المجلس الوطني الكوردي في سوريا

القضية الكوردية أمام خيارين لا ثالث لهما.. إما أن أكون أو لا أكون

127

القضية الكوردية أمام خيارين لا ثالث لهما.. إما أن أكون أو لا أكون

إعداد : عزالدين ملا

تعود منطقة الشرق الأوسط إلى الواجهة من خلال المناطق الأكثر سخونة، روسيا التي تريد الخروج من حالة الاستنزاف في حربها على أوكرانيا بتوجيه سياستها ونفوذها في سوريا إلى المقايضة مع تركيا وإحراج أمريكا، وما العمليات التركية الأخيرة على المناطق الكوردية في سوريا إلا إحدى أدوات المقايضة، بالإضافة إلى تخبط إيران في دوامة سياساتها الداخلية أمام الاحتجاجات الشعبية الكبيرة في إيران، وتريد توسيع نطاق قمعها وإرهابها إلى خارج إيران، لذلك إقليم كوردستان الهدف وأيضا المناطق الكوردية في سوريا. أمريكا، مازالت سياستها غامضة أمام كل ما يجري في منطقة الشرق الأوسط، عدا ما تمَّ نشرها لـ 100 سفينة في مياه الخليج العربي لمواجهة الطائرات المسيرّة الإيرانية.

1– ما تحليلك لما يجري في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وفي إقليم كوردستان والمناطق الكوردية في سوريا على وجه الخصوص؟

2- ماذا تريد إيران وتركيا من خلال هجماتهما على إقليم كوردستان والمناطق الكوردية في سوريا؟

3- كيف تفسر موقف أمريكا المتفرج من كل ما يجري في المنطقة؟

4- هل كل ما يجري بداية نهاية حقبة وبداية حقبة جديدة في السياسة الدولية في منطقة الشرق الأوسط والعالم؟ ولماذا؟

إن لم تتقاطع مصالح الدول الكبرى مع مصالح الشعوب، الصمت سيد قرارها

تحدث عضو الهيئة السياسية للحزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «إن منطقة الشرق الأوسط تعيش مخاضاً عسيراً ينبئ بتطورات كبيرة تطال البنية الفوقية للأنظمة الاستبدادية التي فرختها تفاهمات الحرب العالمية الثانيه بين روسيا السوفيتية وأمريكا والتي كانت تعمل على منحيين داخلياً وخارجياً. فعلى الصعيد الداخلي: فقد مارست هذه الأنظمة سياسة كف الأفواه والقمع العاري بحق شعوبها بالترافق مع سياسة النهب المنظم لخيرات الشعوب لصالح جيوبها، وبالتالي اختفت في قواميسهم لغة التنمية لبلدانهم، مما أدى إلى تراجع جميع هذه الدول الدكتاتورية في مؤشرات نموها الاقتصادي، رغم التزايد السكاني المستمر ورغم وفرة المواد المتاحة، وانعكس كل ذلك سلباً على الجيل الجديد من حيث اختفاء فرص العمل والعيش الكريم، وفي ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل وسهولة الاتصالات سمح كل ذلك وفرة في المعلومات عن فساد هذه الأنظمة وقمعها مما خلق والحالة هذه مناخاً وبيئة مناسبة للتمرُّد على هذه الأنظمة. أمَّا على الصعيد الخارجي: فقد مارست هذه الأنظمة سياسة إرضاء حُماتها من الدول صاحبة القرار الرئيسي، لذلك فتحت لهم كل أبوابها للاستثمار والاستغلال دون قيد أو شرط مقابل حماية سلطتها وغض النظر عن ممارساتها بحق شعوبها، لذلك لم يكن غريباً أن ينفجر العالم العربي غضباً وعنفاً ضد هذه الأنظمة نتيجة حادثة فردية جرت في تونس، وامتدت شرارتها إلى جميع بلدان الشرق الأوسط، لكن المؤسف له، هو سيطرة القوى الإسلامية على المشهد واستغلال غضب الشعب لصالح أجنداتها السياسية، دون مراعاة للتيارات السياسية الأخرى التي عانت من هذه الأنظمة لا يقل عنهم وساهمت في إنجاح الثورات أكثر منهم، هذا الاستئثار والتغوُّل على مفاصل الدولة، جعل العالم يتوجّس خوفاً من هيمنة الفكر الإسلامي المتطرّف على المنطقة، والتي خرجت من رحم التيار السياسي الإسلامي المصنف بالاعتدال، لذلك انتكست ثورات الشعوب في المرحلة الأولى، لكنها تعاود الظهور بمظهر آخر بعيداً عن الهيمنة الإسلامية مطالبين بالحرية والديمقراطية والعدالة، وهذا ما نراه واضحاً اليوم في السودان وإيران. أما في كُردستان العراق فإنها تعيش حالة استقرار نسبي سياسايً وأمنياً واقتصادياً، ومناخ ديمقراطي مقبول واحترام لحقوق الإنسان، وهناك تفاؤل ومستقبل واعد لو تمكنت من معالجة مشاكلها العالقة مع حكومة المركز في بغداد، خاصة فيما يتعلق بموضوع المناطق المتنازعة عليها، وذلك بتطبيق المادة ١٤٠ من الدستور العراقي المعطلة منذ ١٧ عاماً، وكذلك إصدار قانون النفط ليتمكن الإقليم من استثمار ثرواته البحرية، والتفاهمات الحالية مع الحكومة الجديدة مشجعة إذا ما عملت الحكومة على تنفيذها، وحينها نستطيع القول إن الإقليم سيشهد قفزة نوعية في جميع المجالات ليتحوّل إلى مثال يُحتذى بها في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بحل القضايا القومية. أمَّا فيما يتعلق بكُردستان سوريا فنحن نمرّ بأسوأ مرحلة تاريخية من حيث القمع والهجرة والتهجير القسري وفرض الأتاوات على المواطنين، إضافة إلى القمع وتكميم الأفواه سواء في منطقة سيطرة الفصائل أو في منطقة سيطرة ب ي د، ولا يمكن الخروج من هذا الواقع إلا بالتفاهمات الدولية لمعالجة الأزمة السوريا ككل، وهذا بعيد المنال ضمن الظروف والمعطيات الحالية».

