المجلس الوطني الكوردي في سوريا

عزالدين ملا : الشعب السوري…ومستنقع الصراعات الدولية الإقليمية

50

الشعب السوري…ومستنقع الصراعات الدولية الإقليمية الضربة الامريكية على الصعيد العسكري لم تجلب أية ثمار

منذ الهجوم الكيمياوي على مدينة دوما- التي راح ضحية الهجوم العشرات بين قتيل وحالات اختناق- والدول العالم وخاصة أميركا وفرنسا وبريطانية، يتعهدون ويتوعدون بمعاقبة النظام السوري، جاء هذه بعد التصريح الذي أطلقه دونالد ترامب بأن ما يقوم به النظام السوري هو جريمة ووصف الرئيس السوري بالحيوان. ولكن هذه التصريحات الشديدة لم تكن سوى عدة صواريخ وعلى مواقع كان النظام قد أخلاها سابقاً.

  • ما تحليلكم السياسي في ما يجري الآن على الساحة السورية؟
  • هل الضربات العسكرية من قبل أميركا وفرنسا وبريطانيا على بعض المواقع تساعد في الضغط على النظام وداعميها من روسيا وايران من اجل انهاء معاناة السوريين؟
  • حسب رأيكم، هل أميركة جادة هذه المرة في انهاء الازمة السورية؟
  • اين يكون الكورد في هذه المعادلة السياسية حسب رأيكم؟

تحدث نشأت ظاظا عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا: « في اعتقادي أن ما يجري في سوريا تخطى التوقعات والمنطق بسبب تداخل المصالح واختلاف الأجندات الدولية والإقليمية منها، لكن رغم ذلك مازال هناك رغبة دولية أو دعنا نقول إصرار في عدم أفشال العملية السياسية للخروج بتوافق كيفما كان شكله شريطة الحفاظ على مصالح القوى والدول المتصارعة على الكعكة السورية أن صح التعبير، طبعاً باختلاف تصورات كل طرف للحل السياسي. وهنا تكمن المعضلة والتصورات من خلال رؤية المجتمع الدولي  للقضايا التي تخصهم في العمق مثال: اختلاف استراتيجية الاولويات والمصالح وتنامي ظاهرة الاٍرهاب والهجرة والتداعيات السلبية على مجتمعهم».

بما يتعلق بالضربات الأميركية، أردف ظاظا بالقول: «حسب تصوري بأن هذه الضربات المحدودة لم تكن أكثر منها سحابة صيف عابرة لا لون لها ولا جدوى، بل الأكثر من ذلك يمكن لنا  القول بأنها كانت بمثابة مادة إعلامية أو استعراض للقوة ليس إلا، وعليه لم تجن تلك الضربات  بالمفهوم العسكري والاستراتيجي الثمار المراد قطفها، ولم تشكل في مابعد أي ضغط  حقيقي على النظام  وحلفائه من حيث  تغير  المعطيات  ومجريات الصراع  الدائر على الأرض، واذا كانت هناك  رغبة أو إرادة حقيقية لدى تلك الدول لكانت للضربات حديث أو معطيات أخر ».

أضاف ظاظا: « في اعتقادي إلى هذه اللحظة لا يوجد طرف جاد يود حل المعضلة السورية وخاصة أمريكا وذلك لأسباب: عدم وجود بديل حقيقي للنظام القائم والقابع حاليا في دمشق- افتقار المعارضة لمشروع سياسي ضمن جامع لجميع المكونات السورية – توجه المعارضة القائمة للفكرالديني الراديكالي والذي تثير المخاوف لدى الغرب ناهيكم عن تداخل المصالح الاستراتيجية بالنسبة لبعض الدولة الحليفة للولايات المتحدة في الساحة السورية، والذي يشكل بذلك عبئ إضافية على فاتورة الحل للمرحلة المقبلة».

