غربي كوردستان… وسياسة المد والجزر بين الطرفين الكورديين
عزالدين ملا
اقتربنا لنقلب معاً روزنامة الشهر الأخير من العام 2021، والوضع السوري مازال على حاله، ومازالت الدول الكبرى تتردد في إيجاد حل للمشكل السوري، والنزاعات بين الدول الكبرى والإقليمية قائمة ومستمرة.
أما الوضع الكوردي فليس بأحسن حالاً، بل على العكس اكثر سوءاً لحساسية القضية الكوردية على الساحة السورية وأيضاً الإقليمية.
المفاوضات الكوردية المتوقفة منذ فترة طويلة أدخلت الفتور والخوف إلى قلوب الشعب الكوردي، وهناك مخاوف من فشلها التام.
الأطراف الكوردية تعلن على مدى تمسكها بالحوار، والجانب الامريكي للآن يعلن عن ضمان استمرار الحوارات الكوردية.
1- كيف تحلّل كل ما يجري على الساحة السورية عامة والكوردية خاصة؟
2- هذا التوقف الطويل للمفاوضات الكوردية على ماذا يدل؟ وهل تتوقع استمرارها؟ أم لا؟ ولماذا؟
3- ما المطلوب من الطرفين الكورديين لفرض الموقف الكوردي في مستقبل سوريا؟ وكيف تجعل من أمريكا وروسيا الإلتزام بضمان حقوق الكورد؟
4- كيف ترى مستقبل شعبنا في غربي كوردستان؟ ولماذا؟
الوضع الكوردي مرتبط بالوضع العام السوري
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد سعيد وادي، بالقول:”الوضع السوري معقّد جداً، وأفق الحل لازال بعيدا، وذلك بسبب المشاكل العالقة بين الدول الكبرى والإقليمية، واختزال صراعاتهم في الساحة السوريه ريثما تتم المقايضات فيما بينهم على حساب معاناة الشعب السوري والضريبة الكبرى التي تقدمها هذا الشعب المغلوب على أمره.
يتابع وادي:” أما الوضع الكوردي مرتبط بالوضع العام السوري، إذا لم تتم إيجاد حل من خلال المؤتمر الدولي في مؤتمر جنيف وفق الماده ٢٢٥٤، فإن القضية الكوردية خسرت الكثير حتى الآن، وستخسر لاحقاً بسبب تشتت البيت الكوردي وضعف الدعم المطلوب من المجتمع الدولي وعداوة الدول الإقليمية بكل قوتها خاصة تركيا وإيران وحلفائهم من التنظيمات المنتحلة بأسماء كوردية والعاملة ضمن المنظومات المعادية للقضية الكوردية والمشروع الكوردي”.
يضيف وادي: “أما بالنسبة للمفاوضات بين المجلس الكوردي وبيد والتنظيمات التابعة له، لا أعتقد ستنجح المفاوضات رغم إدعاء الطرف الأمريكي بدعم نجاح المفاوضات، لأن أمريكا تدير الأزمات ولا تحلها، ولم تحاول ان تضغط على هذه المنظومة وأعمالها الشنيعه في إحراق المكاتب واعتقال الكوادر من المجلس، واختطاف الأطفال وتجنيدهم في منظومتهم، وحرمان الأطفال الكورد من التدريس المعترف من اليونسيف بحجة التدريس بلغة الأم لكي يُخلق جيل أمي متخلف لا يجيد المعرفة والعلوم السياسية والاقتصادية، ومعرفتهم التامة بإدارتهم من قبل ب ك ك المصنّف لديهم بالتنظيم الإرهابي، ومع كل ذلك تقدم لهم كل أنواع الدعم العسكري والمادي، يلاحظ من كل ذلك عدم جديتها في الضغط اللازم لإنجاح مشروعها في دعم المفاوضات، رغم محاولة المجلس وضعها في الصورة الحقيقية لأعمال هذه المنظومة، ولأنها لم تحسم وضعها النهائي في سوريا حتى الآن، ويبدو أنها ستترك الملف لروسيا، لأنها صاحبة النفوذ الاستراتيجي في سوريا، وبرضا أمريكا مقابل الحفاظ على أمن اسرائيل واستبعاد النفوذ الإيراني، وضمان خلو سوريا من الاسلحة الكيماوية والإتفاق على بعض المشاكل العالقة في القرم وأوكرانيا. أما الطرف الكوردي أعني المجلس فلا خيار أمامه سوى وحدة الموقف من حقوق الكورد أمام المجتمع الدولي، والنظام المستقبلي في سوريا، ولكن الطرف الآخر لا يوجد لديه ما يخسره حول القضية الكوردية، ولا يتنازل عن جوهر سياسته الإنفرادية لأنها تسخر القضية الكوردية خدمة لحزبها، ونهبه لثروات الوطن لصالح اسياده في قنديل، ولا يوجد لديهم مفهوم القضية الكوردية والتضحية من أجلها.
