها متعمدة.
كما طالت الحرائق بعض حقول الحبوب والزيتون والكروم والفاكهة، نتيجة الإهمال والاستهتار من قبل المسلحين والنازحين أو نتيجة فعل متعمد.
وبالرغم من الجهود الكبيرة والتي تستحق الثناء والشكر وذلك من قبل فرق الدفاع المدني والمتطوعين والإطفاء وبالتنسيق مع المجالس المحلية، والتي كان لها دور كبير في السيطرة على الحرائق وإطفائها، إلا أنه وبسبب الإمكانات المحدودة ووعورة التضاريس وغياب الإطفاء الجوي تم التهام وزوال مئات الهكتارات من الغابات.
ومن جدير ذكره أن منطقة عفرين لم تشهد حرائق الغابات قبل الاحتلال إلا فيما ندر، وذلك بسبب الضوابط المفروضة والحرص والشعور العالي بالمسؤولية من قبل المواطنين، كما أن الغابات تتعرض للقطع العشوائي الجائر وعلى نطاق واسع من قبل عصابات الجيش الحر بغرض الإتجار بالحطب.
حرائق في الصيف ………………………… تعديات القطع في الشتاء والنتيجة فإن مساحات الغابات تتلاشى وتتقلص بشكل مخيف، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية ونتائج وخيمة على البيئة.
الانتهاكات في مجال الثقافة – التراث – الآثار:
لقد تعرض الموروث الشعبي لمنطقة عفرين والمحفوظ منذ عشرات ومئات السنين للنهب والتخريب والتدمير من قبل قطعان الهمج التي احتلت منطقة عفرين.
كما تعرضت المواقع الأثرية للقصف الجوي المتعمد والغير المبرر وبعضها مصنفة في سجل التراث العالمي (تل عين دارة الأثري)، وأيضاً تعرضت المواقع الأثرية والأضرحة والمزارات للنبش والجرف والهدم والتخريب في وضح النهار بحثاً عن الكنوز واللقى الأثرية، أو انطلاقاً من الثقافة الرجعية والفهم الخاطئ للتعاليم الدينية، والكراهية والحقد تجاه الكرد (موقع النبي هوري – مزار قره جرن – مزار حنان – قبر نوري ديرسمي …… الخ) دون تدخل أو ردع من قبل سلطات الاحتلال.
ولقد تم تحويل العديد من المنشآت الثقافية والتعليمية إلى مراكز عسكرية وإدارية ومقار أمنية، ومن جهة أخرى عمدت سلطات الاحتلال إلى تحطيم التماثيل والنصب التذكارية والأعمال الفنية ذات العلاقة بالثقافة والتاريخ الكردي واحلال نماذج أخرى محلها مستفزة ولا تلقى القبول.
كما عمدت إلى تغيير التسميات الكردية للساحات والشوارع وبعض القرى وواجهات المراكز والمؤسسات والمحلات وابدالها بتسميات عربية وتركية.
إن جملة الانتهاكات الآنفة الذكر يُنظر إليها من قبل الكرد بصفتها سياسة ممنهجة تهدف القضاء على الإرث الثقافي والتاريخي للمنطقة وإلغاء هويتها القومية.
ثانياً – النتائج الكارثية بعد مرور عام على احتلال منطقة عفرين الكردستانية:
تمهيد: مع استمرار العمليات القتالية يوماً بعد يوم واشتدادها بدأ سكان الأطراف ينزحون شيئاً فشيئاً وبدون استثناء نحو مدينة عفرين المركز حيث الهدوء الملفت.
لقد تلاشت الآمال بإيجاد حل في ظل الصمت الدولي وبدا أن عفرين تسير نحو قدرها وبدأت المخاوف تراود مواطني عفرين والقلق البالغ يسيطر عليهم بشأن المصير المجهول، إن الشكوك بوجود مخطط أخطر من الحرب ذاتها والمتمثل بإحداث تغيير ديمغرافي بدأت تقض مضاجع مواطني عفرين وبشكل خاص الفئات المثقفة والواعية.
