المجلس الوطني الكوردي في سوريا

ملف المنطقة الآمنة على المحك، وشبكة موقعنا تستطلع آراء النخبة السياسية

84

 

بات مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إقامة منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا حديث الساعة، حيث تشير المؤشرات إلى أنّ عمق هذه المنطقة سيمتد ليصل إلى 32 كم داخل الأراضي السورية، وذلك لتهدئة مخاوف أنقرة الأمنية بحسب ماأكدته واشنطن التي ترى في الوقت نفسه أنّ أيّ تدخّل عسكري تركي أحادي الجانب في المناطق الشمالية من سوريا يمكن أن يعرقل استمرار هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة.

وفي صدد اللقاء العسكري الذي جرى بين الوفدين التركي والأمريكي في أنقرة وإعلانهما التوصل لاتفاق يقضي بفتح مركز “عمليات مشترك” للتنسيق حول كيفية إقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا، قامت شبكة موقع المجلس الوطني بطرح عدّة تساؤلات على سياسيين ومحللين للوضع الراهن لعلّها توضح بعض الشيء الغموض الذي يلفّ هذا الملف،وهي :

-هل مشروع المنطقة الآمنة مطلب تركي أم ضرورة كوردية؟

-من هي القوات العسكرية التي ستتولى مهمة الحفاظ على الأمن داخل المنطقة و ما هو دور قوات التحالف فيها ، و هل هناك ترحيب بوجود تركي داخل حدود المنطقة الآمنة؟

– أليس هناك تخوف من تجميع اللاجئين في هذه المنطقة ، و بالتالي تكون تمهيداً لتغيير ديموغرافيتها؟

-ما هو مصير المناطق الكوردية الأخرى في غرب الفرات ، و هل بتنا أمام واقع التقسيم في كوردستان سوريا؟

فقد أكد الدكتور كاوى عزيزي أنّ مشروع المنطقة الآمنة هو مطلب جميع الأطراف ,طلبته تركيا وطرحته أمريكا وقبلها الكورد , لكن لكلٍّ منهم وجهة نظره “المعنى في قلب الشاعر“.

وتابع عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا كاوى عزيزي حديثه في الصدد ذاته قائلاً ” تركيا ترغب في أن تكون المنطقة الآمنة تحت سيطرتها المباشرة , وطرد الإدارة وقسد ومسد، إضافةً لإخضاع المنطقة لقوات الجيش الحر وإسكان ثلاثة ملايين لاجئ سوري في المنطقة الآمنة التي يجب أن تمتد من سيمالكا إلى جرابلس وبعمق 40—50 كيلومتراً بحسب الرغبة التركية.

مشيراً أنّ أمريكا طمأنت تركيا بأنّ الإدارة وقسد ليستا خطراً على أمنها القومي ولذلك اقترحت إقامة “منطقة آمنة ” تسير فيها دوريات مشتركة “أمريكية تركية” عند اللزوم من دون دخول قوات تركية بمفردها أو إقامة قواعد دائمة فيها، وكذلك إبعاد “قسد” من الحدود مع أسلحتها إلى عمق 15 كيلومتراً أو أكثر كثر وتبقى مهمتها محاربة داعش، لتبقى مهمة حماية الحدود التركية السورية من حصة أمريكا وتركيا بعد أن يتم تشكيل إدارة جديدة في المنطقة الآمنة وكامل شرق الفرات تشترك فيها كل المكونات، وإخراج كل من هو ليس سوري الجنسية .

أما من الجانب الكوردي فقد لفت عزيزي بأنّ المجلس الوطني يقبل بالاقتراح الأمريكي ويرغب بمشاركة “لشكرى روژ” بأمن المنطقة الآمنة، كما ويقبل بالمبادرة الفرنسية، مستدركاً” أنّ الإدارة الذاتية ترغب بالاتفاق مع كل الأطراف بما فيها تركيا لكن ليس مع المجلس الوطني .

وفي ردّه على سؤالٍ حول القوات التي ستحمي المنطقة الآمنة قال عزيزي” إنّ القوات التى ستحمي المنطقة الآمنة ستكون بالتأكيد “قوات دولية” مع متطوعين من أبناء المنطقة، ومن الممكن جداً أن تكون قوات بيشمركه روچ” لشكرى روژ” جزءاً من قوة الحماية هذه،، منوّهاً أنّ القوات التركية والجيش الحر غير مرحّب بهم في هذه المنطقة ولن يدخلوها بهدف السيطرة .

وتعليقاً على الاتفاق التركي الأمريكي حول جعل المنطقة ممراً للسلام ولعودة اللاجئين قال عزيزي ” نعم المنطقة الآمنة ستكون ممراً للسلام ولعودة اللاجئين السوريين في تركيا , لكن فقط لأبناء المنطقة اللاجئين في تركيا وليس لكل اللاجئين، فلو سُمح بإسكان اللاجئين من محافظات الداخل في المنطقة فهذا من شأنه أن يغيّر التركيبة الديمغرافية للمنطقة وهذا غير مسموح به” كوردياً”، لافتاً أنّ الأمريكيين قد أشاروا إلى أنّ عودة اللاجئين ليست للتغيير الديمغرافي بل لعودة أبناء المنطقة الأصليين .