أما على الصعيد الكوردي، فقال ظاظا: « أنا لا أتوقع الكثير في معادلة الحلول السياسية التي ستشمل سوريا المستقبل، وذلك لعدة أسباب منها الانقسام السياسي الكوردي في ما بينهم وتشتتهم بين معارض وموال أوغيرهم من اللاعبين في الساحة السورية، وعدم الوقوف بحزم وجدية لدعم الخطوط الحمراء التي تخص القضية المصيرية للشعب الكوردية في كوردستان سوريا مع الشركاء الأساسين في العملية السياسية. وإخفاقنا على المستوى الدبلوماسي في إقناع المجتمع الدولي وحتى المجتمع السوري بأحقية القضية الكوردية والرؤية السياسية التي يتبناها المجلس الوطني في سوريا الغد أي الدولة الاتحادية، ودخول تركيا على خط المواجهة واستهدافها للوجود القومي الكوردية من خلال ذرائع واهية، وتتضارب مصالح الغرب والشرق مع الأجندات الكوردية وغيرها من الأمور. عليه يمكننا القول بأن الثورة السورية بالمجمع فشلت في تحقيق طموحات الشعب السوري، وتحولت من ثورة الحرية والكرامة إلى ثورة الصراعات لتقاسم السلطة بين تجار الحروب والمتسلقين في الشأن السياسي».

وتحدث محسن طاهر عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ورئيس المجالس المحلية في المجلس الوطني الكوردي: « ان ما يجري اليوم هي حروب مستدامة على النفوذ بين قوى عظمى مختلفة في الرؤى والمصالح ليس في سوريا فحسب، بل في الشرق الأوسط ودوام الحالة تعيدنا إلى حقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الامريكية وطول أمد الصراع نابع في جوهره من عدم مقاربة الحلول للازمات الناشبة والاختلاف في التوجهات السياسية والاقتصادية للأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد برمته دون أي اعتبار لحقوق ومصالح الشعوب هنا أو هناك، مما ينسف مجدداً مصداقية الشرق والغرب وزيف ادعائهم حيال حماية الانسان وحقه في الحرية والحياة، معظم المؤشرات لا تشير بقرب النهايات المحمودة للأزمة السورية المركبة مادام الحسم والتوافق حيال تقسيم الكعكة ومناطق النفوذ في الشرق الاوسط برسم واشنطن وموسكو ».

أما فيما يتعلق بالضربة الأميركية الأخيرة أردف طاهر بالقول: « ان الضربة الاخيرة اخفاق آخر للسياسة الامريكية في المشهد السوري المأزوم، وجاءت حفاظاً على ماء وجه الرئيس الامريكي ترامب لما ارغدَ وأزبدَ به بما قارب الاسبوع على استخدام الكيميائي في دوما ناهيك عن سخونة حديث المراقبين والصحافة العالمية حول الضربة المزعومة وتأثيراتها على النظام وحلفائه، ازعم بأن مفاعيل الضربة جاءت عكسية على الولايات المتحدة الامريكية، بينما ساهمت الضربة بشكل أو بآخر على تعزيز موقع النظام السوري وحلفائه انطلاقاً من المقولة (الضربة التي لا تميتك تقويك) وهذا ستدفع روسيا للمزيد من التعنت والعمل على مسارات بديلة عن جنيف عبر تعزيز قاعدة تحالفها مع تركيا وإيران وصولاً لخلق واقع ميداني ينسجم مع رؤيتها ومقتضياتها الوطنية حيال الازمة السورية ».

أضاف طاهر: « ان الجدية من عدمها لم تعد تجدي نفعاً، خاصة بعد أن فقدت واشنطن الكثير من أوراق القوة والضغط لديها في سوريا، في ظل الغموض والتردد لموقف المسؤولين في البيت الابيض حيال الوضع السوري، وازعم بأن القرارات الاممية في الجنيفات التسع باتت في حكم النسيان وستترك على الرف في دهاليز جنيف تعلوها الغبار، قد أكون مخطئاً في القول بأن الاوضاع الميدانية تتجه لصالح الحلف الناشئ (روسيا- تركيا- ايران- النظام السوري) ورياح التغير تتماشى مع سفنهم بعد سيل من الدماء والدمار والشعارات والمناطحات الحزبية والجبهوية ».

تابع طاهر: « اعتقد جازماً أن الازمة السورية لن تشهد انفراجاً في القريب المنظور، وقد يترتب عليه استحقاقات كبيرة في المجالين الوطني السوري والقومي الكوردي، لذا يتطلب العمل جاداً على تحقيق وحدة الصف والموقف، رغم أنها أمست شعاراً مجتراً، وباتت ترفاً فكرياً والمطالب بها قد تنعت بالساذجة، رغم ذلك أزعم أن ضرورة وحدة الموقف مع التشديد على كلمة (وحدة الموقف) للحركة السياسية الكوردية في إطار متفق على تسميته لا تزال في غاية الاهمية ولا تحتمل التأجيل البتة، وفشل بعض التجارب أو تعثرها لا يعفينا أبداً من مسؤولية التخلي عن هذه الغاية السامية، وغياب الموقف الكوردي الموحد في الوقت الراهن، سيعرض الشعب الكوردي لخطر ماحق، ويقلل من أهميته في المعادلات الدولية، ويضعف من دوره في سوريا المستقبل ».

