المجلس الوطني الكوردي في سوريا

شبح العنوسة يفتك بالمجتمع الكوردي..!!

63

 

بات المجتمع الكوردي في وقتنا الحاضر يعاني العديد من  المشاكل والصعوبات كغيره من  المجتمعات منها السياسية و الاجتماعية و الأقتصادية والصحية , فالبعض أوجدتها ظروف الحرب والأزمة , وأخرى كانت موجودة لكنها ازدات تفشياً وانتشاراً مع الأيام و بدأت تهدد  المناطق الكوردية وهنا نستطيع أن نسلط الضوء على  منطقة كوباني ، ومن أبرز هذه المشكلات التي أثرت على المجتمع إلا وهي ظاهرة “العنوسة”.

وحسب الإحصائيات تقدّر نسبة العنوسة بين الإناث في المجتمع السوري بـ50%،

وفي المجتمع الكوردي تقدّر نسبة العنوسة  إلى 10% وهذه نسبة خطيرة بالنسبة لمجتمع يرتقي فكرياً وعلمياً، حيث لها كوارث ومؤشر خطير ونذير شؤم , والإعداد في ازدياد مستمر,  وبين هذا وذاك  باتت هذه الظاهرة تتفاقم بشكل أكبر مع دخول الأزمة عامها السابع حيث  تتبلور العنوسة في كونها ظاهرة إجتماعية سلسة  ناشئة  لعدة أسباب ومنها:

السياسية :

يرى المتابعون ان للسياسة دور كبير في انتشار ظاهرة العنوسة حيث الممارسات  السياسية  لسلطات الـ pyd تمنع الكثير من الشباب بالعودة إلى داخل كوباني وكذلك التجنيد الإجباري ,

حيث أنه بعد هجوم  داعش على منطقة كوباني قررت إدارة الـ  pyd فرض التجنيد الالزامي على  الشباب من سن 18 إلى 30 .

وهذه الخطوة كانت من أكبر الأسباب التي منعت الشباب من العودة إلى داخل مدينتهم بل تعدى الأمر أكثر من ذلك حيث بدأ الشباب  في البحث عن أي وسيلة للهروب من التجنيد وترك مدينتهم. فالتجنيد الإجباري في المناطق الكوردية يجبر الشباب على الهجرة.

ولاقى هذا القانون المعلن من قبل إدارة الـ PYD رفضاً شعبياً واسعاً.

حيث صرح الشاب “جان علي” لاعلام المجلس الوطني الكوردي:

“في البداية كان سبب الهروب هو التجنيد الإجباري للنظام….وفي مناطقنا الكوردية ونظراً لتردي الأوضاع المادية وانخفاض مستوى المعيشي.. اضطر كثيرون منا للهجرة إلى دول الجوار والدول الأوربية من أجل العمل…أما في السنوات الأخيرة للحرب فكان السبب الأساسي لهجرة الشباب هو التجنيد الإجباري لحزب الاتحاد الديمقراطي….والمعاملة السيئة لفئة المثقفين وخاصة المنتمين للأحزاب الكوردية الأخرى ، مما أدى لتفريغ المنطقة الكوردية من شباب الكورد.

أسباب اقتصادية:

1-غلاء المهر :

الغلاء في طلب المهر وطقوس وترتيبات الزواج بما يفوق قدرة غالبية الشباب هي من المسببات الرئيسية لتردد معظم الشباب عن فكره الزواج والتأني في اختيار شريكة له ,  فتلك التقاليد والأعراف  العمياء والظالمة للفتاة  , من شأنها تعكير عملية الزواج, وإدخال الشباب في قوافل الضياع  وهنا تتأثر الفتاة ويقل فرص زواجها بأمتناع أهلها بالتخلي عن فكره تقليل المهر  بما يتناسب مع دخل الخاطب .

وفي هذا السياق صرح  الشاب “عصمت الأحمد” “في هذا الزمان أصبح الزواج الشرعي قليل جداً أي بمعنى أخر معظمهم يهدفون للزواج المادي” .

