المجلس الوطني الكوردي في سوريا

عزالدين ملا: عفرين.. المطامع الاستعمارية العثمانية والمصالح الدولية

63

 عفرين.. المطامع الاستعمارية العثمانية والمصالح الدولية

 وضحية التشتت في الخطاب السياسي الكوردي

الكورد في كوردستان سوريا أمام اختبار صعب في هذه المرحلة المصيرية، فالمعارضة السورية ليست على تلك الثقة بسبب تصريحات بعض الشخصيات لعنصريتهم، والنظام كما هو معلوم، نظام ديكتاتوري مستبد ودموي. وكذلك تركيا الدولة الغاصبة لكوردستان التي جعلت من المنطقة الكوردية في سوريا الفريسة السهلة المنال لأسباب كثيرة. والدول الكبرى وخاصة أمريكا والتي جعلت من المناطق الكوردية مناطق نفوذ لها وبنت قواعد عسكرية، حيث ظن الكورد ان ذلك لمصلحتهم، دون ان يعلموا ان أمريكا ومثيلاتها مصالحهم فوق كل شيء. عفرين الآن مسيطرة من قبل الاحتلال التركي وكذلك الجماعات المسلحة التابعة لها التي تسول وتجول في شوارع عفرين نهباً وسلباً دون ان يردعها أحد، وهذه الفصائل تتقاتل فيما بينها من أجل الغنائم، عدا اساليب الخطف، والفدية مقابل ترك المخطوف، وكذلك طرد المواطنين من منازلهم.

في الآونة الأخيرة حدثت اشتباكات بين الجيش التركي وفصيل السلطان مراد والفصائل المعارضة السورية مع الجماعة الشرقية التي تنحدر مسلحوه من منطقة ديرالزور.

١- ما تحليلكم حول ما يحدث في عفرين؟

٢- هل هناك ترابط بين الاشتباكات التي تحصل في عفرين والتهديدات التركية لشرق الفرات؟

٣- ما المطلوب من الحركة الكوردية لحماية المدنيين الكورد في عفرين من كل ذلك؟

٤- الكورد أمام مستقبل مجهول، كيف ترون ذلك؟، وما المطلوب من القوى الكوردية؟

القضية الكوردية في سورية هي قضية وطنية بامتياز

تحدث نعمت داوود سكرتير حزب المساواة الكوردي في سوريا، قائلا: « من المعلوم ان معظم المجموعات المسلحة التي رافقت القوات التركية ودخلت منطقة عفرين كانت تحمل حقدا شوفينيا تجاه الكورد، ومارست ابشع الجرائم بحق الاهالي بمنطق الغزو والغنيمة، واطلق لهم العنان بذلك، وقد حملت المنظمات الحقوقية والانسانية والتنظيمات الكوردية والمجلس الوطني الكوردي تركيا المسؤولية القانونية والاخلاقية لردع هذه الانتهاكات، وطالبتها بوضع حد لها ومحاسبة مرتكبيها واخراج كافة هذه المجموعات من عفرين، وامام فداحة الاعمال وانفضاح امرها، وانتشار صورها وضغط الراي العام، تحاول تركيا التخفيف عنها بالإيعاز لبعض منها الوقوف في وجه اخرين، ومرة اخرى يتحمل ابناء عفرين تبعات ومصائب الاشتباكات والاعمال العسكرية ».

تابع داوود: « ان من جملة ما تتذرع بها تركيا في تهديداتها مرة ووعودها مرة اخرى بتوفير الامن، لم تنطل على احد امام صورة ما حصل في عفرين، وما استهدف به الشعب الكوردي هناك، وربما جاءت الاشتباكات الاخيرة في هذا الاطار لتسويق ما تذرعت بها ».

اضاف داوود: « ان استفراد pyd دوما بالقرارات التي تمس مصير الشعب الكوردي، واعتمادها لغة التحدي والمراهنة على تناقضات الدول، كانت من الاسباب التي لم تستطع ان تجنب عفرين من ما ألمًّ بها، بل سهل على تركيا ما كانت تخطط لها هي وغيرها من القوى لتستخدم عفرين والوضع الناشب فيها لأكثر من غرض، وما جرى في عفرين كشف تلك الاغراض، ونال اهالي عفرين ما نالوه من مآسي».

