المجلس الوطني الكوردي في سوريا

 عزالدين ملا: الاستفتاء شجرة…  نمت على حب الكورد للحرية.. والخلاص من الظلم

56

 بدأ الشعب الكوردي في أجزاء كوردستان الأربعة وفي دول الشتات في ترقب وانتظار بفارغ الصبر ليوم استفتاء على استقلال كوردستان، وأصبح الكورد من صغيرهم إلى كبيرهم، ومن كافة فئات الشعب على دراية كاملة بمعنى الاستفتاء، وأين صدر أول قانون عن الاستفتاء؟، وما تعريفه؟، وما شروطه؟. فهذا يدل على أن الشعب الكوردي تواق إلى الحرية والخلاص من سنوات العبودية والظلام من قبل أنظمة الاستبدادية والعنصرية، الذين حاربوا الكورد بكل الأساليب، من أجل طمس هويتهم، ولكن هيهات من شعب أبى الظلم، وفي داخله روح الحرية وحب الحياة، هذه الروح التي إجتمعت في شخصية القائد مسعود البارزاني، ونتيجة إخلاصه وحبه لقضيته وحكمته السياسية، فكان هذا القرارالتاريخي.

وعند تجوالي في شوارع قامشلو رأيت طفلاً في الخامسة من العمر وهو يحمل علم كوردستان ويصيح بأعلى صوته « بجي كوردستان- بجي ألا رنكين- بجي سروك مسعود البارزاني ». إقتربت منه وسألته عن إسمه ولماذا هو في هذه السعادة. فأجاب والفرحة تغمره، «أنا اسمي برزاني، وأحب اسمي كثيراً، لأنه اسم رئيس مسعود البارزاني، هو يبني لنا دولة، وأنا سعيد لأننا سنصبح دولة مستقلة».

وتحدث نافع عبدالله عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا عن هذا اليوم التاريخي حيث قال: « تشهد الساحة الكوردستانية جدالاً سياسياً وثقافياً وإجتماعياً واسعاً حول الاستفتاء واستقلال كوردستان،  وفي خضم هذا الجدال سواء كان شعبياً على مستوى المواطنين أو نخبوياً سياسياً على مستوى الأحزاب السياسية والنخب الثقافية أصبح تدور كل النقاش حول صغائر الأمور بدلاً من التركيز على جوهر الموضوع وهو حق تقرير المصير».

وتابع نافع: « ان الاستفتاء هو ممارسة ديمقراطية يجب أن يفسح المجال لشعبنا الكريم التواق إلى الحرية أن يعبر عن رأيه كما الشعوب والأمم الأخرى وليعلن للعالم قراره والمتعلق بتبلور أمة وحق ومصير ومستقبل أجيال».

وأضافة نافع: « هذا حق طبيعي وقانوني لشعبنا الكوردي حسب أفكار كل من جون لوك البريطاني وجان جاك روسو الفرنسي، وأكد بيان استقلال أمريكا في 4 تموز 1776 على حق تقرير المصير للشعوب وأيضا جاءت وثيقة حقوق الإنسان الفرنسية عام 1789 لترسخ هذا المفهوم في أوروبا. بعد ذلك أصبح حق تقرير المصير مبدأ أساسياً قامت على أساسه حكومات دول أمريكا الجنوبية التي نالت استقلالها من الاستعمارين البرتغالي والاسباني».

