المجلس الوطني الكوردي في سوريا

سوريا والتحديات الراهنة .. وصورة الكُرد في مستقبل البلاد

131

 

 

سوريا والتحديات الراهنة .. وصورة الكُرد في مستقبل البلاد

إعداد : عزالدين ملا

تجاوز الشعب السوري سنة 2022 بقلوب يفطرها اليأس والخيبة، وفقدان الأمل على الخروج من هذا المستنقع الرهيب، سنة كانت السّمة المميزة الحرب الاقتصادية التي مارستها أمريكا وحلفاؤها على أساس أنها كانت للضغط على النظام، ولكن كانت الحرب الاقتصادية على الشعب السوري، أدت إلى المزيد من التجويع والموت في الداخل السوري، حيث وصل غلاء الاسعار إلى مستويات جنونية، أمام ضعف القدرة الشرائية للمواطن.

رغم ذلك الشعب السوري يأمل في العام الجديد الخروج من هذه الفوضى والتشرد والتجويع والوصول إلى حياة آمنة مستقرّة.

1– كيف تحلل كل ما جرى على الساحة السورية والإقليمية من أحداث وخاصة في الوضع الاقتصادي خلال عام 2022؟

2- برأيك، لماذا هذا الضغط الاقتصادي على سوريا؟ علما أن الضريبة يدفعها الشعب السوري؟

3- هل سيستمرّ الوضع الاقتصادي على ما هو عليه؟ ولماذا؟

4- ما تقييمك للوضع الحالي؟ هل هو نحو الحلحلة، أم هناك شيء آخر؟

التطبيع مع النظام السوري بعد كل هذه السنوات تعتبر كارثة بحق السوريين

تحدث سكرتير تيار مستقبل كُردستان سوريا، ريزان شيخموس لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «الرافعة الأساسية لمعظم تطوّرات مشهد الصراع في سوريا وعلى جميع الصعد وبغضّ النظر عن طبيعة الصراعات التي حصلت خلال العامين الماضيين في إطار مسعى كلّ طرف لتحسين شروط مواقع نفوذه وتوسيع حصّته وتعزيز أوراق قوّته على حساب الأطراف الأخرى، في سياق توافقات خارطة توزيع الحصص ومناطق النفوذ التي رسمتها الدول المتنفذة في سوريا، نجد أنّ الحقيقة الأبرز في هذه المرحلة من الصراع على سوريا هي أنّ سياق وطبيعة المتغيّرات المتسارعة، المرتبطة بسلطات “الأمر الواقع”، التي باتت تشكّل قوى “النظام السوري” بشكله الراهن؛ سواء على الصعيد الذاتي والبيني، أو في إطار علاقاتها مع الوسطين الإقليمي والدولي، لا تخرج عن إطار رؤى وخطط وسياسات الولايات المتّحدة، الساعية في هذه المرحلة لفرض “تسوية سياسية” شاملة، ترتكز على قاعدة الاعتراف المتبادل، بين سلطات الأمر الواقع وحماتهم الإقليميين والدوليين، وما تتطلّبه من توفير بيئة آمنة لقيام إجراءات تأهيلها، وتثبيت سلطاتها الخاصّة؛ ولايغيّر من موضوعية هذا الاستنتاج ما تبذله تركيا من جهود لتغيير وقائع التسوية لصالحها، دون جدوى تذكر!!». يتابع شيخموس: «علماً ان حكومة اردوغان تجيد بشكل كبير لغة التوازن في المصالح وتحاول اختراق المأهول، ولكنها لن تستطيع ان تخلق محاور جديدة في سوريا تخدم مصالحها لانها تصطدم مع مصالح أمريكا ومناطق نفوذها. بناءً عليه، وفي ضوء لرؤيتنا لعوامل السياق السياسي العام، ومتطلّبات التسوية السياسية، يمكن رصد أهمّ خطوات وإجراءات صيرورة التأهيل والتطبيع: على صعيد سلطة النظام السوري، وعلى المستوى السياسي الخارجي، برزت مؤشّرات عديدة على حراك إقليمي تقوده دولة الامارات العربية المتحدة في عدّة إتجاهات، ينطلق من دبي، بإتجاه العواصم الرئيسيّة المرتبطة مباشرة في الصراع السوري. خطوط تواصل مهمّة تربط العاصمة الإماراتية بموسكو وتل ابيب، ودمشق وانقرة. الهدف الرئيسي هو ما تمّت الإشارة إليه في تصريح الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان” وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات” في موسكو في تشرين الثاني 2021 والذي أكد فيه أن “التعاون الإقليمي ضروري لبدء مسار عودة سوريا إلى محيطها”. ان مسار التطبيع مع النظام السوري والذي يسير عليه اردوغان منذ عدة أشهر والذي يهدف منه الحفاظ على موقعه في تركيا وخاصة في الانتخابات المصيرية والتي ستجرى في حزيران المقبل والتي ستحدد مستقبله، ومستقبل تركيا عموماً، لا غرابة أن تتصرف الحكومة التركية بما تملي عليها مصالحها واجنداتها الخاصة، حيث انها ليست جمعية خيرية بل دولة لها مصالحها. ولكن هذا سيكون له انعكاسات خطيرة على مستقبل سوريا وشعبها وتدخلها في نفق مظلم ولا يبدو هناك في الافق اي ملامح لحل سياسي ينهي المقتلة السورية. خاصة ان المعارضة الرسمية والمتمثلة في الائتلاف اعتمدت بشكل مطلق على تركيا ودعمها، السياسي والعسكري والدبلوماسي، ماذا سيكون مصير هذه المعارضة ومشروعها السياسي الداعي الى اسقاط النظام وبناء سوريا الجديدة؟. حيث أن الشعب السوري الثائر على نظامه اصطدم مع روسيا وايران الدول الداعمة للنظام كل هذه السنوات وساهمتا بقوة في افشال الثورة في تحقيق اهدافها».