يتابع عليكو: «حول الهجمات التركية والإيرانية فمن الضروري الوقوف على الأسباب الدافعة لذلك بغضّ النظر عن موقفهم السلبي أو الإيجابي من الإقليم ألا وهو التواجد العسكري للتنظيمات الكُردستانية في الإقليم واستخدام ذلك ذريعة للتدخل العسكري، وخاصة pkk الذي يتدخّل في كل شاردة وواردة في شؤون الإقليم، وينشئ أحزاباً ومنظمات موالية له، ويؤسس لتحالفاتٍ مع تكتلات عراقية على خلاف كبير مع الإقليم وخاصة الحشد الشيعي الموالي لإيران، وما يحصل في شنكال مثال ساطع أمامنا، أمَّا التنظيمات العسكرية الإيرانية فإنها تحترم قوانين الإقليم وتعتبر نفسها ضيوفاً ولا تسبب أيّة قلاقل للإقليم وتراعي خصوصية الإقليم وحساسية ذلك مع إيران، وقد حارب داعش إلى جانب البيشمركة، لكن مع كل ذلك لا يروق لإيران تواجدهم في الإقليم، خاصة بعد انتفاضة الشعب الإيراني ضد نظام الملالي والتي انطلقت شرارتها من كُردستان باستشهاد الشابة جينا أميني، لذلك تحاول حكومة إيران تصدير أزمتها الداخلية إلى خارج إيران، والورقة الوحيدة التي في يدها وجود بعض القوى العسكرية الكُردية في الإقليم، لذلك وحفاظاً على استقرار الإقليم يفترض بهذه القوى التفكير جدياً بإنهاء التواجد العسكري لها في الإقليم سواءً بالعودة إلى ساحتهم النضالية أو حلّ تنظيماتهم العسكرية والاكتفاء بالتّواجُد السياسي، كما أن الكفاح المسلح قد أصبحت غير ملائمة في عصر التكنولوجيا المتطوّرة وظهور الطائرات الدرون والتي ترصد أي تحرك بدقة تامة، كما أن التجربة أثبتت أن النضال السلمي في هذه المرحلة تعطي بثمارها بشكل أفضل، وما نشهده اليوم في إيران خير مثال على ذلك، كما أن pkk فشلت فشلًا ذريعاً على الصعيد العسكري، لكنها حققت نجاحات كبيرة على الصعيد السياسي ففي 2015 اوصلت 81 برلمانياً إلى البرلمان التركي لدرجة أن حكومة حزب العدالة والتنمية طلبت مشاركتهم في الحكم لكن pkk رفض ذلك، واليوم يوجد 67 برلمانياً محسوب على pkk في البرلمان وإدارة أكثر من 80 بلدية، لذلك أرى أن الضرورة والمصلحة الكُردستانية تقتضي إنهاء pkk للكفاح المسلح والتفرُّغ للعمل والنشاط السياسي في ساحتها، خاصة أن المناخ الديمقراطي في تركيا تساعد كثيراً. وإذا ما تحقق ذلك فلن يعود لتركيا أو إيران أية ذريعة للتدخل بشأن الإقليم وستصبح إقليم كوردستان العراق منارة ودعماً للكُردستانيين جميعاً».

