المجلس الوطني الكوردي في سوريا

عفرين …الجرح الكوردي النازف

48

عفرين.. الجرح الكوردي النازف

الشعب الكوردي بين مطرقة مصالح الدول الكبرى وسندان الأنظمة الغاشمة…..

أصبحت عفرين لقمة سائغة أمام الطورانية التركية، بعد أن أدارت أمريكا ظهرها، وموافقة كلٌ من روسيا وإيران على ذلك، وغض الطرف من النظام السوري، ويتبين أن كل ذلك حصل في اتفاق ضمني لإعادة بسط نفوذ النظام، قبلها كانت مدينة كركوك الكوردستانية.

يتطلب من القوى السياسية الكوردية تحليل ما يجري في جميع المناطق الكوردية، وتبيان سبب حصول كل هذه الانتكاسات، ولا يعطي ضريبتها سوى الكورد، رغم تقديم الكورد الغالي والنفيس من أجل الحضارة الإنسانية، وخاصة محاربة داعش، ولولا الكورد كان الأمن العالمي في خطر:

1-كيف يحلل السياسيون والمثقفون الكورد الوضع الكوردي عامة في هذه المرحلة الحساسة؟

2-هل نعتمد على الدول الكبرى فقط في تحقيق حقوق الشعب الكوردي المسلوبة؟ أو ماذا؟

3-إلى ماذا يحتاج الشعب الكوردي للخروج من هذه الويلات التي تتكرر؟

4-ما المطلوب من القوى السياسية الكوردية تجاه ما يجري في مدينة عفرين؟

5-ماذا ينقصنا لنكون مثل غيرنا، حتى نخرج من معاناتنا؟

تم عرض هذه التساؤلات على مجموعة من السياسيين وحقوقيين لتبيان الخلل والصواب في ذلك:

أهمية جعل الكورد عامل استقرار

مصطفى جمعة عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا: « القضية الكوردية، قضية قومية كبيرة وحساسة جداً، وتمس في ديمومتها وتقدمها وصعودها، حدود أربعة دول تقتسم كوردستان فيما بينها، وهذه الدول تتفاهم وتنسق فيما بينها رغم عداواتها لبعضها، متى ما شعرت بخطر هذه القضية على وضعها. ومن هذا المنطلق فإن الكورد يتحولون الى عامل استقرار أو توتير في المنطقة حسب الظروف والمراحل المتضاربة، وهذا الأمر يوجب على دول الجوار الكوردي بالدرجة الأولى لأن يجعلوا الكورد عامل استقرار، وذلك بالاعتراف بحق الشعب الكوردي في تقرير المصير، وعدا ذلك فإن الصراع سيستمر مع أنظمة تلك الدول حتى ولو حدثت بعض الانكسارات المؤقتة في الوضع الكوردي، وهذا ليس لمصلحة الشعب الكوردي ولا لمصلحة شعوب هذه الدول، ان هذا يقع على عاتق السياسي والمثقف الكوردي مسؤولية تاريخية في إبراز جانب الالتزام بالقضية أولاً، والعمل على توفير بيئة التفاهم والتوافق بين القوى السياسية الكوردية ثانياً ».

رأى جمعة: « ان السياسي له موقعه، ضمناً، إما في إطار أو في جهة سياسية ما، إلا أن المثقف هو من يتوجب عليه مهمة التوجيه والارشاد وخلق التوازن في بيئات العمل الاجتماعي والسياسي على حد سواء. من هنا أشعر أن جميع شرائح مجتمعنا، غير راضية حتى الآن من الوضع العام، ويحمل القيادات السياسية مسؤولية ما آلت اليه مصير الكورد في هذه المرحلة، وهو في حالة قلق وانتظار المجهول، وليس بالضرورة أن يكون المجهول سلبياً، بل، ربما يكون ايجابياً. في كل الأحوال هذه مرحلة مخاض ».