يضيف شيخموس: «ان هذا التطبيع بعد كل هذه السنوات من الخراب والدمار والقتل وتفتيت سوريا والذي يتحمل مسؤوليته النظام يؤكد بشكل قطعي حجم الكارثة التي ستحل بسوريا وشعبها. -على الصعد الإقتصادية والاجتماعية، أعتقد أن ما يميّز الأزمة الاقتصادية التي يعيش آثارها الكارثية السوريون اليوم هي عوامل سياقها التاريخي، التي يشكّل ابرزها تحكّما بالسياسات الإقتصادية الناهبة لأموال السوريين، ومستقبل أبنائهم: أ-الخيار العسكري الطائفي، وما تركه من عواقب، دمّرت قوى الإنتاج وادواته وعلاقاته، نهبا وحرقا، وتهجيرا، وفشّلت مؤسسات الدولة السورية؛ وقد زادها خرابا وبروز سلطات أمر واقع، تجاوزت ممارسات قياداتها قوى النظام في الفساد والنهب، والإرتزاق للخارج!!. ب-سياسيات الخصخصة، وما يرافقها من تشريعات عقارية وسياسات اقتصادية، تهدف إلى إعادة تركيزالثروة في أيدي الشرائح البرجوازية العليا المرتبطة بقيادة الهرم السياسي، على حساب جميع طبقات المجتمع المتوسطة، والشعبية؛ وهي سياسات ممنهجة، تتحكّم بسلّم الضرائب والرواتب، وبسعر الصرف، وفي خط بيان متصاعد، يستفيد من لعبة فرق الأسعار بين السوق الرسمي والموازي، وتسعى بتكامل أثارها الوخيمة على حياة السوريين،( وما يحمله بعضها من نتائج خطيرة على حاضر ومستقبل سوريا، تتجاوز اثارها المعيشية المباشرة)، لدفع أفراد الطبقة الوسطى لبيع ممتلكاتهم، وارصدتهم، في ابخس الأثمان والهجرة، في سياسيات ممنهجة، تبدو متكاملة مع سياسات التهجيير والتغيير الديموغرافي خلال مرحلة الحرب!!».