وهذا ليس في منطقه كوباني فقط و إنما في كل المناطق الكوردية وقُراها . والسبب الرئيسي هو أن الفتاة تريد الزواج بشاب غني يرضي جميع متطلباتها و تناست قوله تعالى (تزوجوا فقراء يقنيكم الله) وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((اذا اتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه)) في نظر معظم الفتيات اصبحت الشريعة الاسلاميه موضة قديمة  فإذا تقدم لها صاحب الخلق والدين ترفضه  .

وأيضاً هو حال الشباب الكورد فمعظمهم يريدون أن يلبو  طلبات الفتاه في الزواج . وأول خطوة له هو الهجره خارج الوطن ليجلب لها المال .

وفي نفس سياق صرحت الشابه (خ.و) من كوباني و التي بلغت من العمر 35 سنة والمقيمة حالياً في أورفا قائلة : “لا اعلم ما الذي أقوله بعد كل الذي حدث  و كيف انتهى بي الأمر هكذا..

وقد فاتني قطار العمر وأنا على سكة الحياة واقفة اتخبط  بين متطلبات والدي.. ربما كنت شاردة الذهن حينها ورضيت بما طلبه والدي من مهور وتكاليف باهظة ورضخت للأمر الواقع والآن لا استطيع أن اتركهم فأنا معيلتهم الوحيدة في هذه اللحظه لا يسعني  سوى أن أنتظر رحمة الله لي ولوالدي.

 

2_ البطالة :

يرى المراقبون أن البطالة من المشكلات المعقدة التي يعاني منها معظم شبابنا  وهي تعبر عن عجز في البنية التحتية  وتراجع الأداء الأقتصادي.

البطالة تجعل القدرة المادية منعدمة وتؤدي أيضاً إلى تدهور واضح في التركيبة النفسية والكفاءة الاجتماعية , وخاصة في وضعنا الحالي وما نعيشه من صراع على جميع جبهات وبات من الصعب إيجاد عمل في ظل الظروف الحالية وبدخل مناسب.

اسباب اجتماعية:

_العادات والتقاليد:

لكل منطقة من المناطق الكوردية عاداتها وتقاليدها  التي مازال المجتمع متمسك بها ومحافظ عليها  بشكل أو بأخر .

فكوباني  ماتزال  تحافظ على عاداتها وتقاليدها العشائرية وتتحفظ على ذاك الرونق من حيث الأصل والنسب والمكانة العشائرية وعدم غلط اجناس في بيئتها من مجتمعات أخرى فيها إلا بنسب قليلة , وهذا كله في وقتنا الحاضر بات يؤثر بشكل سلبي على الفتاة  حيث إذا تقدم لها خاطباً كان أقل منها مستوى عشائرياً أو مادياً أو لم يكن متعلم مثلها أو كان خارج البلد رفضوه رفضاً قطعاً وهذا كله يؤثر سلباً على الفتاة فهنا يزيد احتمال بقاءها عانس بنسبة 75 % .

 

أثار ظاهرة العنوسة :

إن لظاهرة العنوسة كغيرها من ظواهر آخرى آثار قد تكون ايجابية تنفع المجتمع أو سلبية تنخر فيه ولظاهرة العنوسة آثار سلبية على المجتمع والفرد وأمام هذا التعدد والتنوع في الأسباب التي أفضت إلى هذه المشكلة الخطيرة ، فقد أفرزت  العديد من الآثار السلبية التي تهدد المجتمع الكوردي، وتؤثر في تماسكه وبنيته ، وتظهر خطورة العنوسة على عدة مستويات:

_آثارها النفسية على الفرد :

* الأكتئاب والانعزال:

عندما تدرك الفتاة بأن قطار العمر يمضي بها رويداً رويداً وهي لا تزال عازبة وحيدة تلاحقها نظرات الشفقة والمجاملات ، ينتابها حالة من الاكتئاب الشديد و الإنعزال التام عن المجتمع و عن بنات جنسها مما تزوجوا ، وهنا تشعر بالإحباط والحرمان وخيبات الأمل  وقد تدخل في حالات اليأس والحزن مما يولد لديها الرغبة في الأبتعاد.

