المجلس الوطني الكوردي في سوريا

الشراكة الوطنية وفزاعة الأكثرية “د. راتب شعبو و د . المفكر أحمد برقاوي أنموذجاً”.

69

الشراكة الوطنية وفزاعة الأكثرية

 ( د. راتب شعبو و د . المفكر أحمد برقاوي أنموذجاً )

 وليد حاج عبد القادر – دبي

في سنة ١٩٨٠ وبعد انتهاء المؤتمر الخامس لحزب الإتحاد الشعبي الكوردي في سوريا ، وكعادة الأحزاب في هكذا مناسبات ، توجه قياديان من الحزب إلى منزل الراحل عثمان ابراهيم ع . مكتب سياسي في الحزب الشيوعي السوري – جناح خالد بكداش – ومسؤول منظمة الحزيرة ، حيث عرض الزائران أهم مقررات المؤتمر وسلماه نسخة من البيان ، تكلم السيد عثمان مفتتحاً كلامه ب – win kurmanc – أنتم الكورد .. متجاهلاً تماماً أو وكأنه لا ينتمي إلى هذه القومية ، هذه الظاهرة تكررت ولكن بالنقيض ، وأيضاً كانت في جلسة ودية بدمشق أوائل الثمانينيات ، حيث كان الصراع الفكري خاصة الماركسي منه في ذروته ، وفي سنة ١٩٨٢ صيفاً بالتحديد التقيت بمعية رفيق آخر مع بعض من رفاق الحزب الشيوعي السوري _ جناح السيد رياض الترك _ أو ماعرف بجماعة المكتب السياسي وبحضور طالبتين لبنانيتين كانتا من الحزب الشيوعي اللبناني وخضنا نقاشاً غطى لبنان وسوريا وفلسطين وتشظيات اليسار خاصة الماركسي منه وذلك التناقض الفظ حتى بين الأحزاب الشيوعية العربية داخل الدولة الواحدة وفيما بينها ، أو كما كنا ننعتهم كماركسيين كورد بالأحزاب الشيوعية العربية ، وفي غمرة النقاش أثناء تلك الجلسة ، وبالرغم من أننا كنا في لقاء بإسم حزب الإتحاد الشعبي الكوردي في سوريا حينذاك وبمعيتنا وثائق وأدبيات متنوعة بمافيها الوثيقة الأهم حينذاك / الشعب الكوردي في سوريا و مبدأ حق تقرير المصير / والذي كان قد أقر في مؤتمر الحزب الخامس ، وفي غمرة النقاش وعن أسباب الخلاف ومن ثم الإنشقاق عن بكداش نسي محدثنا بأننا من القومية الكوردية وليقول بالحرف / تصوروا !! أن بكداش ومن منطلق كورديته فهو يقف ضد الوحدة العربية على أساس قومي ودائماً – والكلام له – يميل كفة الإبتعاث والمنح لصالح الطلبة الكورد ، حيث أنه ومن أصل ثمانية عشرة منحة دراسية إلى تشيكوسلوفاكيا خصص بكداش منها اثنا عشرة كوردياً !! وطبيعي أني ورفيقي تبادلنا نظرات استغراب شديد ، وليستدرك زميلي الموقف ويقول : : وماذا فيها ؟! أفلا يعقل مثلا أن يكون الطلبة الكورد يستحقونها أكثر من الطلبة العرب ؟! أم أن المسألة عندكم فيها بعد قومي !! وكمن تذكر كورديتنا ، حاول لفلفة الموضوع ولكن !! هيهات ، وللأسف الشديد لازالت ذات العقلية تشي بذاتها رغم سلوفان التغليف إن بتاريخ سياسي ولكن ما أرتقى بالمطلق في القاع الذي تأسس على معارف وتوصيفات ارتهنت على طوباوية قومية تشكلت وهذه وفي رؤية نقدية حتى لغالبية الكتاب والمثقفين العرب حيث أنها دخلت ملافظهم السياسية وممارساتهم التطبيقية منذ بدايات العهد