يؤكد شيخموس: «أن المظلّة السياسية التي تتُيح المسارات الاقتصادية السابقة هي مسار التسوية السياسية الذي يتضمّن في أحد ركائزه إعادة التأهيل السياسي والاقتصادي لسلطة النظام وقوى الأمر الواقع، بما يحرم السوريين، والاقتصادي السوري، ومؤسسات الدولة الأقتصادية، من إمكانية ضخ دماء وطنية في شرايين الأقتصاد، وتجاوز آثار الحرب، سواء على صعيد الإدارة أو البيئة السياسية. ث- طبيعة ببنية النظام السوري الحالي، التي تُظهر صراع محتدم على تقاسم الثروة بين قيادات تجّار الحرب، والقيادة السياسية، الذين يرتبطون سياسيّا ويرتهنون اقتصادياً لقوى المحورين الروسي والايراني!.ج- نظام العقوبات، خاصّة في جانبه المصرفي، وما يتركه من أثار مباشرة على حياة المدنيين، ويعطيه من مبررات لتعزيز سياسات النهب، وآليات لمركزه الثروة. العقوبات الأقتصادية هي اقل العوامل تأثيرا على أسباب تدهور الوضع الاقتصادي؛ إذا أخذنا بعين الاعتبار إن هذه العقوبات اثبتت على مدار كل هذه السنوات بانها لا تستهدف إضعاف سلطة النظام، بما تُتيحه من ثغرات، تمكّن أجهزة السلطة من الالتفاف عليها، وتفادي تأثيرها على انشطتها ومصالحها الخاصة، وآليات عملها، وعلاقاتها بالعالم الخارجي. نظام العقوبات الأمريكية لايخرج في أهمّ أهدافه وإجراءاته الرئيسة، خاصّة التي ارتبطت بقانون قيصر سابقا، أو “الكابتاكون” راهنا، عن سياق تضليل الرأي العام السوري».

يختم شيخموس: «ان اللقاءات الأخيرة في موسكو بين تركيا وروسيا والنظام السوري والاعلان عن بدء مرحلة جديدة في سوريا تتسم باجراء التطبيع بين تركيا والنظام السوري والتي ستساهم في تعقيد الوضع السوري المعقد أصلاً، وستضع السوريين أمام خيارات صعبة وستفقد املهم بالمجتمع الدولي عموماً وبكل العالم الذي دار له ظهره ولم يقدم له اي حل سياسي ينهي معاناته الذي دام اكثر من عشر سنوات، وإن هذه المرحلة تحتاج الى الشرفاء من ابناء الشعب السوري ومن كل مكوناته والعمل على اجواء مكاشفة حقيقية على كل ما جرى في سوريا منذ بداية الثورة السورية والبدء بعقد مؤتمر عام للسوريين للتوصل الى بناء معارضة وطنية شاملة لها مشروع وطني سوريا يهم الشعب السوري بكل مكوناته ويعبر بوضوح عن كل القضايا الخلافية بما فيها قضية الشعب الكردي وحقوقه القومية المشروعة.