يضيف عليكو: «قد يُفهم الموقف الأمريكي من التدخل التركي كون تركيا دولة حليفة لأمريكا تاريخياً وعضوة في الناتو ولهما علاقات تجارية كبيرة، كما أن حزب pkk مصنَّفة كمنظمة إرهابية في أمريكا وأوروبا، لكن ما هو غير المفهوم صمت أمريكا على التدخل الإيراني كون أمريكا تعتبر إيران دولة عدوة لها وأنها تناصر انتفاضة الشعب الإيراني وأن كُردستان العراق حليف مؤثر في التحالف الدولي، لذلك كان يُفترض منطقياً التدخُّل لمنع الهجوم الإيراني، لكنه وما يؤسف له لم يفعل شيئاً غير بعض التصريحات الخجولة، وهذا ما يؤكد مقولة أن الدول مصالح، فإذا تقاطعت مصالحها مع مصالح الشعوب، حينها ستجدها مناصرة قوية لها وإلا فان الصمت سيد القرار لديها مع الأسف».

يختم عليكو: «أن ما يحصل في الشرق الأوسط هي بداية حقبة جديدة، لأن الأنظمة الاستبدادية القائمة منذ عقود قد ترهلت ونخرها الفساد، لذلك لابد من تغييرها وإيجاد البديل الموائم للمرحلة المقبلة، لكن هذا البديل لم يتبلور بعد، لذلك ما نشهده من اضطرابات في العديد من الدول كسوريا واليمن وليبيا والسودان منذ عدة سنوات والتي لم تتمكن المجتمع الدولي من إيجاد حلٍّ لها رغم تغيير وجوه المبعوثين الدوليين باستمرار، والتي تبوّأ جميعها بالفشل، وهذا ما يؤكد بأن تغييرات كبيرة ستطال أنظمة الحكم في المنطقة حتماً وأن الخيارات المناسبة حالياً أو المتاحة هو شكل النظام الاتحادي حصراً، هذا إذا ما بقيت الرغبة الدولية هو الحفاظ على الخرائط السياسية الحالية، وإلا فإن التغيير ستطال الخرائط السياسية في نهاية المطاف».

سياسة الدول المتداخلة في الشأن السوري تسعى نحو رؤية حلول جزئية

تحدث المستشار القانوني، موسى موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «منذ شباط الماضي ازدادت رقعة المناطق الساخنة في أكثر بقعة من العالم القريب لمنطقة كوردستان، فالحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثم الاحتجاجات المندلعة في شرق كوردستان وامتدادها لكافة الأقاليم الإيرانية والملف النووي الذي لم يتقدم خطوة الذي تراها كل من إسرائيل وأمريكا أن امتلاك إيران وتخصيبها لليورانيوم يشكل تهديداً لها، كل هذا أثر بشكل متسارع على سياسات الدول في كل من إقليم كوردستان وغرب كوردستان».