يختم وادي: “لست متفائلا بنجاح مشروع المفاوضات، هذا لا يعني بأنني متشائم من مستقبل القضية الكوردية ونجاحه، ولكن الموضوع بحاجة إلى وقت لكي يأتي بيان فشل هذه المنظومة وحقيقتها المريبة، وإعادة القطار إلى سكته لأن قضايا الشعوب وعدالتها لا يمكن أن تموت بالتقادم، لكن ستلاقي الصعوبات كما الآن، وعلى المجلس الوطني الكوردي إعادة النظر في سياسته والاستفادة من الاخطاء السابقة، والتحرك بأسلوب آخر، ومحاولة إيجاد خارطة طريق جديدة لسياستها وعدم الإنتظار أكثر من ذلك”.
مأساة كورد سوريا مستمرة
تحدثت عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بسة عبدي، بالقول: “مرت على الأزمة السورية أو يمكن ان نسميها الحرب السورية العبثية عقد من الزمن، وها هي تدخل عقدها الثاني، حرب دمرت ما تبقى من الإنسان السوري حيث قضت على الأفق في مخيلته جعلته منتظراً الموت لا شي آخر، بحيث أننا لم نعد نرى حولنا مظاهر الحياة فقط الموت، والجنائز تحوم حولنا حتى أننا نسينا دمار ما سواه من مختلف مظاهر الخراب والانهيار والجوع.
حرب عبثية أكاد أشك ان الفرد السوري (الثوري )، لم يعد يعرف سبب اندلاع لم تعد بوصلة الإنسان السوري تميز حقاً، لم يعد يملك جواباً للسؤال الذي يقول لماذا هتفنا أول مرة؟، لماذا خرجنا إلى الشوارع أول مرة؟، ماذا كنا نريد؟ هل كنا نريد تغييراً أو حياة كريمة؟ أم ما اكتشفناه حقا من مكاشفة قبيحة للحقيقة الإنسان السوري المتعطش إلى المال والسلطة، وقباحة حقيقة النظام العالمي القائم اساسا على الدم من المطالبة بحياة كريمة، وجدنا انفسنا بين أنياب مسوخ العالم القذرة المتمثلة بالدول الكبرى ذات المصالح وأي مصالح!! نحن السورييين لا نعرفها فقط نردد هذه الكلمة ساسة وعامة لنبرهن أننا نفهم ما يجري والحقيقة غير ذلك”.
تتابع عبدي: “سياسة مكاسرة القوى تجري فوق رؤوسنا، ويجري منها من هذه المعاصرة أنهار دمائنا، اصبحنا طرفين يسعى كل منا إلى كسب العبودية الخالصة لإحدى الدولتين أمريكا أو روسيا مقنعين أنفسنا أنهما ستنقذاننا، والحقيقة كلتا الدولتين لا يمكن الوثوق بها لأنهما تبحثان عن ساحات لتصفية الحسابات وتحقيق التوازنات بعيدا عن أراضيها ومواطنيها. الدولتان لا تريدان الحل لأنه لم يحن الوقت بعد لذلك لم ينتهيا من تقسيم غنائمها، لا يهم الإنسان السوري ولا الأرض السورية المهم الانتظار إلى يوم الميعاد”.