سوريا تعيش أزمة هوية ومستقبل البلد نحو المجهول

تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، ورئيس ممثلية إقليم كوردستان للمجلس الوطني الكُردي، كاوى أزيزي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «الوضع في سوريا أصبح خارج كل التقديرات، الفرق الشاسع بين المداخيل والمصاريف اصبحت غير واقعية، ولا يمكن تحملها إلا إذا كانت هناك مساعدات خارجية من أفراد العائلة المقيمين في الخارج. المأساة هو ليس فقط في المجال الاقتصادي، هناك تعطيل كامل للعملية التربوية، وتراجع مخيف في الخدمات الصحية، والماء والكهرباء أصبحت صعبة المنال، انعدام الأمن وتغيير النسيج السكاني والعجز المجتمعي بعد هجرة الشباب. سوريا اصبحت دولة فاشلة ومصدرا للتوتر والفوضى، وفيها خمسة احتلالات. المجتمع الدولي لا يحرّك ساكناً، ولا يعمل من أجل إنهاء العنف والحرب في سوريا، بل كلا منهم يلاحق مصالحه الخاصة على حساب مصلحة الشعب السوري. الوضع الاقتصادي البطالة مخيفة المجاعة موجودة، أكثر من سبعين بالمئة من السكان تحت خط الفقر، تم بيع أهم القطاعات الاقتصادية للدول المحتلة لسوريا، الديون بلغت أرقاماً مرعبة، الدمار رهيب ومازال الحبل على الجرار، رب يوم شكوت منه ولما اصبح في الغد أبكي عليه. هذا الضغط على سوريا هو من أجل إركاع الشعب السوري، وفرض قرارات عليه، تملي رغبات ومصالح الدول الكبرى واسرائيل، كون الشعب السوري شعب مكافح ويرغب بشدة نحو الاستقلالية، لذا لا بد من كسره بان يقبل مرحبا شروط قاهرة للسلام».

يتابع أزيزي: «طبعاً دائما العقوبات يكوى بها الفقراء والشعب المسكين، أما رجالات الدولة ليسوا سوى حفنة من اللصوص والمنافقين يعيشون حياة البذخ والترف ومستمرين في سرقاتهم المشينة».

يضيف أزيزي: «نعم الوضع مقبل على استمرار وتعميق الأزمة، ومازال شروط السلام والإعمار بعيدة التطبيق ان لم نقل ليست قريبة. والسبب مازال اسباب نشوب الصراع موجودة وهو احتكار السلطة والثروة من قبل أقلية وعدم قبول الآخر، وطبيعة الأنظمة الديكتاتورية المتعاقبة، وعدم حل المشاكل الطائفية والقومية والمناطقية ».

يردف أزيزي: «الوضع الحالي وضع متفجر والبلد مقسم بشكل عملي، ولا يمكن إعادة سوريا إلى ما كانت عليه في عام ٢٠١١، وكلما استمرينا على هذا النحو تتعمق المشاكل أكثر، ويصبح التقسيم واقعاً وفاعلاً أكثر، ويزداد النهب وتضعف الدولة وتقترب من السقوط. والسبب يعود إلى تمسك السلطة والبعث بكرسي الحكم، والمعارضة هشة وغير فاعلة وتابعة وغير مستقلة ولا تستطيع التقدم نحو حل وسط».

يختم أزيزي: «الوضع صعب جدا وسوريا تعيش أزمة هوية، ومستقبل البلد ككل اصبح في المجهول، ولم يستطع لا النظام ولا المعارضة تقديم الحلول، لأن الأمور اصبحت في أيادي قوى خارجية. السوريون ليس بمقدورهم الوصول إلى حلول مقنعة، وبالتالي لا بد من تدخل دولي قوي بإشراف الامم المتحدة لوضع حد للحرب الأهلية الدائرة، ووضع دستور تعتمد على الشرعية الدولية، وتكون حقوق الجميع وتحقيق العدالة الانتقالية».

التحسن الاقتصادي مرهون بالحل السياسي

تحدثت عضوة اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بسة عبدي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بداية، الازمة سورية باتت سمة هذه المرحلة من تاريخ هذه المنطقة بكل تفاصيلها التي بدأت بمطالبات جماهيرية بالتغيير في سوريا، مرورا بالتدخل الإقليمي والدول الجوار في قرصنة الحراك الشعبي السوري وقولبته بما يخدم مصالحها، وتحريف المسار والدخول في انفاق مظلمة غير معروفة النهايات، دون ان يدرك الشعب السوري الضحية الأولى والأخيرة ما يحدث من قتل في الشوارع، والإعتقال بالآلاف من المفقودين، وجثث في الشوارع، وبراميل الموت، والتهجير بالملايين».

