المجلس الوطني الكوردي في سوريا

ديرسم إسماعيل حمه : كوردستان سوريا منطقة آمنة أم عازلة …

84

ما بات واقعاً اليوم ومما لايخفى على أي مراقب ومتابع للشأن السوري وللمتغيرات الجيوسياسية الجارية على الساحة السورية أنه قد أصبح للكورد السوريين موقع جديد ورئيسي في المعادلة السياسية والأمنية السورية بل وعلى مستوى الإقليم المحيط ككل، و أن القضية الكوردية السورية قد تم تدويلها وباتت محط اهتمام من قبل جميع الاطراف المعنية في المجتمع الدولي .

 

وما قد لايغفله اي مراقب لهذه المتغيرات مؤخراً أن المناطق الكوردية تتجه بشكلٍ أو بآخر لأن تكون ذات خصوصية بمعزل عن المناطق السورية الأخرى، وبالتحديد ما يتم تداوله في أروقة المجتمع الدولي حول إقامة حالة أمنية على هذه الأراضي سيكون فيها تداخلات للمصالح والأجندات للعديد من القوى الفعالة على المستوى الدولي والإقليمي كذلك .

 

فبدايةً وكما تم التصريح عنه مسبقاً من قبل شخصيات مسؤولة ضمن الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإنشاء حلف دولي يضم بعض الدول الأوروبية وغيرها للتعاون في سبيل إنشاء هذه المنطقة الأمنية والغاية منها كما أعلنوا هي الفصل بين الكورد السوريين والدولة التركية تفهماً للمخاوف التركية من الإزدياد التدريجي للنفوذ الكوردي على حدودها الجنوبية بالإضافة إلى حماية الحلفاء الكورد في محاربة داعش من التهديدات التي تطلقها الدولة التركية بإجتياح المناطق الخاضعة ضمن سيطرتهم و سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الذين هم جزء اساسي وفعال فيها ..

 

وفي سياق ذلك فقد سبق لبعض الدول المعنية تسريب أنباء عن استعدادها للمشاركة في هذا الحلف وأخص بالذكر الجمهورية الفرنسية و دولة ألمانيا الإتحادية لكن سبب عدم وجود أي إعلان رسمي و واضح لحد اللحظة عن ما تم الإتفاق عليه بين هذه الدول بإعتقادي هو الموقف الضبابي للمملكة المتحدة البريطانية بل وموقفها الشبه رافض لغاية اليوم للمشاركة ضمن هذا الحلف لأسباب غير مصرح بها بشكل واضح وهذا مايعيق الحليف الأميركي التقليدي القديم وشريك النصر في الحرب العالمية الثانية من الإقدام إلى يومنا هذا على أي إعلان رسمي في تفاصيل الشأن أو الإقدام على اي تحرك معلن على الأرض .

 

أما في الجهة المقابلة فتتوضح معالم الخلاف الأمريكي مع الدولة التركية التي لديها حدود مشتركة بطول مئات الأميال مع سوريا والكورد السوريين بالإضافة إلى حكمها لجزء رئيسي من الوطن الكوردستاني المقسم يحوي على عشرات الملايين من الكورد يسود بينهم وبينها توترات سياسية وعسكرية وأمنية مستدامة و متجددة بشكل دوري بالإضافة إلى اعتبارها قوات سوريا الديمقراطية جزءاً لايتجزأ من حزب العمال الكوردستاني وبذلك خطراً على امنها القومي، و علاوة على ذلك فبإعتقادي أن الخلاف الرئيسي السائد مابين تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية يكمن في ماهية طبيعة هذه المنقطة الأمنية المزمع إقامتها و خصوصاً في ماستكون عليها “منطقة عازلة” ام “منطقة آمنة” وليس حقيقةً في جوهر فكرة إقامة هذه المنقطة نفسها فكما هو واضح وجلي أن جميع الأطراف متفقة على ضرورة وحتمية وجود كيان أمني على هذه الأراضي لكن كل طرف يطرح حججه ومخاوفه بغية جعل حالة وشكل هذه المنطقة متناسباً مع مصالحه و تطلعاته قدر الإمكان .

 

أما من جهة أخرى وفيما يتعلق بالمعنيين الرئيسيين بهذه المنطقة الأمنية (الكورد السوريين) فعلى مايبدوا أن الحركة الكوردية في سوريا (بشقيها) ليست على مستوى الأحداث بتاتاً ،وأحيانا يبدوا عليها الانفصام عن الواقع مما لايُمَكِنها من أستيعاب حساسية ومفصلية المرحلة الحالية والقادمة كلياً والتوجه الدولي العام السائد لإحداث هكذا حالة تفصل مناطق كوردستان سوريا وشرق الفرات السوري و تميزها عن باقي المناطق السورية وأن هذا أصبح واقعاً متفقاً عليه من جميع الأطراف المؤثرة في مفاصل حركتهم واحزابهم أنفسها عدا أن الخلاف الموجود هو فقط في شكل هذه الحالة وليس في جوهرها كما اسلفت الذكر مسبقاً، ففيما يتعلق بكون المنطقة آمنة كما تريد تركيا.. فهذا يعني ضمان حقها في إرسال جميع السوريين المقيمين عندها في المخيمات او كلاجئين لإسكانهم في هذه المنطقة الآمنة و بطبيعة الحال التحكم بمفاصلها بحجة الحماية وتوفير الأمن اعتماداً على أولوية الحدود الواسعة المشتركة، أما في ما إذا كانت هذه المنطقة عازلة كما تطرح الولايات المتحدة الأمريكية..

 

هذا يعني كونها خالية من أي قوى عسكرية فاعلة سوى مؤسسات إدارية متمثلة في قوى الأمن الداخلي وغيرها وبالتالي إقامة إدارة مدنية لاتتحكم في مفاصلها اي قوى إقليمية فتكون محمية من أي تدخل او هجوم عسكري خارجي وحتى من أي محاولة لإعادة توطين سوريين ينتمون إلى خارج اراضيها ضمنها، وبناءاً عليه يتوجب على الحركة الكوردية السورية ان تعي مايتحتم عليها فعله لدعم المساعي الأمريكية بكل ما يمكن وعدم الإنجرار إلى الفخ التركي المخادع الساعي للحرب الديموغرافية وهدم خصوصية ومستقبل المنطقة مرة واحدة وإلى الأبد ( كما كان الحل للقضية الارمنية في تركيا سابقاً )، وإذا لم تستوعب الحركة الكوردية ذلك ولم تتحرك في وقت قريب لخلق تقارب حقيقي في مابينها لإيجاد حلول و مفاهيم واقعية ومنطقية عوضاً عن حالة التشرذم والتقوقع ضمن قواقع المكاسب الشخصية الضيقة لبعض الأشخاص المتنفذين و المستفيدين مادياً من الواقع الهزيل القائم حالياً ،فسيتوجب على الكورد السوريين وخاصة الشباب الثوري الجديد إهمال دورها ورفض آليات الإصلاح العقيمة فيها والمحاولة لإنشاء كيانات جديدة يمكنها التحرك على الساحة وجمع الثقل الشبابي الكافي لإسماع صوتهم إلى العالم والوقوف بحزم في وجه بعض هذه الشخصيات المشبوهة التي باتت تسعى في خدمة مصالحها الشخصية الضيقة حتى ولو على حساب ملايين الكورد السوريين، وهذا الأمر مطلوب خصوصاً من فئة الشباب كونهم هم أكثر المتضررين من الواقع القائم نتيجة ضياع فرص المستقبل الواضح او الغد الآمن أمامهم .

 

 

*المفالة تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .

 

 

 

التعليقات مغلقة.