تضيف عبدي: “ضمن هذه المعمعة تتخبط السياسة الكوردية حركةً وافراداً، ويتناظران بمنظارين مختلفي الرؤيا إلى مصير أمة تمتد مأساتها إلى أكثر من مجرد حرب أو أزمة وقد تنتهي،
ولكن استعر صراع غير متكافئ بين طرفين، أحدهما المجلس الوطني الكوردي، يستند إلى الواقعية في التعاطي مع القضية من حيث المطالب والأدوات، والتمسك بالمبادئ والحفاظ على الخصوصية الكوردية عبر الأزمة التي طالبت، وتطالب بالحل العادل لقضية شعبه، وبين ب ي د التي احترفت اللعب على الأحبال السياسية، واكتسبت خفة في التنقل السريع، محاولة الحفاظ على التوازن خوفًا من السقوط، وأيضا جاهدة في إيجاد واقع مستند إلى القوة والدم لكي لا تسقط من هذه الحبال.
تردف عبدي: ” بين هذا وذاك ينتظر المواطن الكوردي بزوغ الفجر وإنزياح الغمامة على ما بُدئ منذ زمن ليس بقصير من محاولات التفاوض علها تضمد جراح الكوردي وتصل إلى حل تنهي هذه الحقبة السوداء من الجوع والإرهاب والإعتقال والإختطاف والتهجير،
ولكن حتى هذه المفاوضات ليست الأطراف الكوردية هي من تقررها، حيث توقفت فجأة بقرار من الراعي الأمريكي الذي تحجج بالعملية الانتخابية، وتغيير الحزب الحاكم والمتغيرات المترافقة لذلك، ولكن بين الفينة والأخرى يعلن عن لقاء افتراضي بين ممثلين عن الراعي والمفاوض للدلالة على ان الموضوع لم يطوَ وان الأمريكي مهتم بالتوافق الكوردي على هذه الرقعة الجغرافية، لأن هذا التوافق يخدم مصالح الراعي، وتصدر كل حين تصريحات تشير إلى ذلك صراحة أو ضمناً، والحقيقة التي يعيها كل كوردي سوري هي شبه استحالة التحقيق ضمن المعطيات الواقعية الحالية لأن أحد الأطراف المتحاورة لا تقدم أي شيء بإتجاه خلق الأرضية المناسبة لتحقيق الارتياح المطلوب بل على العكس أنها غالبا ما تثير الكثير مما يخلق الخوف والإرهاب. لأجل كل ذلك لا أجد أي أمل قريب من حل هاتين المشكلتين سورياً وكورديًا.
تؤكد عبدي: “ان روسيا وأمريكا هي دول لا تعطي ضمانات لأي طرف، فقط تطمينات وبعض القليل من الوعود.
مأساة كورد سوريا مستمرة على أقل تقدير إلى حين إيجاد نقطة نهاية للحالة السورية وبعدها ستلتفت الدول إلى المنطقة الكوردية، وذلك أيضا لا يعني حلاً يرضي الكورد وأنما قد يعني إنتهاء مرحلة والبدء بمرحلة جديدة قد تكون اسوء ربما”.