* الغيرة والحسد:

تتولد لدى الفتاة التي تأخرت في الزواج نوعاً من أنواع الغيرة وضمور الحسد بلا شعور ولا وعي منها نتيجة رغباتها المكبوتة بالزواج  كغيرها من صديقاتها و بنات جنسها المتزوجات ، ولهذا تنظر للمجتمع نظرة حسد وحقد وكراهية تعبر عنها في سلوك عصبي وعدواني تجاه صديقاتها البنات. .

 

  • اثارها الصحية على الجسد :

يرى الأخصائيون بأن العلاقة بين الأمراض النفسية والأمراض الجسدية  متشابكة ومتداخلة ببعضها إلى حد كبير ويأثر كل منهم على الأخر , فالأعراض النفسية قد تكون من مسببات المرض العضوي، فهناك ارتباط وثيق بأنه عندما تتدهور الحالة النفسية  لشخص فأنها تتدهور معها الحالة الجسدية أيضاً ،فالفتاة التي تأخر بها الزواج عندما تشعر بحالة اكتئاب وانعزال وقلق وحزن فهذا كله يؤثر على صحتها الجسدية كفقدان وزنها أو قد يزيد وزنها بشكل ملحوظ ،أو قد تصيبها نوبات الضغط أو أزمات قلبية نتيجة الحزن الشديد أو قرحة في المعدة

إذاً فالفتاة قد تكون معرضة نفسياً وجسدياً لأمراض عدة.

 

آثارها الإجتماعية :

* الزواج الغير المتكافئ  :

الفتاة عندما تفقد الأمل في إيجاد شريك حياتها المناسب تضطر بأن تقبل بالزواج غير المتكافئ  للخلاص من واقعها ، وقد يحدث ذلك من جنسيات وأديان أخرى ، وهنا يختلف أفكارهم بنسبة 99 % ولا يجد التفاهم بينهم سبيلاً , وغالباً ما يؤدي ذلك إلي الطلاق وخاصة زواج بعض فتيات  كوباني من جنسيات أخرى كالتركية والعراقية والأوربية وقد شاهدنا الكثير من حالات الطلاق مؤخراً نتيجه هذا الزواج الغير المتكافئ.

* الأنحلال الأخلاقي :

يرى المختصون إن العنوسة قد تساعد على تكاثر بعض من  المظاهر اللا أخلاقية وتفشيها نوعاً ما، مما يؤثر سلباً على المجتمع، وتنجم لها آثار مضرة ، نتيجة انجرافهن وراء رغبات كبتت  كالأمومة و الغرائز الجنسية، وينجم عن تلك الرغبات ردات فعل قد تؤذي بها حتى نفسها، مثل الزواج العرفي والنزوات  العابرة .

مشاكل أخرى :

وأمام هذه القضية بدت الكثير من الفتيات يقبلن بالزواج من الرجل المُعدد كي لا يفوتهن قطار الزوجية، كما أن بعضهن قد لجأن إلى التعبير عن هذه الرغبة لدى الخاطبات ولدى بعض الجمعيات المتخصصة بهذا الموضوع، أو من خلال بعض مواقع الزواج الإلكترونية، وهذه من أخطر الوسائل التي يجب الحذر منها والتنبيه إلى عدم الاعتماد عليها في الوصول إلى فارس الأحلام.

وقد تلجأ الفتاة أحياناً بملئ إرادتها أو بضغط  من أحد أفراد أسرتها إلى طرق أخرى غير مرضية لكيانها، فقط للتتخلص من شبح العنوسة ومعاناته، كأن تتزوج من رجل يفوق عمرها أضعاف، لترى نفسها بعد بضع سنوات،  أنها  فعلاً قد تخلصت من شبح العنوسة لتقع في مأساة أكبر ، ستفتك ما تبقى من عمرها أما أن تكون ممرضة  له أو أرملة تندب ذاك القدر.

إذاً فظاهرة العنوسة تعد من المشاكل الكبيرة تعكس أثارها السلبية على الفرد أولاً وعلى المجتمع بأكمله من كافة الجوانب ثانياً, فعلا المجتمع الوصول إلى حل يقلل من نسبة العنوسة لتجنب تفكك المجتمع الكوردي وضياعه .

تقرير: صديقة عثمان

إعلام ENKS أورفا

التعليقات مغلقة.