تحدث درويش ميركان حقوقي: « البحث عن المستفيد من الحالة السورية الراهنة يفسر لنا كثير من الأمور المعقدة في المشهد السياسي الجديد، لا يشك اثنان أن إطالة الصراع على هذه الشاكلة فيه استنزاف للقوة العسكرية السورية، وبالتالي الاقتصادية ووصول الدولة إلى حافة الانهيار دون السقوط، إسرائيل بالتأكيد استفادت من هذه الحرب بالوكالة دون أن تتدخل بشكل مباشر في هذا الصراع وستبقى مستفيدة مادامت الحدود الجنوبية لسوريا آمنة ».

اضاف ميركان: « وتركيا اللاعب الأبرز بعد الروس تريد تثبيت موطئ قدم لها في العمق الشمالي السوري خاصة مناطق ذات الغالبية الكوردية بحجة وجود قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وحتى الآن الأمور تسير على هوى مصالحها وخاصة بعد عملية غصن الزيتون واستبدال السكان المحليين من الكورد بسكان من الغوطة والقلمون الشرقي وفق التقارير الواردة من هناك، ورفع العلم التركي ما هو إلا بداية هذا التغيير.أما الروس يحاولون الإبقاء على وضع النظام في حالة  يكون فيها دوما بحاجة إلى الحليف الروسي، وهنا تبدأ السياسة الروسية في التفاوض على حساب المصلحة السورية لحساب مصلحتهم الخاصة وكسب المزيد من العقود الاقتصادية على المدى الطويل.هذا التنافس على الكعكة السورية ربما يجعل إيران هي الخاسر الأكبر على الرغم من الخسائر الكبيرة التي قدمتها عسكرياً وبشريا وماديا ».

أما فيما يتعلق بالضربة الأميركية، فأردف ميركان بالقول: «ان الضربة الأميركية قامت بخلط الأوراق ليست من الناحية العسكرية، والتي أجمع أغلب المراقبين أن الضربة ليست لها أبعاد عسكرية بقدر أبعادها السياسية على الرغم من مشاركة فرنسا وبريطانيا ودعم معنوي لبعض الدول العربية إن لم يصل للمادي أيضاً. غاية الأمريكان إعادة إدارة اللعبة في سوريا من جديد ولكن بشروط ومزايا مختلفة. كل هذه الأحداث تجعلنا نتساءل هل المجتمع الدولي جاد هذه المرة في إنهاء الأزمة السورية؟. ربما تأتي الإجابة في الاجتماع الخاص بأعضاء مجلس الأمن، والذي عقد بقرية في دولة السويد حيث صرح السفير السويدي لدى الأمم المتحدة اولوفسكوغ إن اجتماع مجلس الأمن في مزرعة باكاوكرا جنوب السويد أحرز تقدما ملموساً. الجميع متفقون الآن على ضرورة إيجاد طريقة للتقدم إلى الأمام في إنشاء آلية لا تحدد فقط ما إذا كان قد تم استخدام أسلحة كيماوية بل أيضاً تحديد من هو المسؤول عن استخدامها. فهل بات ملف استخدام السلاح الكيماوي هي ورقة الضغط من أجل العمل على الانتقال السياسي في سورية وفق قرار مجلس الأمن، خاصة مع تزامن الأخبار من الخارجية الألمانية عن اغراءات للرئيس الروسي بوتين من أجل تخليه عن دعم الأسد. كل هذه السيناريوهات باتت مطروحة ».