علينا الاستمرار والبحث عن الحلول
تحدث عضو المنسقية العامة لحركة الإصلاح الكوردي في استنبول، عثمان عكيد، بالقول: “عند الحديث عن الوضع السوري الممل والمعقد الذي اجتاح سوريا منذ أكثر من ۱٠ سنوات، حيث عجز المجتمع الدولي والسوري والعريي عن حله رغم بذل كل الجهود الرسمية والمحلية بكل مكوناتها المذهبية والقومية في ظل تعنت النظام لكل الحلول الدولية والإقليمية المطروحة، وعدم الانصياع لقراراتها التي تنص على حل سلمي شامل عبر دستور جديد، يضمن حقوق كل المكونات السورية من عرب وكورد وآشور. كل ذلك التعنت سانده الفيتو الروسي المكرر منذ عام ٢٠١٢. حتى قبل عامين تقريبا ضاربة عرض الحائط كل المساعي الدولية رغم توقيعه -أي الروس- وتعهده بالإلتزام بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، سيما ٥٤٢٢-٢١١٨ الخاص بالحل السوري السلمي على جميع النواحي”.
يتابع عكيد: ” لذلك لا بد من العمل على وضع ضغط دولي وسياسي وإقتصادي ودبلوماسي على النظام وأقطابه لإجباره على الخضوع لتنفيذ القرارات الدولية الآنفة الذكر، وإيجاد حل شامل يضمن ويقر الإعتراف بإعداد دستور جديد، يؤكد حقوق جميع المكونات السورية عبر نظام فيدرالي تعددي توافقي، كما في الكثير من البلدان المتعددة المكونات كونه أرقى وأفضل نظام لسوريا أسوة بسائر البلدان المتعددة المكونات والمذاهب مثل الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية العراق الإتحادية والسويد والإمارات العربية المتحدة.
أما فيما يتعلق بالوضع الكوردي والمفاوضات التي جرت وتجري التحضير لها الآن من قبل الراعي الأمريكي والجنرال مظلوم عبدي بين القطبين الكورديين الرئيسيين PYD – ENKS، منذ عام ٢٠١٢ حيث يرى أحد بصيص الأمل في استحقاق أهدافها المرجوة منها التي هي استحقاق جماهيري وسياسي لجميع المكونات الكوردية، وتعثرها يعود إلى البطئ من الراعي الأمريكي وأيضا الجنرال مظلوم”.
يضيف عكيد: “كما أن هناك إدارة ضعيفة تخدم أجندات دولية وإقليمية تضر بمصلحة الشعب الكوردي، ذلك ما نبه إليه مرارا السيد الرئيس مسعود البارزاني، رغم بذل المجلس الوطني الكوردي كل الجهود في سبيل التوصل إلى استحقاق سياسي يخدم الشعب الكوردي ومستقبله. إلا أن تعنت الطرف الآخر PYD ضاربة عرض الحائط كل الجهود المبذولة حتى الآن حال دون تحقيق ذلك، وهي مقبلة على الأسوء كما حال باقي المناطق السورية، كون الحالتين تتأثر وتؤثر على مجريات الأحداث العامة في البلاد.
ولكن رغم ذلك علينا الاستمرار والبحث عن الحلول التي تلبي رغبات أبناء شعبنا الكوردي والعمل على تحقيق شعار وحدة الصف والخطاب المشترك بعيداً عن بعض الأجندات الدولية والإقليمية التي لا تريد الخير لشعبنا، وذلك عبر الضغط على الوسيطين الأمريكي والجنرال مظلوم عبدي للإسراع في إيجاد سبل نجاح سير عملية المفاوضات للوصول إلى تحقيق طموحات شعبنا التي طال انتظارها. ولا سبيل غير ذلك، ويلزم على الطرفين الكورديين ضرورة العمل على وحدة الرؤية السياسية عبر مشروع سياسي عام يضمن حقوق جميع الشرائح السورية، نحو سورية تعددية ديمقراطية بعيداً عن الاستبداد والهيمنة، وذلك عبر ممارسة الدبلوماسية السياسية الناعمة لكسب المؤيد وتحديد الخصم والعمل مع الأسرة الدولية والإقليمية وفق احترام وتبادل المصالح المشتركة بين الجميع، وإبداء روح العمل البناء والمفيد مع الدول الفاعلة في سوريا، سيما روسيا وأمريكا لتنفيذ القرارات الخاصة بسوريا التي تكفل حقوق الجميع منها شعبنا الكوردي.