لقد بينت الأيام ومجريات الأحداث والسياسات المتبعة لاحقاً، صدق وواقعية هذه الأحاسيس والمخاوف، ففي ظل احكام الحصار وتشديد الخناق على مدينة عفرين وقبيل الاقتحام تم الإبقاء على ممر اجباري وحيد حيث جرى نزوح جماعي للمواطنين بعيداً عن مدينتهم وقراهم وبلداتهم وبعيد اقتحام المدينة واستكمال احتلال المنطقة تم اتخاذ مختلف الإجراءات لعرقلة عودة السكان إلى قراهم وبلداتهم بما في ذلك الابتزاز المالي واستخدام القوة ومن قبل مختلف الأطراف، وأمام الرغبة الجامحة لدى المواطنين والإصرار على العودة وبروز روح التحدي لدى الغالبية تم اللجوء إلى استخدام العنف المفرط والذخيرة الحية وزراعة الألغام في المسالك ودروب العودة مما خلف العديد من الضحايا.
وبالمقابل كان العمل يجري بشكل حثيث لاستقدام عشرات الآلف من مختلف مناطق النزاعات والمصالحات والمخيمات وتوطينهم في مدينة عفرين المركز والقرى والبلدات الكردية.
من المعلوم أن منطقة عفرين كانت ذات غالبية كردية مطلقة بنسبة تفوق 90 % إلا أن الوضع تغير واختل بشكل كبير جداً نتيجة جملة المضايقات والانتهاكات والإجراءات التي تمت ومازالت في سياق أجراء عملية تغيير ديمغرافي ممنهج وقسري حيث انخفض عدد السكان الكرد إلى أقل من / 200000 / نسمة أي دون 30 % من اجمالي القاطنين بينما بلغت أعداد المستوطنين ما يقارب / 500000 / نسمة.
ومما يزيد من مخاوف أبناء القومية الكردية إجراءات أخرى تقوم بها سلطات الاحتلال من قبيل تسجيل النازحين على قيود المنطقة، والخشية من إجراءات لاحقة تتمثل في الإقدام على تسجيل العقارات السكنية والتجارية والزراعية بأسماء المستوطنين، والعائدة للكرد المهجرين قسراً والممنوعين من العودة والممتنعين خشية الانتقام.
إن جملة السياسات والإجراءات المتبعة من قبل سلطات الاحتلال التركي ومرتزقتها حيال السكان الأصليين تصنف وتندرج ضمن جرائم التطهير العرقي.
الأمن – الأمان – سيادة القانون:
بعد مضي عام على احتلال عفرين ورغم حصول بعد التقدم في هذا المجال إلا أنه تقدم بطيء وهش، فالأمن غير مستتب وأجواء القلق والخوف هي السائدة، ومازالت الانتهاكات الفردية والجماعية بحق المواطنين قائمة وواسعة النطاق في بعض الأماكن.
ورغم تفعيل المحاكم والقضاء إلا أن دورها وتأثيرها مازال شكلياً وضعيفاً وفي كثير من الأحيان يضرب بقراراتها عرض الحائط، إن عمليات الدهم والاعتقال والتعذيب الفردية والجماعية مازالت مستمرة هنا وهناك بحجج وذرائع واهية وغير مقنعة.
كما أن التهديدات وجرائم القتل والاختطاف والسرقات وأعمال السلب والنهب وفرض الاتاوات والابتزاز مازالت مستمرة.
إن أكثر الاعمال إجراماً وخطورة على الوضع الأمني تلك التفجيرات الإرهابية التي تحصل في الأماكن العامة بين الفترة والأخرى والتي أودت حتى الآن بحياة عشرات المواطنين الأبرياء العزل.
و بغض النظر عن الشكوك حول الجهات التي تقف ورائها والتي تلتقي مصالحها في استثمار مثل هذه التفجيرات الإرهابية فإنه ومما لا شك فيه كونها تؤثر تأثيراً سلبياً بالغاً على الوضع العام وتخلق حالة من الهلع والخوف والارباك.
ولا بد في هذا المجال من الإشارة إلى الإجراء التمييزي بحق المواطنين الكرد من خلال تجريدهم من السلاح الذي كان بحوزة البعض على قلتها عن طريق حملات الدهم والتفتيش في حين إن المواطنين من غير الكرد سواء سكان المنطقة أو النازحين يحوزون على مختلف أنواع الأسلحة الفردية بل يحملونها في وضح النهار دون التعرض للمساءلة، ولا يمكن تفسير مثل هذا الإجراء التمييزي إلا بجعل المواطنين الكرد بصفتهم أصحاب الحق والأرض يعيشون أجواء ملؤها التهديد والقلق والقمع والاعتداء دون التمكن من الدفاع عن النفس ورد المظالم.