فيما يتعلق بالسياسة الكوردية من كل هذه الأحداث قال ميركان: « أعتقد أن الأولوية الأن هي الوقوف أمام عملية التغيير في البنية السكانية لمنطقة عفرين، ومنع أي تلاعب بديمغرافيا المنطقة على حساب السكان الأصليين من الكورد، لذلك على المجلس الوطني الكوردي في سوريا لعب دوره الحقيقي والذي طالما تذرع بوجود حزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة ومنعه من القيام بواجباته ونشاطاته، وباتت الساحة مفتوحة له بحكم وجوده في الائتلاف، ووجود ممثلية له في استنبول يستطيع التنسيق مع أصحاب القرار هناك لضمان عودة المهجرين الكورد جميعاً وتقديم جميع أشكال الدعم وتوفير الخدمات الأساسية في هذه المرحلة، والقول بغير ذلك يجعل المجلس في مرمى النقد والتساؤل والتقصير، وكذلك دراسة كافة السيناريوهات المحتملة من انسحاب القوات الامريكية، ووضع قوات عربية محلها وتأثير ذلك على الحالة السورية بشكل عام والحالة الكوردية بشكل خاص، وعدم تكرار ما حدث في عفرين على منطقة الجزيرة للحساسية الخاصة بهذه المنطقة من تداخل عرقي وعشائري وطائفي. أمام كل هذه الصعوبات يحتاج الكورد إلى لعب دور يكونوا فيه لاعبين وليس ملعوب بهم، ولن يتحقق ذلك ما دامت حالة التفكك ولغة التخوين والاعتقال السياسي هي الشماعة التي يعلق فيها الطرف الآخر أخطائه وممارساته اللامسؤولة ».

أما منال حسكو- سياسي فقد تحدث بما يلي:« من المعروف ان سوريا اصبحت ساحة صراع بين عدة دول، وفي مقدمتهم الصراع الروسي الامريكي، وما يهم أمريكا هو وضع يدها على منابع النفط والتي أغلبيتها توجد في شرق الفرات. اما بالنسبة الى روسيا فهنالك عدة عوامل من ضمنها قاعدتها العسكرية البحرية في طرطوس، ومنع مد انابيب الغاز القطرية عبر سوريا الى أوروبا، لكي لا تتنافس مع ما هي تمد أوروبا به من الغاز، وإثبات نفسها بأنها قوة عالمية ويجب التعامل معها من هذا المنطلق. كما ان التدخل الإيراني في دول الجوار وهدفه هو تشيع المنطقة وفتح طريق له عبر الاراضي العراقي الى سوريا وصولا الى لبنان.كل هذا جعل من سوريا ساحة صراع مفتوحة والخاسر الوحيد هو الشعب. لهذا لا ارى في الافق القريبة اي بوادر حلول، ولكن المنظورالبعيد قد يكون تقسيم سوريا بين المصالح الروسية من جهة والامريكية وحلفائها من جهة اخرى».

أما فيما يتعلق بالضربة الأميركية، فقال حسكو: « الهدف من وراء الضربات العسكرية كان من اجل توجيه عدة رسائل من ضمنها، أولاً كان موجهاً الى المجتمع الدولي والرأي العام بأنهم لا يسمحون باستخدام الأسلحة الكيماوية. ثانياً الرسالة كانت موجهة الى ايران بأننا هنا ونستطيع ان نفعل ما نشاء في اي وقت كان ».

تابع حسكو: « لا اعتقد ان الأمريكيين وحلفاءهم الأوروبيين إلى هذه اللحظة جادون في تغيير النظام، لان البديل بالنسبة لهم هو الاسلام السياسي، المتمثلة بالأحزاب كالنصرة وجيش الاسلام وغيرهم من الفصائلالاسلامية المسلحة ».

أما عن السياسة الكوردية، فقال حسكو: « الى هذه اللحظة و للأسف الشديد ليس هناك اي دور للكورد في المعادلة السياسة السوريا، ويعود ذلك الى سيطرةPKKعن طريق فرعها السوريPYD  وبقوة السلاح واحتكار الساحة السياسة الكوردية، وعدم افساح المجال امام الأحزاب الكوردية الاخرى للممارسة دورها ونشاطاتها السياسية، بل اكثر من ذلك اصبح PYD اداة بيد اجندات الدول الغاصبة لكوردستان، ومحاربة الفكر القومي الكوردي. من الطرف الاخر كان المجلس الوطني الكوردي هو رهان الشارع الكوردي. ولكن بسبب محاربة PYD له ومنعه من ممارسة اي نشاط له على الارض، لم يستطع لعب دوره المطلوب، من الناحية السياسية كان له نشاطات ولقاءات مع عدة دول، واستطاع الى حد ما لعب دور سياسي مهم ».

لذلك نرى كل ما يجري على الساحة السورية لا توحي إلى إنهاء هذه الأزمة التي حمل الشعب السوري فوق طاقته، ولا سيبل أمام المواطن السوري سوى الانتظار، لأنه يعلم جيداً ان لم تتوافق المصالح بين الدول الكبرى لن تنتهي هذه المعاناة، وليس للشعب السوري سوى الله. 

عزالدين ملا …

التعليقات مغلقة.