ولا بد من التذكير أنه لا يمكن توفير الأمن والاستقرار لأحد ما لم يتم توفير الاسقرار والأمن لسوريا وللشعب الكوردي، أيضاً والعمل معاً لاحترام مصالح الدول الفاعلة في سوريا ودفعهم إلى تحقيق مصالحهم، وإزالة الخلافات بينها ضمن إمكانياتنا المتوفرة للوصول بسوريا إلى بر الأمان والاستقرار والسلام”.
يردف عكيد: “أما عن مستقبل شعبنا الكوردي في سوريا رغم وجود انفراج امني نسبي، إلا انه لا يضمن الحياة والأمن المستقر لشعبنا، وبهذا الصدد، يكون لزاماً على الإدارة الموجودة في مناطق الكورد والعرب -أي شرقي الفرات- مراجعة حساباتها في جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وطرح مشروع سياسي شامل، والإلتزام به مع جميع المكونات السورية في المنطقة والوصول إلى تعاون مشترك مع المجلس الوطني الكوردي الذي عمل ويعمل من اجل ذلك ليكون نواة حقيقية يحظو حظوها جميع شرائح المجتمع السوري. في ذلك كسب تأييد الدول الصديقة لسوريا عامة وللكورد خاصة واشقائهم في كوردستان العراق الذين هم صمام الأمان لاستمراره، في الوقت الذي أصبح فيه سوريا عامة والكورد خاصة محط اهتمام دولي عام، يمتاز بخصوصيته في سوريا لا بل في العالم ايضا، كي يضمن الاستقرار والأمن للجميع. ونؤكد على أن المجلس الوطني الكوردي يعمل جاهداً على دفع المجتمع الكوردي والسوري نحو هذه الاتجاه”.
على الكورد التكيف بطرقهم الخاصة مع ما قد يحدث على الأرض
تحدثت عضو الهيئة التنفيذية لإتحاد كتاب كوردستان – سوريا، شمس عنتر، بالقول: “الدول الكبرى والإقليمية ما تزال مترددة في إيجاد الحل الجذري للمقتلة السورية فالنزاعات مستمرة، والوضع في سوريا ينحو باتجاه عودتها إلى الجامعة العربية وبعض الدول تتسارع إلى التقرب من النظام السوري ربما تكون عقود الإعمار وصفقات الطاقة وراء هذا التقرب. مع العلم أن هذه الدول نفسها قبل أعوام قليلة كانت تدعو إلى إسقاط نظام بشار الأسد. وعلى الرغم مما تعرضت له سوريا من سلسلة أحداث تسببت في خروج الكثير من المناطق خارج سيطرة جيشها، والدمار شبه الكلي والهجرة والعدد المريع من القتلة وتلتها الأزمات كالأزمة الإقتصادية الخانقة وأزمة وباء كورونا وشح الطاقة و و و. رغم كل ذلك فنرى لبنان مثلا تعمل على التطبيع لحاجتها إلى شبكات الطاقة السورية لتحاول التخفيف عن وطأة أزمة الوقود لديها والتي تسببت في شلل كامل للبنان. وكذلك الأردن التي كانت سباقة في التقرب من النظام السوري وتلتها دول الخليج التي تريد فتح آفاق للتجارة، وكذلك هي محاولة لحسر المد الإيراني في سورية”.
تتابع عنتر: “المساعي واضحة لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية قبل اجتماع القمة القادمة التي قد تعقد عام ٢٠٢٢ . كل هذه إشارات على أن بشار الأسد سيظل في منصبه وسيكون المجتمع الدولي مجبرا على التعامل معه. وهو يعلن إنه منتصر على الأرض برغم كل الدعوات بأن الحل السياسي سيكون هو الحاسم لكن على الأرض العمليات العسكرية هي التي تحسم. كل متحدث عن الحل في سوريا يذكر القرار ٢٢٥٤، ويذكر سلال ديمستورا الأربعة والتي بدئها بالدستور حيث تشكلت لجنة في ٢٠١٩ وما تزال تسير ببطء شديد نحو إصلاح الدستور. قال بيدرسون ” اللجنة السورية المشتركة للدستور تمثل مساهمة مهمة في العملية السياسية لكن اللجنة في حد ذاتها لن تكون قادرة على حل الأزمة السياسية. إذا المساهمة الأخرى للحل تكمن في تقارب القوى الوطنية على الأرض في سوريا بأن تتجهز لعملية مفاوضات حقيقية للمصلحة العامة، والتأكيد على خروج كافة القوات الخارجية من سورية دون استثناء”.
