المجلس الوطني الكوردي في سوريا

كوباني بعد الحرب .. مدينة منكوبة

94

لم تنتهي معاناة أهالي مدينة كوباني في كوردستان سوريا، بعد أن تحررت بجهود أبنائها وبدعم من قوات بيشمركة إقليم كوردستان، بسبب الدمار الهائل الذي طال المدينة، وغياب أفق إعادة إعمارها.

العودة وإعادة الإعمار

بعد انتهاء الحرب في كوباني، بدأ الاهالي يتوافدون إلى المدينة، ليصدموا بحجم الدمار الذي أصاب 80% من المدينة.

ثم بدأت التصريحات تتالى، والمؤتمرات تعقد تحت تحت شعار ‹إعادة إعمار كوباني›، وأطلقت إدارة PYD الكثير من الوعود عن إعادة تأهيل المنطقة على المدى القريب، وهدم المباني الآيلة للسقوط أو معالجتها بالطرق السليمة، وإزالة انقاض المباني المدمرة، وتأمين المأوى والاحتياجات الأساسية للسكان بشكل مستقر، والعمل على إعادة دوران عجلة الحياة وجعلها مستقرة، وإصلاح البنية التحتية وشبكة الشوارع، وإعادة إمداد الكهرباء والماء في المناطق الغير المدمرة أو المدمرة بشكل جزئي.

لكن مع مرور الزمن، أدرك أهالي كوباني عدم تحقق أي من هذه الوعود، وظهور بوادر تثبت عكسها، ومنها  عدم مساعدة الأهالي بإعادة إعمار منازلهم بأي شكل، ولو رمزياً.

ممارسات PYD

وفي هذا السياق، قال رفعت أحمد، وهو من أبناء كوباني الذين قرروا العودة إليها بعد انتهاء الحرب، في تصريح لمكتب إعلام المجلس الوطني الكوردي: “قررت العودة إلى كوباني وإعادة بناء منزلي المكون من غرفتين، ولكن تم منعي من ذلك بحجة أن منزلي المهدم يقع ضمن ما يسمى (المتحف) وبقيت في العراء قرابة شهرين إلى أن قررت العودة إلى تركيا” .

ولفت مواطنون كورد من كوباني، إلى ممارسات PYD بعد عودتهم إليها بعد الحرب، وتحدثوا عن “فرض ضرائب باهظة على الأهالي وفي جميع مجالات الحياة، ومنع الأهالي من إعمار أو ترميم الأبنية المتضررة بحجة عدم توافر الرخصة، ومصادرة بعض الأراضي القابلة للإعمار بحجة المتحف أو كونها خارج المخطط التنظيمي، ورفع أسعار المواد والمستلزمات الأساسية للبناء إلى الضعف، وفرض التجنيد الإجباري على الأهالي الذي منع عدداً كبيراً من الشباب من العودة إلى المدينة، بل ساهم بشكل كبير في إخلاء المناطق الكوردية من الفئة الشابة، وعدم إعطاء فرص عمل للمثقفين والمتعلمين والمعلمين خاصة بعد تغيير المنهاج في المدارس، وعدم السماح لممارسة الحياة السياسية للأحزاب الكوردية”.

وبصدد النقطة الأخيرة، صرح المحامي والسياسي الكوردي مصطفى مستو لإعلام ENKS قائلاً: “إن انعدام الحياة السياسية بالداخل يعود بالدرجة الأولى إلى طبيعة القوة التي استلمت المنطقة، وكلفت بقمع كل ماهو مخالف للنظام الديكتاتوري المجرم، وهي متميزة بالعقلية الميلشاوية التي لاتتقن غير منطق السلاح في إدارة البلاد من مبداً شمولي قائم على إلغاء الآخر المختلف، وبالتالي مناقض لمبدأ الديمقراطية والحريات العامة، بمعنى أن مثل هذه القوى لاتديرها عقليات سياسية مدنية وإنما هناك عقلية وذهنية العسكرة، إذ خلقت واجهة سياسية وهمية لتمرير أجنداتها والتي حولت المنطقة إلى شبه ثكنة عسكرية تنعدم فيها ممارسة الحياة المدنية والسياسية والمجتمعية”.

وأردف مستو “لذلك، فإن منح الحريات العامة والممارسات الديمقراطية وترك المجال للعمل السياسي، كل هذا سيشكل خطراً حقيقياً على وجودها، فهي تدرك جيداً بأن الحاضنة الشعبية ستلفظها لولا قوة الحديد والنار، لأنها لاتعبر عن تطلعات ومصالح الشعب، لذلك فإن كل ممارسات سلطة الوكالة تنصب في إلغاء الحياة السياسية والمدنية وممارسة القمع والاضطهاد بحق المخالفين محاولة لها لإطالة أمد سلطتها التي ستنتهي بانتهاء المهمة الموكولة إليها”.

الأوضاع المعيشية

يضاف إلى كل ما سبق، عوامل سلبية أخرى تنخر في الحياة العامة بمدينة كوباني، كالارتفاع الكبير الملحوظ في أسعار المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية للعيش، و انتشار الفساد والسرقة للممتلكات التي تعود ملكيتها إلى أبناء كوباني، وافتقار كوباني إلى أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء ومحروقات.

ويتحدث عن هذه الأوضاع الناشط الإعلامي آذاد أوسي  من كوباني لإعلام ENKS قائلاً: “إن مدينة كوباني تشهد إلى الآن صعوبات كثيرة في أبسط مقومات الحياة، حيث وإن تم توزيع بعض المحروقات على الشعب تتشكل أزمة كبيرة على مادة الوقود، ويكون هناك ازدحام كبير في المحطة التي تقوم ببيع مادتي البنزين والمازوت، وهناك من يضطر إلى الوقوف تحت أشعة الشمس ساعات طويلة للحصول على كمية قليلة من البنزين أو المازوت ليسخدمها في تشغيل المولدة الكهربائية واستخدام أدواته الضرورية في المنزل مثل المراوح والبرادات والمكيفات للحد من حرارة هذا الصيف القاتل”.

وفي ظل الاعتقاد السائد بأن الدعم الدولي والإقليمي الذي حظيت به إدارة PYD سيتبخر بمجرد انتهاء المعارك ضد داعش، يقول الأهالي إنهم يشعرون بالخذلان بعد سنوات من إهمال مدينتهم، فيما بدأ معظم الأهالي بالتأقلم مع ظروف اللجوء المستجدة والتأسيس للعيش بشكل دائم في المناطق التي انتقلوا إليها حين الحرب، إذ هاجرت نسبة كبيرة من أهالي كوباني إلى دول أوربا، واستقروا هناك، بعدما بات واضحاً أن إعادة إعمار المدينة أمر غير وارد في المدى المنظور، فيما نسبة أخرى لا زالت متواجدة في دول الجوار، ومازالت المخيمات مكتظة بأهالي كوباني على مشارف مدينتهم المنكوبة.

مكتب إعلام ENKS أورفا – تركيا

تقرير: زيوار الأحمد

التعليقات مغلقة.