تابع جمعة: « فكرة الاعتماد على الدول الكبرى أو الاستفادة من مواقفها وامكاناتها ليس خطأً، ولكنها تقع في المرتبة الثانية. نحن بحاجة الى العامل الداخلي والذاتي، أولاً، أي أن نكون موجودين وأقوياء، في بنيتنا والتزاماتنا القومية ومرتبطين بمركز القرار السياسي الفاعل في الادارة السياسية الكوردية، ونتمتع بمقدرة سياسية وعسكرية واقتصادية، ونعمل على إيجاد تقاطع مصالح مع القوى الدولية الكبرى، وهذا مع الأسف لن يأتي إلا على قاعدة الانسجام الداخلي ونبذ الشواذ والتنافر والخيانات، وترتيب الأمور الداخلية، والتي عملت عليها دول الجوار وخربت فيها، مثلما حدث في كوردستان العراق. لا شك أن الكورد وقواه السياسية الفاعلة على مستوى كوردستان ككل، أمام معضلة غياب الانسجام والتفاهم الداخلي، ووحدة الأهداف والمصير القومي المشترك، ويسعى كل طرف دائماً على إلقاء اللوم على الطرف الآخر وتحميله المسؤولية العظمى، رغم أنه ولأول مرة نشأ مركز قرار كوردي مقبول في باشور كوردستان، إلا أن الطموحات الفئوية والمناطقية، ارتضت لنفسها الارتباط بمصالح العدو، وعادى هذه الجهات التوجه الكوردي نحو الاستقلال، وأفشلها. رغم هذا وذاك، لا بد مرة أخرى من التوجه الجدي والحقيقي نحو بناء أسس وعوامل القوة المطلوبة، وتوفير أجواء وأرضيات الوحدة الداخلية، ومغادرة رواسب الانكسار، وتحويلها الى انتصارات وشعور بالمسؤولية من جديد ».

أضاف جمعة: « يحتاج شعبنا في هذه المرحلة السياسية الدقيقة، والمتسمة بالتغيرات والتبدلات الكبرى على صعيد العالم ومنطقة الشرق الأوسط، الى إدراك وفهم هذه المتغيرات والاستفادة منها وفق المصلحة العليا للشعب الكوردي اولاً، وكذلك الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لكوردستان وخيراتها ثانياً، وأن تبادر القيادة الكوردية الى إنجاز التوافقات الداخلية لتفادي خطر التشتت والارتباط بمخططات الأعداء، واحترام الخيارات بين بعضها تبعاً لنضال كل جزء، وظروفه الخاصة، وبناء العلاقات مع القوى الدولية وفق ارتباط المصالح . وحسب فهمي فإن نجاح القضايا القومية، وإحراز الانتصار النهائي والاستقلال يحتاجان الى إرادة دولية من جهة، وقوة ذاتية وشرعية قانونية من جهة أخرى ».

تابع جمعة: « عفرين تتعرض الى اجتياح سافر من قبل الدولة التركية، بهدف احتلالها، أو ممارسة القوة والضغط لتسليمها الى النظام البعثي الفاشي المتفاهمة معه، متمتعة في هذا المجال بالموافقة الروسية والايرانية، وبغض النظر الأمريكي وقوى دولية واقليمية أخرى.

الاجتياح التركي مع مرتزقته  لمنطقة عفرين لا تدخل فقط في إطار تفاهمات تسليم ادلب الى النظام مقابل محاولة احتلاله لعفرين، ولا لمد خط غاز روسي جديد الى تركيا أو منافع اقتصادية وتجارية، بل هو عداء سافر ومزمن تجاه الكورد وتطور القضية الكوردية، فهي تريد كورداً مسالمين يخدمون اجندات اردوغان فقط.