ومن المهم للغاية الإشارة إلى أن جملة الإجراءات والأوضاع السائدة دفعت وتدفع بالمزيد من المواطنين الكرد وخاصة أصحاب الكفاءات والفعاليات الاقتصادية إلى الهجرة والنزوح عن المنطقة، وإلى انكفاء المهجرين قسراً عن التفكير بالعودة.
الوضع الاقتصادي:
إن عمليات النهب والتخريب التي طالت المنشآت الاقتصادية وجملة الظروف والأوضاع غير الطبيعية وغير المطمئنة أرخت بظلالها على الوضع الاقتصادي، مما دفع بمعظم الفعاليات وفي مختلف قطاعات الاقتصاد إلى الانكفاء والتردد في إعادة تأهيل منشآتهم ونزوح غالبيتهم خارج المنطقة.
إن القطاع الزراعي والذي يعد القطاع الاقتصادي الأساسي (الحبوب – الفاكهة – الخضار …… الخ) وبشكل خاص محصول الزيتون والصناعات الزراعية (منشآت عصر الزيتون – معامل البيرين – صناعة الصابون) ونتيجة أعمال التخريب والانتهاكات والتجاوزات والعراقيل وتدني الأسعار وبالتالي ضعف المردود الاقتصادي وقلة الأيدي العاملة الخبيرة، بات هذا القطاع يعاني من الإهمال واحتمال انكماش وتراجع الإنتاجية بشكل جدي وخطير.
أما قطاع الثروة الحيوانية الضعيف أصلاً بالنظر إلى استثمار وزراعة معظم الأراضي الهضابية والجبلية بالأشجار المثمرة والغابات وتضاؤل رقعة المراعي، فقد تعرض للتلاشي بسبب تعرض المواشي والدواجن والتي خلفها القرويون عند نزوحهم أثناء العمليات الحربية إلى السرقة والذبح والنفوق.
وبالمقابل فإن الأعداد الكبيرة من الماشية التي جلبها النازحون معهم إلى المنطقة شكل ويشكل خطراً كبيراً على القطاع الزراعي نتيجة استهتار أصحابها ومن منطق القوة ودون رادع بترك مواشيهم تعيث اتلافاً بكروم الأهلين وحقول القمح والزيتون وهذه مشكلة لابد من وضع حلول وضوابط صارمة لها.
تقييم وضع الخدمات:
إن أغلب الخدمات الأساسية في المنطقة (كهرباء – مياه – البريد والهاتف – النظافة – الصحة – التعليم ……الخ) إما معطلة بشكل تام أو مختلة.
فالمنطقة محرومة من الطاقة الكهربائية منذ سنوات وما زاد الطين بلة تعرض أغلب شبكات الكهرباء والمحولات للإتلاف والتخريب شبه الكامل والسرقة في أغلب أرجاء المنطقة من قبل المسلحين والنازحين، وبالرغم من وعود السلطات التركية بإعادة تأهيل الشبكات وتغذية المنطقة بالتيار الكهربائي عن طريق الربط مع الشبكة التركية، إلا أن تلك الوعود منذ عدة أشهر لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
وينطبق الحال على خدمة الهاتف فهي معطلة بالكامل، وقد تم الغاء مراكز الهاتف وتحويلها إلى وظائف أخرى، أما مشاريع مياه الشرب فإن عمليات إعادة التأهيل والتفعيل تسير ببطىء شديد في كثير من التجمعات السكانية وفي مدينة عفرين المركز فإن المياه مقطوعة أغلب أيام الأسبوع، إن عمليات إعادة تأهيل وتفعيل خدمات الصحة والتعليم ليست على ما يرام، فقد تأخر افتتاح المدارس في أغلب الحالات إلى منتصف الشهر العاشر، وقسم كبير من المدارس لم يتم تأمين منهاج العديد من المواد لحد الآن وخاصة الاجتماعيات، ولم تدرس اللغة الكردية إلا في بعض المدارس، ولم يجري العمل على تعين مدرسين لتعليم اللغة الكردية وفق المطلوب تماماً، ومدرسي المواد غير مختصين، وقسم منهم تقدم بأوراق مزورة وخاصة من النازحين، ولم يتم تأمين مادة الوقود لأغلب المدارس، ومازالت بعد المدارس تتم صيانتها من قبل بعض المنظمات، كما تم تحويل العديد من المدارس إلى مراكز إدارية وعسكرية وأمنية.
الخسائر المادية في منطقة عفرين منذ 20 / 1 / 2018 م:
وتشمل هذه الخسائر تلك الناجمة عن الأعمال القتالية وأعمال السلب والنهب والتخريب.