يتابع موسى: «في إقليم كوردستان، وعلى الرغم من الهجمات التركية المتكررة منذ سنوات على أماكن تواجد مقاتلي حزب العمال الكُردستاني، دخلت إيران أيضاً على خط المواجهة، ومهاجمة بعض مناطق الإقليم، بذريعة تواجد مقاتلي المعارضة الكُردية للنظام الإيراني كقوات داعمة ومشتركة في الاحتجاجات، وذلك لقمعها إبتداءً من إقليم كوردستان الإيراني لإخافة بقية الأقاليم الإيرانية المندلعة وإسكاتها بضرب المعارضة الكُردية كأقوى وأشد معارضة في إيران، وبقمع الاحتجاجات في كوردستان سيكون التراجع عن الاحتجاجات في بلوشستان وعربستان وأذرستان وبقية الأقاليم تلقائياً، لذلك يعيش إقليم كوردستان العراق وضعاً صعباً أمام الهجمات الإيرانية والصمت الحقيقي لحكومة بغداد وعدم قدرتها على ردع ايران. أما تركيا، وهجماتها على مقاتلي حزب العمال يشمل جنوب وغرب كوردستان، والتهديدات والهجمات التركية في شمال وشرق سوريا تمتد بجذورها إلى عقود من الزمن، منذ إعلان حزب العمال الكفاح المسلح في شمال كوردستان، وقد وصل الأمر بتركيا إلى حشد قواتها على الحدود السوريا مهددة إياها لإيوائها قائد الحزب عبدالله أوجلان إلى أن تم إخراجه من سوريا واعتقاله في كينيا بعملية استخباراتية معقدة وواسعة، وبعد اندلاع الاحتجاجات في سوريا ودخول عناصر من حزب العمال وتشكيلهم قوات مقاتلة خاصة بهم وإدارة ذاتية توسعت رقعتها بمحاربة داعش، بمساعدة قوات التحالف الدولي، شملت محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحلب، وقد أبدت تركيا مراراً مخاوفها من هذا الأمر إلى أن استطاعت أن تنزع موافقات أمريكية وروسية بضربها واقتطاع مناطق منها، عفرين ورأس العين، وترى تركيا أن أمنها القومي يستدعي انزياح قوات قسد جنوباً لمسافة 30 كم كمنطقة آمنة تحوي المهاجرين السوريين لديها في تلك المنطقة، وفي خِضّم التعقيدات الدولية وتشابك المصالح تسارعت تركيا في هذه الفترة لتنفيذ خطتها والقيام بداية بضربات جوية مُكثّفة للبنية التحتية لقوات قسد كمقدمة لتدخل بري كما أشار اليه الرئيس التركي مراراً، وكل ذلك في ظل غياب التوافقات الدولية والمحلية لحل المسألة سلمياً».

يضيف موسى: «الموقف الأمريكي تجاه ما يجري في المنطقة موقف محيّر، وباهت، ومتعدد الأوجه، يشبه موقف الراعي الذي يأكل مع الذئب، متحالف مع قوات قسد من جهة ويسمح لتركيا بضربها وإقتطاع أجزاء وتقليص مناطق سيطرتها، ويبدو أن حاجة أمريكا لتركيا تتطلبها المصالح المشتركة، ولا تحددها الموقف من قوات قسد المتحالف معها، فما يجمع أمريكا بتركيا سياساً وعسكرياً أكبر بكثير مما هو مختلف عليه، وقسد هي الورقة الأسهل التنازل عنها أمريكياً، بخلاف مما هو بين أمريكا وتركيا، كما أن الأزمة السوريا المستعصية على الحل الشامل بسلة واحدة جعلت أمريكا وروسيا مقتنعتين بأن تركيا ستلعب دوراً ايجابياً من خلال الحلول الجزئية (خطوة مقابل خطوة) إذا ما تجاوب معها النظام السوري كأساس لحل الأزمة السوريا، وعلى أساس قناعة تركيا بالحلول الجزئية كانت انعطافتها نحو النظام السوري والدعوة إلى ضرورة العمل دبلوماسياً بعد أن تكررت لقاءاتهما الأمنية، وضمن هذا الإطار بحسب المفهوم التركي تأتي خطوة تأمين منطقة لإيواء اللاجئين فيها بعد إبعاد قوات قسد والإدارة الذاتية منها».

ينهي السيد موسى مداخلته مع كوردستان: «يمكننا القول بحسب كافة المؤشرات أن سياسة الدول المتدخلة في الشأن السوري تسعى إلى رؤية الحلول الجزئية، ولكن بخطى خجولة باستثناء تركيا المتسارعة في العمل بخطتها هذه إذا ما لم يتم نسفها أو تأجيلها، وبهذا تبدأ مرحلة سياسية جديدة في المنطقة».