تتابع عبدي: «الشعب، الجيش الوطني، الجيش الحر، المعارضة، الموالاة، المؤتمرات، الكيانات، الإطارات، كل طرف يدَّعي عدالة قضيته. والحقيقة لا عدالة ولا قضية، فقط بازارات ومساومات غير معروفة الغايات، باستثناء غاية النظام الحاكم بالحفاظ على مكتسباته من رئاسة سوريا وملحقاتها، أما الأطراف الأخرى غير معروفة أهدافها، فمثلا من يدَّعي أنه ممثل الشعب ومعارض للنظام الحكم وحامي الأرض والشعب يقبع في الجوار، وهذا الجوار يجتاح عسكرياً، ويحتل، ويفرض حكمه، ويرفع علمه، ويفرض لغته على الأرض، يفترض أنها أرض هذا المعارض الثائر الساكت المنغمس في الخيانة، وحجته ومنطقه أنه منتصر طالما يقطع الآمال عن الشعب الكوردي، بات هَم المعارض العربي وقضيته الوحيدة إبادة الشعب الكوردي، ولا يهم من يحكمه، بشار الاسد، اردوغان، ابو عمشة، فقط عدوه الكورد. ضمن هذه المعطيات استمرَّ الصراع وضاع الشعب السوري المسكين المتأمل بأن يتم إنقاذه. من يفعل ومن ومن، لا احد يدري. القوى العظمى ترى وتدقق دون ان تفعل ما يروي ظمأ الشعب المظلوم».

تضيف عبدي: «الولايات المتحدة الأمريكية فرضت العقوبات مع انها على اليقين المبني على الدراسات الاستراتيجية الموثقة ان لا فائدة من هذه العقوبات، ولا تصيب المقصودين بها، لأنهم شريحة امتهنوا سرقة خيرات سوريا على مدى نصف قرن، وبالتالي العقوبات لن تصيب إلا الشعب السوري، وبالتالي استمر استنزاف الضحية إلى آخر رمق، لأن لا أمل في الأفق، بالتالي الوضع يزداد سوءًا هذا العام عن الاعوام السابقة. فالتحسن الاقتصادي مرهون بالحل السياسي والدعم المادي الاسعافي من جهات الدولية بهدف الحفاظ على الشعب السوري من المجاعات، فغيرها من الحلول تحتاج إلى مُدد زمنية طويلة. فحتى لو تم تثبيت القيمة المعادلة لـ الليرة السورية سيستمر الغلاء طالما جميع الاساسيات باتت من خارج سورية، فمثلا حتى تربية الحيوان في بيئة محلية ريفية تحتاج إلى استيراد الأعلاف من خارج المنطقة، وهذا مرتبط بحالة الجفاف التي استمرت لعدة سنوات ومستمرّة».

تؤكد عبدي: «ان حالة التدهور الاقتصادي مستمرّة بسبب إنعدام مصادر الدخل، فمثلا راتب موظف الدولة لايتجاوز 20 أو30 دولارا أو حتى بالمعادلة الوطنية لا يكفي لشراء سترة تقيه من البرد بغض النظر عن جميع الإحتياجات الأخرى. بالتالي طالما الوضع السياسي متشابك، المواطن مستمرّ بالموت جوعا ولا أحد يهتم به».