كما تطرق داوود: « إلى ما قام به المجلس الوطني الكوردي من دور في فضح الممارسات والجرائم التي ارتكب في عفرين، ووضع الامم المتحدة والدول ذات الشأن بصورة الوضع، وطالبها بإخراج كل المجموعات المسلحة بمختلف تلاوينها من عفرين، وتأمين عودة النازحين إليها، وتوفير مستلزمات اقامتهم ومعيشتهم وحمايتهم، وتسليم ادارة عفرين المدنية والامنية الى اهلها وتوفير حماية دولية لتنفيذ ذلك وانجاحه. هذه الخطوات من شانها توفير الامن وانقاذ عفرين وابنائها وحمايتهم ».

تابع داوود ايضا: « كما لا يجوز عزل مصير الكورد وحل قضيتهم القومية بمعزل عن مصير السوريين جميعا وحل الازمة السورية ككل، فالقضية الكوردية في سوريا هي قضية وطنية بامتياز، ويقر ذلك معظم قوى المعارضة والمهتمين بالشأن السوري، وعليه فمصير الكورد ليس مجهولا وانما يرتبط بالحل السياسي الذي يتضافر الجهود لإنجازه، وبدون حل القضية الكوردية لا يمكن ان تشهد سوريا الامن، ولا تستطيع ان تنشد بناء دولة تحترم الاخرين بقدر ما تحترم من قبلهم، واذا كان الجهد الدولي المستند على القرارات الاممية وعبر جنيف قد اصبح على اعتاب تشكيل لجنة دستورية تقوم بوضع دستور توافقي جديد لسوريا، فان هذا الدستور سيكون الاساس لبناء سوريا المستقبل، فقط اذا اقر بالإضافة الى المشتركات الوطنية والديمقراطية الاقرار بالحقوق القومية للشعب الكوردي ولباقي المكونات القومية في دولة تعددية ديمقراطية يصونها نظام اتحادي يضمن عدم عودة الاستبداد وممارسة منطق ديمقراطية الاغلبية ويطمئن جميع المكونات على مستقبلهم ».

تركيا تتحمل كامل المسؤولية القانونية والاخلاقية لكل ما يحدث في عفرين

تحدث محمد سعيد وادي عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، قائلا: « ما يحدث في عفرين، خلاف وصراع بين اللصوص، وكيفية الاستيلاء على املاك المواطنين، واطراف الخلاف لا يوجد بينهم من هو افضل من الآخر، ولكن الجماعة الشرقية منتمين لمناطق دير الزور واطرافها، وهم من بقايا داعش وجبهة النصرة المدعومين منذ البداية من الحكومة التركية، ويحملون الحقد والعنصرية ضد الكورد اينما كان توجههم مشبعين بالثقافة الفاسدة من الطرفين العربي العنصري والاسلامي الفاسق، اما الاطراف الاخرى من مرتزقة الحكومة التركية من فصائل سلطان مراد وغيرهم هؤلاء مزيج من التركمان المشبعين بالثقافة الطورانية وبقية العناصر الهجينة التي لا تحمل القيم الانسانية والاخلاقية، هؤلاء يستمعون اكثر الى توجيهات الحكومة التركية، وبسبب الضغط وفضح ممارسات هؤلاء المرتزقة في المحافل الدولية، والاستماع من بعض القوى والشخصيات في الائتلاف ارادت تركية ان تخفف من تماديهم على المواطنين، وحصل بعض الاشتباكات بين الاطراف الفاسدة ».

تابع وادي: « ليس مستبعدا ان تحاول تركيا تجميل وجهها بخصوص الاوضاع في عفرين في حال اذا

حاولت ان تدخل في شرق الفرات لكي لا تعترض او تقاوم المواطنين الكورد بسبب غزوها وترك العبث والنهب لمرتزقتها، لذلك تحاول ان تبين للرأي العام باننا نحاسب الفاسدين والمرتزقة الذين ينهبون ويبتزون المواطنين الكورد في عفرين لتسهيل الطريق لها في شرق الفرات ».

اضاف وادي: « بسبب هذه الاحداث مطلوب من الحركة الكوردية وخاصة المجلس الوطني الكوردي ان يتحرك بأقصى سرعة لفضح ممارسات المرتزقة في عفرين، ووضع المجتمع الدولي بكامل الصورة للضغط على الحكومة التركية التي تتحمل كامل المسؤولية القانونية والاخلاقية بسبب احتلالها لعفرين، ومن الناحية القانونية يجب حماية المواطنين الكورد من مرتزقته ولا يجيرهم بجريرة PYD وميليشياتها».