بداية لرسم خارطة جديدة ومشاركة الكورد ضرورة إنسانية وتاريخية

تحدث مسؤول فرع قامشلو لاتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكوردستاني- روج آفا، شكري عبدالرحمن لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «في ظل المناخ الدولي والإقليمي المعقد، وفي ظل مزاعم الحفاظ على الأمن القومي للدول المارقة في الشرق الأوسط فإن هذه المنطقة المهمة من العالم تتّجه بدون شك، وبشكل متكرّر من فوضى إلى فوضى، وتصبح معادلات حلول الأزمات صعبة ومستحيلة الحل، وتصبح أفق الحلول الجدية بعيدة المنال بكل المقاييس، وبالتالي فالشرق الأوسط أصبح على صفيح ساخن والحروب والأزمات والاحتجاجات باتت من سمات هذا الشرق. وقد ظهر ذلك جلياً مع اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، وانعكست سلباً على بعض الدول وإيجاباً على بعضها الآخر، والمساومات تبدو سيدة الموقف، والتنازلات بدأت تفرض نفسها على الجميع وخاصة في سوريا بكل مكوّناتها وأعراقها، وبات حق الشعب السوري في العيش بسلام وحرية سلعة في سوق المصالح الإقليمية والدولية. فبالرغم من وجود أقوى دولتين على الأرض السوريا فإن الابتزاز التركي للطرف الروسي والأمريكي على حد سواء بلغ ذروته بعد الحرب الروسية على أوكرانية، فحدودها المشتركة مع الروس والأوكران جعلتهما غير قادرتين على الاستغناء عن تركيا، فهي تحوّلت إلى ممر للطاقة والغاز الروسي وصادرات الحبوب الأوكرانية إلى العالم، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتاج حليفتها في الناتو لدعم أوكرانيا عسكرياً ضد روسيا. وكل ذلك أفسح المجال لتركيا للتمادي في فرض شروطها على الأمريكان والروس في سوريا عموماً والمناطق الكوردية خصوصاً، والتي بدأت بقصفها على امتداد الشريط الحدودي من شمال وشرق سوريا وكذلك شمال إقليم كوردستان بحجة وجود حزب العمال الكوردستاني وأذرعه، متغاضية عن التحذيرات الأمريكية من توسيع رقعة المواجهة التي ستضر بالاستقرار وتهدد العمليات ضد تنظيم داعش».

يتابع عبدالرحمن: «إن التصعيد التركي في المناطق الكوردية وضربها للمنشآت الحيوية والبنى التحتية هي نتاج صريح وواضح لتقلب مصالح وموازين القوى الفاعلة في سوريا. ويأتي التصعيد التركي متزامناً مع القصف الوحشي من قبل الحرس الثوري الإيراني على إقليم كوردستان، والتي تستهدف مقرات الأحزاب الكوردية المعارضة للنظام الإيراني ومخيّمات اللاجئين المقيمين في كوردستان العراق الهاربين من غطرسة نظام الملالي وأجهزته القمعية، والتي تحاول من خلال هجومها التغطية على فشلها في إيقاف الاحتجاجات المستمرة المطالبة بالحرية والديمقراطية، وخاصة بعد مقتل الشابة الكوردية جينا أميني من قبل شرطة الأخلاق والتي كانت شرارة الاحتجاجات، وبمعنى أدق فهي تقوم بتصدير أزمتها الداخلية من خلال ابتزازها لإقليم كوردستان، وتحاول التغطية على ضعفها، ومحاولة لملمة أوراقها في مواجهة إخفاقها في التوصل لإتفاق نووي مع الغرب، وعدم قدرتها على مواجهة العقوبات الدولية التي أصبحت تثقل كاهلها وقدراتها في دعم أذرعها في الشرق الأوسط».

يضيف عبدالرحمن: «إن المتابع للأزمة السوريا يدرك تماماً أن صمت الولايات المتحدة الأمريكية عن الهجوم التركي وضرب المنشآت لن يبقى للأبد، ولن تسمح بأيّ شكل من الأشكال بالتأثير على مشروعها في المنطقة. فسياسة الولايات المتحدة الأمريكية واستراتيجيتها غير قابلة للمساومة، وإن أي مساس بها لن يكون دون ردع، لذلك فإن تركيا تسارع الخطوات لتنفيذ مشروعها التوسُّعي، والقضاء على قوات سوريا الديمقراطية، وإفشال أي مشروع كوردي في المنطقة، وتفريغ المنطقة من سكانها، والعمل على إنشاء منطقة آمنة على الشريط الحدودي، وإعادة ملايين السوريين إلى هذه المنطقة».

يردف عبدالرحمن: «هنا علينا الاعتراف بأن ما يجري هي بداية لرسم خارطة جديدة في المنطقة، وعلينا أن ندرك أن هذه الخارطة ان لم نشارك في رسمها ككورد فإننا في طريقنا إلى انتكاسة وكارثة رغم التضحيات».

أخيراً

المنطقة وحسب التصعيدات الأخيرة متجهة نحو ترتيبات جديدة، وستكون على مقاسات الدول المتداخلة في الشأن السوري، لذا واجب على الشعب الكوردي وحركته السياسية استيعاب الخطر المحدق، والعمل على تكريس جهودهم نحو لملمة شتات الكورد وتحديد الهدف والموقف، وتكثيف قنوات الإتصال مع كافة الدول والمنظمات المعنية الشأن السوري والمطالبة بإدراج القضية الكوردية وحقوقه المشروعة على أولوياتهم ووضع حد لمعاناتهم.

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.