في المنظور القريب لا يوجد أي حلحلة للوضع في سوريا حاليا

تحدث الناشط السياسي، أحمد لوند لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «الدول الكبرى والتي لها تأثير على العالم لا ترى إلا بمنظور المصالح، ولا يهم أمريكا مصالح الشعوب بقدر ما تهمها مصلحتها وأمنها القومي، كما هو معلوم دائما سياستها تبقى غامضة في مكان تواجدها, لديها مطامع أينما كان، ففي سوريا سياستها لكسر شوكة إيران وتمددها وتمدد حزب الله وبعض مآرب أخرى، وما يعنينا نحن الكُرد وفي هذه المرحلة أن نحاول قدر المستطاع ترتيب البيت الكُردي والاستفادة من الوضع الراهن قبل فوات الأوان, كُرديا لم نرى قط يوما من الأيام وقوف أمريكا إلى جانب الشعب الكُردي, لو أمعنَّ قليلا في التاريخ القريب مثلا سنة ١٩٧٥ عندما وقف مع النظام العراقي ضد ثورة الشعب الكُردي في العراق وفيما بعد انقلب على نظام العراقي نفسه سنة ١٩٩١، كما لا ننسى وقوفها ضد تطلعات الشعب الكُردي في الاستفتاء الذي جرى بكوردستان العراق سنة ٢٠١٧، والتي كانت نتائجها ٩٢ بالمئة من الذين يودون الانفصال عن العراق، وما حدث لكركوك فيما بعد دون أن ترف لها جفن أو تهز مشاعرها الإنسانية تجاه المآسي والويلات التي جرى للكُرد في أجزاءه الأربعة، أيضا عندما أحتل تركيا أجزاء مهمة من جغرافية روج افا كوردستان عفرين كري سبي سري كانيية لم تحرك ساكنا وهي تدعي بانها سوف تقف مع الكُرد، ولكن هي مع مصالحها ومأربها في كل أصقاع العالم، حاليا تدعي بأن مهمتها القضاء على داعش, وتقدم الدعم للكُرد في العراق وروج آفاي كُردستان، لأنها ترى فيهم روح المقاومة ويقدمون الشهداء عوضا عنها، لو ألقينا نظرة على المقابر واعداد الشهداء التي قدمها الشعب الكُردي يكفي بأن تعترف كل العالم بحقوقهم لأنهم دفعوا الفاتورة غاليا، ولم يعترفوا بهم سياسيا حتى الآن، وتصرح جهارا بان العمل مع القوات الكُردية فقط لدحر داعش أي وقتية».

يتابع لوند: «ما جرى على الساحة السورية والإقليمية من أحداث وخاصة الوضع الاقتصادي خلال عام ٢٠٢٢ أصبح اقتصاد سوريا منهارة تماما، لأنها كانت من الدول المصدرة أصبحت بعد هذه الحرب المدمرة من الدول المستوردة، وخاصة النفط ومشتقاتها وبعمولة أجنبية، واصبحت سوريا كالأشلاء متقطعة الأوصال إحدى عشرة سنة أو ما يزيد من طاحونة الحرب. وانهيار في القيمة الشرائية لـ الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي بعد أن طبق عليها أمريكا قانون القيصر، وقد زادها بلة عندما بدأ الوضع الراهن بين روسيا وأوكرانيا، وبسببها تدهور الوضع الاقتصادي عالميا، وعدم إمكانية دعمها من قبل الدول الداعمة لها روسيا وإيران كما كانوا يدعمونها سابقا نتيجة الظروف التي يمر بها هم أيضا».

يضيف لوند: «الضغط الاقتصادي على سوريا من كل النواحي أسبابها مباشرة من أمريكا وحلفاءها، بهذا الضغط ترى قد يغير اسلوب وسلوك النظام السوري ولكن حتى الآن ورغم الفقر المدقع للشعب هيهات من ذلك، فنظام يعدد العصي والشعب يكتوي بنارها، أي أصبح الضغط والتأثير على الشرائح الفقيرة وباقي الشعب من المجتمع السوري أكثر منها على رأس النظام السوري, أصبحت الحياة قاسية، لذلك تجد الهجرة مستمرة ولن تتوقف حتى الآن، والتسول زاد، والسرقات أصبح في وضح النهار، وقلَّ الأمن والأمان، وتفشَّى تجارة المخدرات كما انتهكت الأعراض، وتوزعت العوائل السورية في المخيمات وفي الدول الجوار، وافنيّ حياة الكثير منهم عبر الغابات جوعا أو بردا وأصبحوا طعما للأسماك في أعماق البحار والمحيطات خوفا على حياتهم ومستقبل أولادهم، والبحث عن الأمن والأمان وتأمين لقمة العيش».