اضاف وادي أيضا: « لذلك يجب ان نعترف بان المنطقة في وضع لا يمكن التكهن تماما بمستقبلها، ولكن ما يمكن التفاؤل به، بان الدول العظمى ”امريكا وروسيا“ يملكون مفاتيح الحل، وليست المعارضة ولا النظام السوري، لان الطرفين ليسوا مهيأين بالاعتراف بكامل حقوق الكورد، رغم بعض المواقف الإيجابية من بعض الشخصيات في المعارضة بالالتزام بحقوق الكورد، واعتبارهم مكون اصيل يحق لهم ما يحق لغيرهم من العرب وغيرهم. ولكن الدستور السوري المرتقب سيكون للدول الكبرى دور اساسي في تثبيت دستور جديد يحقق الطموحات التي تحاول القوى الكوردية والمجلس الوطني الكوردي ان تتفهم مع الدول ذات الشأن بوضع الدستور، ويندرج فيه حقوق الكورد المشروعة. انني متفائل باننا سنتجاوز هذه المحنة، ونحقق بعض النتائج الإيجابية ».

مستقبل الكورد في سوريا مرتبط بالحل السياسي والعملية السياسية

تحدث نافع عبدالله عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، قائلا: « منذ عدة أيام اندلعت اشتباكات بين فصائل مسلحة وبمشاركة الجيش التركي في مدينة عفرين بعد ساعات من فرض حظر التجوال في المدينة، واندلعت تلك الاشتباكات إثر شن القوات التركية والمسلحين الموالين لها من فصائل فيلق الشام وفرقة الحمزة وفرقة السلطان مراد والفيلق الثالث وغيرها الهجمات على مجموعات أخرى ابرزها جماعة تجمع شهداء الشرقية التي ينحدر معظم مسلحيها من محافظة دير الزور. وفي ذات السياق قامت القوات الخاصة التركية بحملة تمشيط ومداهمات لمقرات تلك المجموعة مبرراً أنها لا تقبل تلك الممارسات الهمجية ضد المواطنين ».

تابع عبدالله: « سكان مدينة عفرين المحتلة من قبل الجيش التركي والفصائل المسلحة لايزالون يعانون من الانتهاكات المتواصلة بحقهم من خطف وقتل وتعذيب ومصادرة أملاكهم، وان ما يحصل باعتقادي هو تصفية للفصائل الخارجة عن سلطة الدولة التركية، وإعطاء إشارة للمجتمع الدولي بأنها تقاتل الفصائل الارهابية، كل ذلك لتجميل صورتها أمام العالم، ولكن وعودها بتأمين الأمن لن تنطلي على احد ».

اضاف عبدالله: « التهديدات التركية لشرق الفرات جاءت بعد ان تم الإفراج عن القس الأمريكي واعتقد كان جس نبض الحكومة الأمريكية واختبار لرد الفعل الأمريكي، ولم يكن الأمر غريبا بسبب التصريحات والتهديدات المستمرة والمتكررة للمسؤولين الأتراك، أما الأمر المفاجئ هو اقتتال الفصائل المحسوبة على تركيا فيما بينها لم يكن متوقعا، وهنا يمكن الاعتقاد بعدم وجود أي ارتباط بين اقتتال الجيش التركي والفصائل المسلحة والتهديدات التركية لشرق الفرات».

اضاف عبدالله أيضاً: « لا يوجد لدى الكورد وحركته السياسية ما تقوم به لحماية المدنيين سوى العمل السياسي والدبلوماسي، ووحدة الصف والكلمة، وفضح الممارسات والانتهاكات التي تقوم به الجيش التركي وتلك الفصائل المرتزقة التي تعمل جاهدة على تغيير ديمغرافية مدينة عفرين ونهب أموال وممتلكات المواطنين، ووضع المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الدولية أمام مسؤولياتهم ».

تابع عبدالله أيضاً: « أما عن مستقبل الكورد في سوريا أعتقد بأنه مرتبط بالحل السياسي والعملية السياسية لسوريا عامة، رغم سيطرة النظام عسكريا على معظم الأراضي السورية يبقى الحل السياسي سيد الموقف وعلى الحركة الكوردية الاستفادة من القرارات الشرعية الدولية، والمشاركة بقوة في كتابة الدستور الجديد لسوريا المستقبل، وتثبيت حقوق شعبنا بما يضمن الشراكة الحقيقية للكورد في سوريا اتحادية ديمقراطية بنظام برلماني يضمن حقوق كافة المكونات ».

لابد من توحيد الخطاب الكوردي وترتيب البيت الكوردي لحماية أهلنا في عفرين

تحدثت زهرة أحمد – ناشطة حقوقية وعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكوردي، حيث قالت: « عفرين كانت ولفترة زمنية في صخب البازارات السياسية، سياسات التهديد والحصار المتعدد الجهات أرهقت كاهلها، لتنتهي باحتلالها من قبل تركيا وبمساعدة الفصائل المسلحة التابعة لما يسمى بالجيش الحر، وحصولها على الضوء الأخضر من قبل الدول التي تتحكم عسكريا بسوريا، لتبنى المصالح الدولية والاقليمية فوق دماء عفرين وآهات أهلها، لتكون عفرين بأهلها المدنيين وزيتونها وأحلامها قرابين المطامح الاستعمارية العثمانية والمصالح الدولية ».