في الحقيقة مؤامرة أردوغان على الشعب الكوردي، بدأ أولاً بالتحالف مع إيران وحكومة بغداد، لضرب الطموح الكوردي في كوردستان العراق بعد الاستفتاء على الاستقلال، والآن يحاول القضاء على الحالة الكوردية في كوردستان سوريا، عبر محاولة احتلال “جيايى كرمينج” وتقطيع أوصال مناطق كوردستان سوريا، كون عفرين منطقة استراتيجية. حتى الآن لا يمكن تقدير مدى ذهاب أردوغان في هذه العملية، رغم حصوله على إجازة العملية من بعض الجهات المعنية بالوضع السوري، إلا أن عفرين ليست منطقة سهلة الهضم، وهي عصية على الحسم العسكري السريع، ومع ذلك فإن القوى السياسية الكوردية تقع على عاتقها مسؤولية اتخاذ المواقف الجادة في هذه المسألة، وبالسرعة المطلوبة، وأرى ما يلي في هذا الشأن:

1-المسؤولية الأولى تقع على حزب (ب ي د) بتوفير أرضية التفاهم السياسي بين مختلف القوى السياسية الكوردية، ودعوة بيشمركة روج الى المساهمة في جهود الدفاع عن المناطق الكوردية، وإطلاق سراح السياسيين الكورد المعتقلين لديها.

2-المسؤولية الثانية تقع على عاتق المجلس الوطني الكوردي، باتخاذ موقف قومي وسياسي من العملية العسكرية التركية وإدانتها، ودعوة الائتلاف السوري الى اعتبار مشاركة ما يسمى بالجيش الحر في الاجتياح التركي عملاً عدائياً ».

تابع جمعة أيضاً: « ما ينقصنا هو وحدة الصف الداخلي، والموقف القومي المشترك، بين القوى السياسية الكوردية في مثل هذه الظروف، وترتيب أمور البناء الداخلي والقوة العسكرية المشتركة والأهداف السياسية المشتركة، ولكننا مع الأسف مفتتين سياسياً ومتضادين في الأهداف والتوجهات، وغير موحدين خلف قيادة متمرسة وحكيمة، بل الذي سيطر خلال السنين السابقة على القرار السياسي والقومي وحرفها وفق اجندة غامضة وفلسفة عفى عليها الزمن، لا زال مصراً بنفس العقلية العقيمة على الاستفراد بمقدرات الساحة الكوردية، ولا زال يحتفظ بالمناضلين في سجونه وأغلق مكاتب الأحزاب والمجلس الوطني الكوردي، وحرم العمل السياسي إلا وفق أجندته.

حتى الآن، وفي هذا الجانب، ورغم الظروف العصيبة التي تمر بها منطقة عفرين، فإن (ب ي د) لازال يتمنع ويتسبب في هدر طاقات الشعب الكوردي المطلوبة الآن في مواجهة العدوان التركي، بالاستفراد والتسلط والهيمنة، والموقف العدائي من جميع من يخالفونه الرأي، بدل الدعوة الى وحدة الصف والمصير المشترك، وهذه مسؤولية تاريخية وقومية يتحملها هو وحده ».

الواقع الكوردي يقتضي التكاتف الشعبي

درويش ميركان حقوقي: « في الشهر العاشر 2017 دخلت القوات التركية من معبر باب الهوى إلى مناطق في محافظة ادلب، تحت ذريعة تطبيق منطقة (وقف التصعيد) وإنشاء نقاط مراقبة. وقتها صرح وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي أن العملية في إدلب ستستمر حتى تنتهي التهديدات القادمة من سوريا باتجاه بلاده، هذا التصريح يفهم منه ان  دخول القوات التركية لم يكن يهدف لخفض التوتر وفق إطار الاتفاق بين الأطراف الثلاث روسيا وإيران وتركيا، وسبق هذه الدخول عملية درع الفرات في آب من عام 2016  بدعم دولي واضح وقتها.

لكن هجوم القوات السورية على محافظة إدلب في الفترة الأخيرة وخرق مناطق التصعيد وفق تصريح الخارجية التركية وإدانة من فرنسا واستدعاء سفيري روسيا وإيران من قبل تركيا للإعراب عن استيائها من إزاء الهجوم على إدلب، وتزامن هذا الهجوم مع التهديدات التركية الأخيرة للهجوم على مدينة عفرين وحشد قواتها وآلياتها على الحدود وبتحالف مع مليشيات ما يسمى الجيش الحر».