تضيف عنتر: في المناطق الكوردية الحدث الملفت هو الحوار الكوردي، الكوردي الذي ما يزال يحاول تخطي العقبات، فمنذ تشرين الأول ٢٠١٩ والعقبات والمطبات تتوالد بدل أن تتلاشى أمام سير هذا الحوار، وكأن هناك قوى تشد الطرفين بعكس لقائهما ولولا جهود المبعوث الأمريكي في ترميم الفجوة بينهما لما كنا سنشاهد أي تقارب.
والمطلب هو وجود ضامن وراعي لإستمرار هذا التقارب، وهذا الراعي يعمل على إشراك الكورد في العملية السياسية في سوريا بعد خطوة الوحدة، لذلك فهذا التقارب ومن ثم الوحدة هي خطوة استراتيجية لضمان المشاركة، وعلى الكورد التمسك بها وعدم التفريط، بالرغم من البيئة الجيوسياسية المعقدة التي قد تعرقل المساعي. فالاتهامات تصدر من الطرفين حول المتسبب في تعطيل الحوار، وأصبحت المطالب معروفة، فالمجلس يطلب بعدم إطلاق الإتهامات جزافًا وأن يعودا إلى إتفاقية دهوك فهي المرجع بينهما، ويطلب المجلس كذلك الكشف عن مصير المفقودين والمعتقلين وإيقاف التجنيد الإجباري، والبحث في مصير عناصر حزب العمال الكردستاني الموجودين في سوريا من غير السوريين ونقاط أخرى عديدة. والطرف الآخر يصف مطالب المجلس بالتعجيزية. واللافت أن الظروف السياسية التي رافقت محاولة توحيد الصف الكوردي لم تكن في صالحها دوما. لكنهما توصلا معاً بأن التوحيد ضرورة حتمية ويجيب حل كل المشاكل العالقة، فعند جلوس كل الأطراف السورية إلى طاولة الحل يجب أن يكون الكورد طرفا واحدا موحدا ليحقق مطالبه. ورغم كل هذه المطبات الطبيعية والإصطناعية ستستمر المحادثات وستكون لها نتائج مرضية، لأن قضية الكورد في سوريا اصبحت متعلقة بالحل الشامل في سوريا”.
تختم عنتر: “علينا نحن الكورد التكيف بطرقنا الخاصة مع ما قد يحدث على الأرض مثل الانسحاب الأمريكي. من هذه الطرق التكاتف الكوردي، وتقليل عدد الخصوم والأعداء، وكسب الأصدقاء ما أمكن، وعدم اهمال عامة الشعب ليكونوا الحاضنة المستعدة التي تتقبل المتحدثين بإسمهم، ووضع حد للرأي الكوردي المنقسم، والعمل معا لإيجاد إعتراف دستوري بالهوية القومية الكوردية وإلغاء كل السياسات والقوانين المطبقة على الشعب الكوردي، وتحقيق لا مركزية سياسية في الحكم في سياق وحدة الأراضي السورية”.
وأخيراً
الوضع السوري لن يبقى كما هو، هذه الصراعات والمقايضات ستنتهي، وسيحدث ترتيبات جديدة، ومن لم يكن جاهزاً سينتهي مصيره إلى الهاوية. والكورد إن لم يكونوا مستعدين سينتهي بهم إلى مصير مجهول.
التعليقات مغلقة.