وأوضح أنّ سوريا حالياً مقسّمة إلى منطقتي نفوذ هما ” غرب الفرات وشرق الفرات” وتتحكم بهما كل من روسيا وأمريكا، والوضع معقد جداً، ولابدّ من انتظار الحلول السياسية النهائية في سوريا وكتابة الدستور السوري الجديد وإخراج القوات والميليشيات الأجنبية من سوريا وتحديد شكل النظام السياسي والحقوق الأساسية للمواطنين ومكونات الشعب السوري بما في ذلك الشعب الكوردي وهو الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية للشعب الكوردي في سوريا حسب القوانين والمواثيق الدولية .

ومن جهته قال علي مسلم عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني سوريا ” بغض النظر عن أنّ المنطقة الآمنة التي جرى الاتفاق عليها مؤخراً بين الجانبين التركي والأمريكي جاء على خلفية طلب تركي بحجة حماية أمنها القومي، إلا أنها تأتي بالدرجة الأولى لمصلحة السوريين ( جميع السوريين ) على اعتبار أنها تضع حداً للحرب من جهة وتهيأ الأجواء للاستقرار من جهة أخرى وبالتالي تحقق عودة آمنة للاجئين السوريين إلى قراهم ومدنهم .

و حول تفاصيل المنطقة الآمنة و القوات التي ستتولى مهمة الأمن فيها أضاف مسلم : أعتقد أنّ حيثيات المنطقة الآمنة ما زالت معالمها غير واضحة حتى الآن سيما من جانب هوية القوات العسكرية التي ستقوم بمهمة حمايتها لوجستياً، لكن الواضح أنّ جانب الإدارة المدنية ستقتصر على القوى المدنية المحلية بما في ذلك الكورد، ومن المؤكد أنّ قوام هذه الإدارة سيكون شاملاً بحيث يستوعب جميع المكونات دون استثناء، وسيكون الدور التركي مقتصراً على التمركز في نقاط المراقبة التي سيتم تحديدها بشكل مشترك مع الجانب الأمريكي إلى جانب قيام الجانبين بدوريات مشتركة لمراقبة خطوط الفصل ،

ومضى بالقول ” من الممكن أن تتولى قوات التحالف الدولي مسألة حماية المنطقة الآمنة في المراحل الأولى ليتم تسليمها إلى قوى محلية يتم تأهيلها لاحقاً وليس مستبعداً أن تكون قوات البيشمركة جزءاً من هذه القوات .

و نفى مسلم تخوّفه من حدوث أي تغيير ديموغرافي في المنطقة ، وأكد أنّ مشروع ممر السلام لا يشكّل خطراً وأنّ المنطقة ستكون منطقة عبور إلى الداخل السوري فقط ، مشيراً إلى ذلك بقوله :
لا أظن أن يواكب هذا الجهد الدولي أي شكل من أشكال التغيير الديموغرافي إنما المقصود بممر السلام هو إمكانية فتح الطريق أمام اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا للعودة إلى مناطقهم سيما أبناء محافظة الرقة ومنطقة كوباني وسري كانيه وأبناء المناطق الأخرى كما أنّ ذلك يتيح المجال أمام النازحين للتوجه من محافظة الحسكة إلى حلب أو العكس .

وفيما يتعلّق بالمناطق الكوردية في غربي الفرات أكد مسلم أنّ مصيرها مرتبط بحل الوضع السوري بشكل عام قائلاً :

بالنسبة لمصير مناطق غرب الفرات فمن الواضح أنها ستبقى ضمن مناطق النفوذ التركي لفترة زمنية غير محددة وربما تتعلق مدة هذه الفترة بمدى نجاح عملية الانتقال السياسي وصياغة دستور سوري جديد وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية .

وكانت السفارة الأمريكية في تركيا قد أعلنت من خلال ييانٍ نشرته إنه “تم الاتفاق مع أنقرة على إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا”، مضيفة “تم الاتفاق على اتخاذ إجراءات سريعة استجابة لمطالب تركيا الأمنية”.

وبيّنت السفارة أنّ المنطقة الآمنة “يجب أن تصبح ممرا آمنا في إطار الجهود المبذولة لإعادة المهجرين السوريين إلى بلادهم”.

ويشار أنّ تركيا أعلنت عن تحليق طائرات من دون طيار شمال سوريا ، تأسيساً لمشروع المنطقة الآمنة ، بعد التفاهم مع واشنطن.

تقرير : بيرين يوسف

التعليقات مغلقة.