يضيف لوند: «يبقى الوضع الاقتصادي المتردي مستمرا على ما هو عليه إلى أن يصل أمريكا على ما يصبوا من مبتغاة في سوريا، وقد تطول وتطول وخاصة الجفاف والعوامل الجوية، واعتماد الشعب السوري على الزراعة البعلية، ونقص في الموارد المائية، وتزايد البطالة، والنقص في الأجور وعدم التكافؤ بين الأجور والأسعار ونقص فرص العمل ».

يرى لوند: «لا يوجد في المنظور القريب أي حلحلة للوضع في سوريا حاليا, لأن سوريا مقسمة فيما بين النظام والمعارضة والإدارة الذاتية، أي اغلب الموارد ليس تحت سيطرتها، أي موزعة هنا وهناك، ونظرا لتحركات القوات الأمريكية وتزويد قواعدها العسكرية الموجودة والقريبة من الآبار النفطية يوميا بمعدات العسكرية قادما من العراق عبر معبر الوليد، وكما هو الوضع بالنسبة إلى روسيا واستقدام قواتها أيضا والتقارب التركي السوري بمساعدة روسيا، والموقف الامريكي الغير راضي من الدول التي تحاول التقارب من النظام السوري كلها أسباب للتعقيد الوضع في السوري بما هو معقد أصلا, وتتأمل سوريا من تحسين العلاقات التجارية والاقتصادية مع تركيا لتخفيف من أزمتها الاقتصادية والمعيشية بعد إن وصلت إلى مستويات غير مسبوقة».

الظلم وقلة الحيلة لم يفرق بين أطياف اللوحة الفسيفسائية في الرقعة السورية

تحدث عضو هيئة السكرتاريا لاتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكوردستاني- روج آفا، جوان علي صحيفة «كوردستان»، بالقول: «في البداية لابد من الترحم على شهداء الثورة السورية من الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الحرية العصماء، ورفع الظلم والجور عن كاهل الشعب السوري بشكل عام، وبذلك كانوا يستحقون منا الرحمة والدعاء بالمغفرة. ولابد لنا بالدعاء بالشفاء العاجل للجرحى من الذين أُوذوا ظلماً وعدواناً دون أي رادعٍ أخلاقي أو إنساني، وكذا نسقط بظلال تلك الدعوات على الحالة الكُردية التي نتمثل بها في الأجزاء المستقطعة من كُردستان والتي ألحقت بسورية كدولة. وبعد، أثبتت الوقائع والمجريات التي حدثت في الساحة السورية مدى الظلم والجور التي ألقيت على كاهل هذا الشعب، الذي عانى من المُرّ بحد ذاته، وهذا ما يلتمسه القاصي والداني في كل بقعة ورقعة جغرافية على خدود صفحات الساحة السورية من شرقها لغربها ومن جنوبها لشمالها. حيث لم يفرق الظلم وفقر وبؤس الحال وقلة الحيلة بين أطياف اللوحة الفسيفسائية التي تمثلها شعوب الرقعة السورية. كما أن الأحداث والمتغيرات الدولية المتسارعة على جميع المستويات السياسية منها والعسكرية والاقتصادية كان لها تأثير وانعكاسات كبيرة على الشأن السوري، ومن تلك الأحداث التي قلبت الكثير من الموازين في الساحة الدولية والإقليمية والسورية بشكل خاص الحرب الروسية-الأوكرانية، بالإضافة إلى الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الصفوي الإيراني الداعم لجلاد سورية، ناهيك عن قرب الانتخابات الرئاسية في تركيا، كلها أحداثٌ عمَّقت من تأثير الأزمة في سورية، وزادت من تعقيدها وأسهمت بشكلٍ أو بآخر من انهيار غير مسبوق للعملة السورية، الأمر الذي ساهم في تدني المستوى المعيشي للشعب السوري إلى ما يسمى بخطوط تحت الفقر وأكثر من ذلك».

