المجلس الوطني الكوردي في سوريا

هجرة السوريين من الموت إلى الموت

85

ساهم استمرار الحرب في كافة أرجاء سوريا منذ ما يقارب السبعة أعوام في زيادة أعداد المهاجرين السوريين الفارين من شبح الموت، شق الآلاف طريقهم عبر المتوسط الذي كانت أمواجه لهم بالمرصاد حتى كاد أن يكون عدواً جديداً مع الحيتان وأسماك القرش التي تنهش أجساد من غرق منهم.

  • فقدان الأمن

رحلة شاقة ومتعبة خاضها المهاجرون قاطعين مسافات طويلة في عرض البحار على متن قوارب مطاطية، أو سيراً على الأقدام في ظروف الصقيع والثلج، البعض كان يحمل طفلاً أو أكثر، الحدود كانت تسيج بالأسلاك الشائكة، الأبواب كانت توصد وهراوات الشرطة البرتغالية تلوح في وجهم، البقاء على قيد الحياة في هكذا ظروف كان أقرب إلى المعجزة، إلا أن الوصول إلى القارة العجوز كان حاملاُ ناصعاً أكثر من الثلج ذاته في مخيلة الكثيرين.

أصوات المدافع وهي تضرب بالقرب منك، البراميل المتفجرة التي كانت تنهمر مطراً من مروحيات الأسد وتخلف الأبنية رماداً منثوراً، إلى جانب الاعتقالات والتغييب وغير ذلك غيب الأمن حتى أصيب المجتمع السوري بالإحباط ووصل الأمر به إلى اليأس، واتخذ قرار الهجرة وتحمل أعباءها.

  • أسباب سياسية

في ظل تلك الفوضى العارمة التي تضرب سوريا بشكل عام وتفرد مجموعات عسكرية محددة بزمام الأمور وعدم السماح بممارسة الحياة السياسية الحرة جعلت الكثير من السياسيين يلجؤون إلى الهجرة، كما تحدث لـمكتب إعلام المجلس الوطني الكوردي، الناشط السياسي هارون محمد علي “إن الأسباب التي جعلتني أفكر في الهجرة واللجوء إلى الخارج كانت عدم الشعور بالأمان في بلدي بسبب تسلط القوة الاستبدادية على الحياة السياسية ولجوء هذه السلطات إلى كافة أساليب القمع والاعتقالات وأحيانا إلى تصفيات حسابات جسدية بحق كل من يعارضها سياسياً”.

  • التجنيد الإجباري والأوضاع الاقتصادية

استمرار الحرب بين الأطراف المختلفة دفع الأطراف المتصارعة إلى حشد أكبر عدد ممكن من الشباب وزجهم في أتون الحرب مما جعل الكثير من الشباب إلى التفكير بالهجرة إلى الخارج هرباً من الحرب.

بنفس القدر كانت العوامل الاقتصادية كفقدان فرص العمل وغياب وجود مؤشرات على نهاية الحرب في سوريا، وازدياد الأوضاع سوءا حتى فقدان الخدمات العامة، كما أوضح أحد الشباب المهاجرين، مصطفى الأحمد، المتواجد في ألمانيا، أن “العيش داخل الوطن أصبح شبه مستحيل بسبب الحرب الدائرة منذ أعوام وتوقف الحياة عن الاستمرار، وبعد خروجي من دول المجاورة رأيت أنا كلاجئ إلى دولة مجاورة يعتبر أمراً بائساً، خصوصا وأنه لا يسمح لنا بالعمل في تلك الدول الأمر الذي دفعنا بأن نختار الحل الوحيد أمامنا وهو السفر عبر البحر بقوارب الموت أي ‹البلم› فيتم استغلالنا من قبل المهربين والمتاجرة بأرواحنا بأبشع طرق”.

  • صعوبة العيش في المخيمات

لا يختلف الوضع بالنسبة للاجئ السوري في دول اللجوء المجاورة لسوريا عن معاناة المواطن داخلها. لأنهم يحاولون الهرب من الموت إلى الموت آخر، إذ أن معاناة اللاجئ لا تنتهي بمجرد الوصول إلى اليونان فهو يصطدم بواقع مر جديدـ، كما أوضحت شيلان خليل لـ المكتب الاعلامي للمجلس الوطني الكوردي، قائلة: “بعد وصول اللاجئ إلى اليونان لا تكون الحياة مزهرة له، فهو يواجه البقاء في العراء لأيام وأحيانًا لأسابيع، وأشهر حتى يُسمَح له بالدخول إلى البلاد الغربية في أوروبا، وقد يمضي في خيام للاجئين على الشواطئ بدون أي مساعدات غذائية أو مياه، أسابيع بل أشهر”.

أضافت شيلان “إن المشاكل الصحية التي تواجه اللاجئ بسبب التزاحم الشديد في الخيام، واضطرار العديد منهم إلى عبور الحدود بين اليونان ومقدونيا سيرًا على الأقدام، أدى إلى طلب مقدونيا من الاتحاد الأوروبي إغلاق الحدود لعدم تحمل الدولة هذا العدد المتزايد من اللاجئين وعدم كفاية الحافلات التي تقلهم للبلاد الغربية”.

_تجاهل المجتمع الدولي أوضاع اللاجئين

يرى المراقبون أن المجتمع الدولي يتهرب من تحمل مسؤوليته تجاه اللاجئين السوريين حيث لا توجد مساعدات دولية كافية في المخيمات خاصة ودول الجوار عامة ويرجع سبب إلى أن المشكلة كبيرة جداً وتفوق قدرة هيئات الإغاثة الدولية على المساعدة، كما إنها مستمرة على مدى سنوات ولا أفق لحلها حتى الآن، فكثير من اللاجئين لم يعد لديه حتى كوبونات الإغاثة ولا مجال للرعاية الصحية الضرورية، وجاءت الاقتطاعات في المساعدات بالنسبة إلى كثيرين منهم كالقشة التي قصمت ظهر البعير.

  • مستقبل اللاجئ

يرى اللاجئ السوري أنه لا مستقبل لهم في أوربا في ظل التغيرات التي تجري على القوانين الأوربية المتعلقة بوضع اللاجئين، ولم يعد سرًا، أن سياسة الترحيب التي انتهجتها الدول الأوربية قد ولت، ولا شك أن الوضع ازداد تعقيدًا، فالاعتداءات على اللاجئين قد تضاعفت كثيرًا وفوق هذا فقد سنت قوانين كثيرة متعلقة باللاجئين جعلت حياتهم أكثر صعوبة كما جعلت حلم بقاء أكثرهم صعب المنال.

مكتب إعلام ENKS في تركيا- أورفا

تقرير: صديقة عثمان

 

التعليقات مغلقة.