كما قدم نافع عبدالله لمحة تاريخية عن حق تقرير المصير حيث قال: « وفي هذا الإطار أصدر الرئيس الأمريكي جيمس مونرو عام 1823 بياناً ضَمْنَ فيه حق تلك الدول في تقرير مصيرها وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى قدم الرئيس الأمريكي ودرو ويلسن وثيقة مكونة من أربع عشرة نقطة تناول فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعند بزوغ الدولة السوفيتية ربطت مفهوم تطبيق حق تقرير المصير بمفهوم القومية ومسألة التحرر من الاستعمار، وتأسيس الأمم المتحدة أدت إلى تطوير وترسيخ هذا المفهوم وحقوق الإنسان وحق الشعوب في المجتمع الدولي من خلال صدور قوانين ومواثيق دولية ملزمة بهذا الشأن. وبعد مسيرة نضالية شاقة وطويلة وعشرات الثورات والإنتفاضات وكإستحقاق طبيعي أعلن الرئيس مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان، أن الإقليم يجب أن يجري استفتاء في 25/9/2017على حق تقرير المصير وإعلان الاستقلال. ومن المؤكد الوقت قد حان والموقف مناسب الآن للشعب الكوردي لإتخاذ قرار من خلال استفتاء على مصيره.

وأضافة نافع: « الاستفتاء لا يعني إعلان قيام الدولة مباشرة، لكن ما يعنيه أن يتم التعرف على  رأي الشعب إزاء الاستقلال من خلال نتائج الاستفتاء وعلى القيادة السياسية الكوردية ترك خلافاتها جانباً و أن تنفذ إرادة الشعب في الوقت المناسب والظروف المناسبة وعلى دول العالم والكبيرة منها أن تحترم إرادة الشعب الكوردي. قاومت القوى الإقليمية على مر التاريخ الطموحات الكوردية للاستقلال وحقه في الحرية و تقرير المصير، خصوصاً الدول الغاصبة لكوردستان التي توجد فيها الشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية، وأكدت الكثير من الدول أنها سوف تدعم خيار الشعب الكوردي في الاستقلال وبناء دولته المستقلة ونحن في الحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا من جهتنا ندعم ونساند الاستفتاء في كوردستان العراق وقيام دولة كوردستان كحق سياسي وقانوني أسوة بشعوب العربية والتركية والفارسية، إذا انتظر شعب كوردستان أن يأتي أحد آخر ليقدم له حق تقرير المصير منحةً، فإن الاستقلال لن يتحقق أبداً، أن هذا الحق موجود ولا بد من أن يطالب به شعب كوردستان وأن يضعه حيز التنفيذ ».

وفي هذا السياق تحدث السياسي عبدالرحمن كلو عن الاستفتاء بقوله: « انها الفرصة التي يمكن تسميتها باللحظة التاريخية الانتقالية التي استطاع الرئيس بارزني استثمارها لتحقيق طموح الاستقلال، فحالة الحرب((القائمة على الإرهاب)) التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط أعاد بها إلى بدايات القرن العشرين بعيد انتهاء الحرب العالمية الأولى». وأضافة كلو: « فالشعب الكوردي تبوأ مركز الصدارة في محاربته للإرهاب وانتصارات قوات البيشمركة كانت محط أنظار العالم بأسره ومن حق الكورد استثمار انتصاراتهم والانتقال من خلالها إلى اللحظة التاريخية الانتقالية ويجدر بنا التذكير والاشادة بعظمة الجرأة التي اختارت التوقيت المناسب من قبل الرئيس بارزاني، والذي عمل من خلال الجبهتين الدبلوماسية والعسكرية لتحقيق خذا الطموح الوطني التاريخي، واستطاع أن يغير من معادلة التوازنات الاقليمية والدولية لصالح مشروع الاستقلال، فكل المؤشرات على الصعيد الخارجي باتت في صالح الاستفتاء ولن تقف بالضد منه في أسوأ الأحوال, وهنا تكمن قوة الجرأة في التغيير الانتقالي لأن القيادة الكوردستانية لن تنتظر الموافقات الاستباقية على طبق من ذهب، لأنه مصير وطن تاريخي، لذا يمكن قراءة الحدث في إطار الاستحقاق التاريخي لشعبنا في مرحلة الحرب العالمية على الإرهاب، والمجتمع الدولي الذي بمعظمه يشارك في هذه الحرب هو عملياً يقوم بتصحيح ما أفسدته العهود الاستعمارية للقرن الماضي، وكوردستان الدولة ستكون إحدى أهم ركائز الاستقرار في الشرق الأوسط». وتابع عبدالرحمن: « لذلك لن تكون هناك معارضات حقيقية على الاستقلال بقدر ما قد يكون خلافاً على التوقيت، ومن المفيد التذكير بأن المعادلة الإقليمية التقليدية للدول التي تقتسم كوردستان فقدت رتابة توازنها التقليدي في ظل تنامي الدور الأمريكي الجديد في المنطقة، والأكثر من ذلك لم تعد للسيادات الوطنية التقليدية  في العراق وسوريا أية قيمة في ظل التدخلات الخارجية  التي أفشلت مشاريع الدولة الوطنية في المنطقة وأفشلت التجربة الفيدرالية في العراق الذي أصبح امتداداً لدولة ولاية الفقيه في إيران، لذا من غير الممكن أن يقبل  شعب كوردستان التبعية لدولة الطائفة والمذهب الأسوأ من مرحلة الدولة القومية في ظل أنظمة القوميين العرب، وباعتبار أن دولتان على الأقل هي العراق وسوريا خرجتا من معادلة القوة الإقليمية ولم تعد لها القوة الكافية لممانعة الطموح الوطني الكوردستاني، لذا فمن حق شعب كوردستان استثمار اللحظة التاريخية الانتقالية وتحقيق طموح الدولة الوطنية خاصة وأنه يشكل جزءاً أساسياً وحيوياً في جبهات الحرب على الإرهاب ودفع الثمن غالياً من أرواح خيرة شبابه وبناته».