يتابع علي: «على ما يبدو أن مصطلح تجفيف منابع الإرهاب التي كانت تركز عليها القوات الأمريكية المتواجدة في الأراضي الكُردية كانت موجهة لبذل المزيد من المآسي والويلات على سكان هذه المناطق بدلاً من تقويض الإرهابيين وسحقهم حسب وصفهم، فالإرهاب لازال موجوداً وهو واضح المعالم، وميدان قتاله مهيأ لمن شاء، وهذا الإرهاب يتمثل برأس الهرم البعثي والذي يمثله النظام القمعي السوري. فبدلاً من الضغط عليه لتنحيته ومحاكمته بتهم مختلفة منها جرائم حرب ضد شعبه إن صح التعبير نرى العكس تماماً، ونرى بأن الشعب السوري بكل فئاته يتحمل أهوال هذه الحرب التي قطفت ثمار شقاء الناس كما يتحمل كل الضغوطات، وكأن الشعب السوري هو المجرم الذي يجب معاقبته، وهذا ما يحصل على أرض الواقع، وعلى ما يبدو أن الملف السوري سيبقى رهيناً وأسيراً لكل النزاعات والمفارقات الدولية والإقليمية، وعلى ما يبدو أن جميع الحلول السياسية ستبقى معلقةً في حاضنات مجمدة تبعاً لمصالح كل دولة على حدى، وهذه التفاهمات والتوافقات ستبقى وللأسف الشديد متأرجحة بين شدٍّ وجذب بين الدول المغتصبة للملف السوري، وأيضاً ستبقى رهنًا لكل المآلات المتمحورة حول الصراع الروسي- الأمريكي في أوروبا أو في الشرق الأوسط».

يضيف علي: «الأمر الذي يساهم بشكل سلبي في استفحال التضخم وانخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي أكثر فأكثر، وهو ما رجحته معظم الأوساط الاقتصادية أن يكون العام 2023 هو الأصعب اقتصادياً على معظم السوريين سواء في مناطق سيطرة النظام السوري أو غيرها مستندةً بتوقعاتها على أرقام مشروع الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة».

يشير علي: «الوضع بشكل عام لا يبشر بالخير والانفراج وإحلالٍ للسلام، فكل الدلائل تشير إلى هاوية سوداوية، وحسب المعطيات الشعب هو المتضرر الوحيد مادياً ومعنوياً. وعليه فإن على كل الأطراف المتصارعة في البوتقة السورية من أبناء هذا البلد أن يتكاتفوا ويكفّوا عن وارتزاقهم أمام أبواب الدول الإقليمية. وعليهم أن يلتفتوا إلى معاناة أبناء بلدهم قبل أن يجرف الطوفان العظيم ما تبقى من حاضنة اجتماعية لهم هذا إن بقي أصلاً».

أخيراً:

الوضع المعيشي للمواطن السوري نحو تدهور رهيب، ولا بوادر قادمة توحي بوجود انفراج قريب، بالوضع الاقتصادي وتحسنه مرهون بالوصول إلى الحل السياسي، إن لم يتحقق خطوات عملية وجادة باتجاه الحل السياسي سيكون للوضع الاقتصادي تبعات أكثر خطورة، وسيتجه سورية نحو مجاعة عامة وموت جماعي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.