اضافت أحمد: « ما يجري في عفرين الآن من انتهاكات صارخة لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، والتي صادقت عليها أغلبية الدول، تندرج تحت وصف جرائم حرب بكل معاييرها الدولية، فتركيا منذ بداية هجومها على عفرين وحتى أثناء احتلالها تركت العنان لتلك الفصائل المسلحة التي ترافقها، وتعمل بإمرتها لتمارس أبشع الجرائم ضد المدنيين في عفرين، تقتل وتعتقل وتسرق وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فلا يزال العلم التركي يرفرف فوق مباني المؤسسات الإدارية والتعليمية في عفرين ».

اضافت أحمد ايضا: « تركيا كدولة محتلة وفق القانون الدولي تتحمل مسؤولية ضمان سلامة المدنيين في عفرين، لكنها تغض النظر عن كل تللك الجرائم التي تمارسها الفصائل التابعة لما يسمى بالجيش الحر، تشترك معها في عمليات السلب والنهب وفرض فدية على المختطفين، وغيرها من الأساليب اللاإنسانية بحق المدنيين، وصلت الجشع بتلك الفصائل الى التقاتل فيما بينها من أجل الغنائم، وذلك وفق سيناريوهات تركية مبطنة لأطماعها الاستبدادية في مسلسل تهديداتها بالتدخل في مناطقنا تحت مسمى شرقي الفرات، متذرعة بحجج واهية تخفي نواياها الشوفينية تجاه أي مشروع قومي كوردي في المنطقة. كل تلك المآسي التي فرضت على عفرين، نابعة من تاريخ استبدادهم الطوراني، وعنصرية عراة الصحراء، فمن لم يُقتل تحت قصف الطيران التركي مات تحت تعذيب الفصائل المتعاونة معها، أو تشرد في العراء، ليسكن بيته النازحين من الغوطة ومناطق سورية أخرى نتيجة مقايضات وبازارات سياسية، ليكون التغيير الديمغرافي في عفرين من أولويات عنصريتهم، متناسين بأن سقوط النظام يكون من بوابة دمشق وليس بالاستيلاء على بيوت الكورد العفرينيين وزيتونهم ».

تابعت أحمد: « أمام كل تلك الانتهاكات بحق المدنيين الكورد في عفرين، لا بد من تضافر الجهود على كافة المستويات، لتأمين عودة أهالي عفرين الى بيوتهم، وتقديم كافة التسهيلات لهم لاسترجاع بيوتهم من المستولين عليها، والعمل بكل مسؤولية على توجيه الرأي العام العالمي الى خطورة ما يتم من انتهاكات جسيمة في عفرين، والاستمرار في المطالبة بخروج الفصائل المسلحة من عفرين ومحاسبة المتورطين منهم في جرائم بحق المدنيين، ليتمكن أهالي عفرين من إدارة منطقتهم دون وصاية من الوالي التركي أو

أمراء الفصائل المسلحة ».

أكدت أحمد: « ان التحديات كبيرة أمام الحركة الكوردية في كوردستان سوريا، وخاصة في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ الأزمة السورية، حيث المصالح الدولية والاقليمية تفرض مشروعيتها على حقوق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وتتجاهل مواثيقها ومعاهداتها الدولية لحقوق الانسان، والدول الضامنة للأزمة السورية تتقاسم الخريطة الجيوسياسية لكوردستان وتحارب أي مشروع قومي للشعب الكردي، وبعض العقول الشوفينية في المعارضة السورية تعلن عن حقدها المتجذر في عنصريتها البعثية تجاه الحقوق القومية للشعب الكوردي، ومن ناحية أخرى التشتت في الخطاب السياسي الكوردي، وعدم تطبيق اتفاقيات وحدة الصف الكوردي نتيجة سياسة التفرد والاقصاء أضعفت الموقف الكوردي داخليا وإقليميا ودوليا. أمام هكذا واقع وتلك التحديات الكبيرة لابد من توحيد الخطاب الكوردي وترتيب البيت الكوردي، والعمل بمسؤولية للوصول إلى اتفاقيات تضمن الشراكة الحقيقية بما يخدم المشروع القومي الكوردي، والنضال المستمر من أجل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي ».

التعليقات مغلقة.