الاموي وأعني به مصطلح العرب والموالين ، وعليه تمت صياغة كل علوم الأنساب وجغرافيات الرحالة وكتب المؤرخين بتصنيفاتها ، وباختصار ، ودون الإرتكاز على هذا المسار ، بالرغم مما يضفيه بعض من الأخوة العرب عليها من هالة وقداسة ، وفي عودة – أتمناها – متانية لجذر النقاشات انعكاساً لمخاض خلناه كورديا سيفتح باب التوافقات والتفاهمات ومن ثم تجميع الكيانات السياسية للمكونات فرادى وصولاً إلى جسم متنوع سياسي يستطيع على أرضية دعم ومساندة الأمم المتحدة لإعادة إنتاج دولة حقيقية في سوريا تكون ركيزتها قرارات الأمم المتحدة ، ولكن ؟ وكمن فقع دملة الوحش الأسطوري ، أو فتح قمقم الغرائب والعجائب فإذ بنا – كوردياً – تستعاد فينا دروس التربية القومية العربية وبقايا دمغات التعامل الاستعماري – الصهيوني من جهة ، لابل وفي تدليس متقصد لمفاهيم تتبدى فاضحة في انكشافاتها الفارغة مطلقا بعناوينها البارزة فقط كدولة البعث للمواطنة ، والأهم في المهم : النفي الوجوبي لأي حقوق استئصالا مسبقا ومقوننا تحت يافطة – انها ستؤدي إلى تراكم الوعي القومي والذي سيعزز دوافع الإنفصال – متناسين تماماً دور الرافعة وسياسة الهدم البلدوزرية لقيم الدولة المدنية فعلاً والمؤطرة أيضاً كقيمة من قيم المواطنة الحقة ، أولئك المنظرين الذين لازالوا في قاع شعورهم يجسدون الأموية العربية طرزاً للحكم ويبرزوها كأمة لها إرثها التاريخي والثقافي ، لابل والريادة الدينية – الذي نقر ونحترم – ولكن ؟ هل سيفترض بالمنتمين لقوميات آخرى الرضوخ لذلك ؟ . أفلا يلاحظ بعض من القامات الثقافية العربية ، في بعض من طروحاتهم بأنهم يعيدون إنتاج المكرر عشرات المرات وهي تتالت في فشلها ؟ دينياً وقومياً ؟ هل علينا ان نستذكر عقيدة عفلق القوم – بعثية ؟ أم نضع ما أضافه الوحدويون الإشتراكيون والناصريون ونعيد إلى الأذهان فلسفة الثورة الناصرية ؟ وكل النتاجات القومية التي طرحت ذاتها كوعاء صهر لغير العرب ؟ هل درس هؤلاء الفلاسفة ؟ ما اسموه بجيوب العمالة لإسرائيل كأسهل جرعة تشنيعية وتحريضية وبالتالي الأرضية الأساس لكل جبروت ثقافة العنصرية بدمغة القرف والكراهية ؟ لنسأل أي من المنظرين الآن ؟ هل يتذكرون أحداث تيزي أوزو في أواخر السبعينيات في الجزائر وجنوب السودان ودارفور وووو ؟ أيعقل بأنها نتاجات الأقليات وسخافاتهم ؟ وفي المقابل ؟ أحداث اريتريا وزنجبار وعربستان ؟ كقضايا تحرر وأنا أوافقهم شخصياً واتضامن معهم ؟ .. إن الواقعية السياسية تفترض على المثقفين العرب والمنخرطين في الجانب التنظيري أن يلتزموا بالحقيقة التأريخية وأن يقروا بفشل الدين السياسي وأيضاً أن كل تجارب عقائدهم القومية كهدف تعريبي فشلت في عقر دورها سوى نماذج طرحت عروبيتها انتماءاً ومارست بعداً دولانياً وأيضاً وطنياً بينياً ، أما أن يقوم بعضهم في إعادة إنتاج الدولة الدينية والقومية بغلاف أو لون أو مسمى آخر ! كما الفدراليات التي نتفاجئ في كل لحظة أو موقف تفسير ومقام آخر ؟ يفترض بهكذا منظرين أن يتذكروا بأن الطرق تعددت وتفرعت وكل طريق أصبح قاعدة لشبكة طرق كاملة ، ومن هنا وفي زاوية جد ضيقة سأذكر الصديق والفيلسوف د. احمد برقاوي بأن روچ آڤا وناسها جميعاً ليسوا بالسخف وأضيف على روج آفا – قد يراها سخافة آخرى – مصطلحي – سرخت – و – بن خت – وهذين المصطلحين يعنيان : فوق الخط الذي بقي في إطار دولة أتاتورك و تحت الخط من بقي ضمن خارطة سايكس بيكو لسوريا .. لن اتحدث كثيراً أو استفيض في بعض من الأخطاء – تعد كبيرة – لبعض القامات وبشكل أخص في اعتماد تعريبيات البعث الشوفينية وتطبيقات بعض مما مورس بحق أهلهم وناسهم في فلسطين ؟ فهل يتذكرون – مثلا – هجرات أو طرد العرب الفلسطينيين بتتالي حروب مثلا ١٩٤٨ – ١٩٦٧ وماقبلها من حملات ومجازر الطرد الجماعية ؟ ان الأكثرية الواثقة من قوتها وإمكاناتها ، والأهم خاصة بعد فشلها المتكرر في تطويع شعوبها وكارثيات أشكال ومخرجات نظمها ، سيكون من المؤكد بأن كل عمليات التجميل والتدوير ومهما استخدم بعض كبار المثقفين في إعادة إنتاج وطرح ذات الأنموذج – القومي – وأن حوت متغيرات شكلية ولكنها في الصميم بقيت هي ذاتها ؟ والتي تتمثل في إعادة إنتاج الدولة وبركيزة قومية عربية تمارس هيمنة الأكثرية محوطة بإدارات مركزية في فعلها ومحلية مفرغة تماماً من هويتها الإنتمائية ، هي إعادة إنتاج لذات الثقافة المهيمنة وبلبوس ديمقراطية ميكانيكية تشرعن بقوة الأكثرية لا الشراكة المتوافقة وللأسف الشديد وكعشق للذات يدرك مدى تشبثه حباً في لغته وتراثه يستهجنها في الآخر ؟ نعم نقر – نحن المبتلون – كأقليات في النسبة والتناسب ولكن مهما برعت أم كلثوم في أغنية الأطلال ! فبقدرها تظل – مريما گورا – أرقى من – أتفاعل شخصياً – مع صوتها وشجنها حينما كانت تشدو ب – شاهينووو – ؟ وفي النهاية هي كلمة صريحة موجهة لقامة معرفية – أقر – وأعني به الصديق المفكر د. أحمد برقاوي : أظنكم على دراية أكثر مني بنظام الإيالات العثمانية على مسار مقص سايكس بيكو ؟ ولن أعود للتذكير وأنت بن بلاد الشام باتفاق فيصل كليمنصو المؤسس أصلاً على تفاهمات الشريف حسين ومكماهون وصولاً إلى مفردات سايكس بيكو وسيفر ولوزان وانتم الفلسطيني لن يفوتكم وعد بلفور ! . وفي الختام :

مابين السيد راتب شعبو والعمق الوطني والفيلسوف د . أحمد برقاوي فرق كبير – اقره مع التفضيل للأول – هو فرق السنين الطويلة التي قضاها شعبو في الزنازين والمعتقلات وحجم الليالي والأيام للدكتور البرقاوي في البحث والتقصي والدراسات ، وهنا وللتوضيح حيث أن شعبو أراد أن يكون عادلاً بطرحه بين الفرقاء في الوطنية ، والمفكر برقاوي ارتكز – هكذا يبدو لي – على الفهم الأكثر ميلاً وانحيازاً لثقافته ببعديها القومي والديني ..

 

التعليقات مغلقة.