كما تحدث المحامي محمودعمر من الناحية القانونية عن الاستفتاء: « بدايةً أقول- الاستفتاء هو حق من الحقوق التي نص عليها كافة العهود والمواثيق الدولية للشعوب، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يتهرب منه أويعترض عليه من حيث المبدأ.

ثانياً وضع الدول أمام مسؤولياتها وبيان مدى إلتزامها ووفائها للعهود والمواثيق الدولية وإحترامها لمبادئ الشرعة الدوليه وبخاصه الدول الحضاريه والمتقدمه فهي إما أن تكون صادقه ووفيه لمبادئها وتؤيد الاستفتاء ونتائجه أو تتحمل نتائج معارضتها أمام شعوبها، ومثل هذه المسائل الكبرى تقيم حكومات وتسقطها في العالم الديمقراطي.

تابع عمر: « هذا المبدأ نصت عليه معظم الدساتير الوطنية ومنها الدستور العراقي إذا هو حق مشروع على الصعيد الوطني والساسة والحكومة العراقية أما أن تلتزم بدستورها أو تضربه عرض الحائط وتظهر للعالم أن الديمقراطيه هي ورقة التوت لتستر عورة الفكر الإستبدادي والشوفيني في العراق ودول الجوار».

وأضافة عمر: « قرار الاستفتاء جاء بحكمة حتى يترفع ساسة الكورد عن سفاسف الأمور والأنا الشخصية والحزبية والعشائرية، إذ أن الغبار الذي تثيره هذه المسألة سيظهر مدى الحقد والتربص حيال الكورد وحقوقهم، وهو جرس إنذار ليفيق الكورد من غفوتهم وأحلامهم المريضة وبالتالي تمهيد الطريق أمام وحدة الصف، وهو تمهيد جيد لشركائنا العرب والفرس والترك ساسه وشعوب تقول لهم أن الكورد قادمون وحانت لحظه الحسم، وهو دليل حضاري على تمسك الكورد بالوسائل السلميه والشرعيه كوسيله لاحقاق الحقوق وأن الكورد لم يحملوا البندقيه يوماً إلا دفاعاً عن العرض والحقوق ».

لذلك نرى أن من حق الكورد العيش ضمن دولته، وإبداء رأيه عن مصير مستقبله، شعبٌ عانى الظلم والقهر والحرمان، بات الآن أمام فرصة تاريخية، لتحقيق رغبتهم بالعيش حياة كريمة يحقق له الأمن والأمان والسلام.

عزالدين ملا

التعليقات مغلقة.