1 – الخسائر الناجمة عن الأعمال القتالية:
     الخسائر الناجمة عن الدمار الكلي والجزئي للمباني السكنية حوالي / 85000000 / $
     الخسائر التي طالت المنشآت الخاصة والعامة والمرافق حوالي / 50000000 / $
     الخسائر التي طالت المنشآت الخاصة والعامة والمرافق حوالي / 50000000 / $
     الدمار و الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية حوالي / 25000000 / $
     الأضرار التي طالت الحقول والمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية حوالي / 15000000 / $
2 – الخسائر الناجمة عن أعمال السلب والنهب والتخريب وغير ذلك من قبل الفصائل المسلحة والنازحين:
        المحاصيل الزراعية المختلفة المخزنة والثروة الحيوانية حوالي / 50000000 / $
        الآليات الزراعية المسروقة حوالي / 25000000 / $
        آليات النقل السياحية والعامة المسروقة حوالي / 10000000 / $
       سرقة محتويات المنشآت الصناعية والتجارية والخدمية الخاصة حوالي / 50000000 / $
       نهب وسرقة محتويات المحلات التجارية والورش الفردية حوالي / 50000000 / $
       نهب وسرقة محتويات المنازل السكنية حوالي / 400000000 / $
       نهب وتخريب محتويات المنشآت والمرافق العامة حوالي / 100000000 / $
       نهب وتخريب شبكات البنية التحتية وملحقاتها حوالي / 200000000 / $
3 – الخسائر الناجمة عن نهب وسرقة وتخريب موسم 2018 – 2019:
       نهب محصول الحبوب لموسم 2018 م مع فروقات الأسعار المفروضة حوالي / 20000000 / $
       نهب وسرقة محصول الفواكه والحمضيات والمحاصيل الأخرى لموسم 2018 م حوالي / 10000000 / $
       نهب وسرقة محصول الزيتون لموسم 2018 – 2019 حوالي / 35000000 / $
       الخسائر الناتجة عن تدني أسعار مادة الزيت والمفروضة من قبل الدولة التركية حوالي / 35000000 / $
       الخسائر الناجمة عن القطع غير المشروع لمختلف الأشجار المثمرة وخاصة الزيتون حوالي / 15000000 / $
       الخسائر الناجمة عن سوء الخدمة بسبب العراقيل والظروف الناشئة حوالي / 25000000 / $
4 – سرقة وسلب المبالغ النقدية والإتاوات المختلفة والفديات وبدلات العبور حوالي / 100000000 / $
5 – خسائر البطالة الناشئة نتيجة الظروف حوالي / 50000000 / $
6 – الخسائر الناجمة عن توقف المنشآت الصناعية والتجارية وغيرها حوالي / 200000000 / $
إجمالي الخسائر حوالي / 1625000000 / $ مليار وستمائة وخمس وعشرون مليون دولار.
الخلاصة:
لقد فشلت السلطات التركية بصفتها سلطات احتلال في الوفاء بالتزاماتها والمترتبة عليها وفق القوانين والمواثيق الدولية، بل دأبت على تركيز اهتمامها على احداث تغييرات ديمغرافية بنيوية في منطقة عفرين وبما يؤدي في نهاية المطاف إلى طمس هويتها الكردية، دون الاكتراث بالصراعات الأثنية المستدامة التي سيولدها هذا التغيير القسري.
ومن المؤسف أن يجري ذلك في ظل الصمت الدولي وتواطأ بعض الأوساط ومن مختلف المستويات، إن المجتمع الدولي والقوى المؤثرة مدعوة لممارسة صلاحيتها ونفوذها والقيام بمسؤولياتها بالضغط على السلطات التركية للكف عن سياساتها العنصرية والعدائية تجاه الكرد، وكذلك الضغط على الأطراف والجهات ذات الصلة لإزالة العراقيل واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتمكين سكان منطقة عفرين المهجرين والمبعدين قسراً من العودة الآمنة إلى قراهم وبلداتهم واستعادة بيوتهم وممتلكاتهم، وإيجاد الحلول المؤقتة والمقبولة لمشاكل النازحين السوريين من خارج المنطقة ودون الإضرار أو التجاوز على حقوق السكان الأصليين، ووقف كافة أشكال الانتهاكات والاستيلاء والاستحواذ بمنطق القوة، وغيرها من السياسات الغير المشروعة.
*المعلومات الواردة في البحث تقع على مسؤولية الكاتب .

التعليقات مغلقة.