تابع ميركان: « كل هذه الأحداث يجعل المتتبع للوضع السوري بشكل عام والكوردي بشكل خاص  باستنتاج وجود اتفاق ما بين اللاعبين الكبار حول ما يحدث،  ماهية هذا الاتفاق يبقى مجهولاً حتى تتكشف خيوط هذه الصفقة بين تركيا من طرف وإيران وروسيا من طرف آخر،  وبين النظام وتركيا من طرف ثاني ».

أضاف ميركان: « مما يجعلنا نوجه البوصلة بهذا الاتجاه التصريحات الأمريكية الأخيرة  والتي جاءت من باب رفع العتب عندما صرحت وزارة الخارجية بأن التهديدات التركية تعتبر (زعزعة للاستقرار)، وكذلك التصريحات الروسية  في تموز 2017 حول عفرين بالقول ان روسيا لا تدعم أي خطوة أو فعل يتعارض مع السيادة السورية.

كل هذه الأحداث التي تعصف بالواقع الكوردي تجعله أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى التعاضد والتكاتف شعبيا وسياسيا، هذا الموقف يتطلب من الإدارة الذاتية وقفة جدية مع الذات والعمل دون تأخير على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الغيورين على المصلحة والقضية الكوردية ».

أكد ميركان: « ان هذه المبادرة تعتبر خطوة نحو تفعيل العمل المشترك على اساس الاحترام المتبادل والاتفاقات السابقة،  وهو الحد الأدنى من الضمانة لتجنب الكوارث المحتملة، والتي يبقى المواطن المدني الكوردي من يدفع الثمن دوما.

أخيراً نقول عفرين مثل غيرها من المدن الكوردستانية أكبر من كل الخلافات السياسية واليوم هي بحاجة إلى وقوف الجميع مع أهلها وشجرها ومائها ».

الوضع الكوردي معقد للغاية

أكرم حسين كاتب وسياسي: « الوضع الكوردي معقد للغاية خاصة بعد الانتكاسة التي حدثت في كوردستان، اثر سقوط كركوك وتسليم المناطق المتنازعة  للحكومة واغلاق المطارات والمعابر، واستقالة الرئيس  مسعود البارزاني، والهجوم الاخير على عفرين، ففي حين اعتقد الكورد بإمكانية قيام الدولة الكوردية بعد انتهاء مفاعيل سايكس بيكو ومرور 100 عام عليها، جاءت الاحداث الاخيرة  لتؤكد على عدم موافقة المجتمع الدولي على المس بخرائط سايكس بيكو في ظل اعادة اقتسام مناطق النفوذ، والاعتراف ببعض الحقوق الثقافية والمدنية، بعيدا عن احلام الكورد وتطلعاتهم بتقرير مصيرهم واقامة دولتهم المستقلة اسوة بالشعوب الاخرى،  كل ذلك ولا تزال الساحة الكوردية تعاني التشرذم والانقسام والهيمنة والاقصاء،  ففي كوردستان العراق لم تستطع السليمانية وهولير ان تتحدا في اطار كيان موحد اضافة الى الصراعات البينية بين احزابهما، وفي كوردستان سوريا لا زلنا نشاهد استمرار الصراع بين تف د م   TVDM والمجلس الوطني الكوردي ».

تابع حسين : « العامل الدولي لم ينضج بعد ولم تستطع الدبلوماسية الكوردية ان تنجح في اقناع العالم وتحديدا الولايات المتحدة  بحق الكورد في اقامة دولتهم، رغم كل الذي بذلوه من تضحيات في محاربة الارهاب الداعشي والذي ما كان له ان يندحر لولا المقاتلين والمقاتلات الكورد، الذين نجحوا في تقويض خلافة داعش المزعومة، رغم نضوج العامل الذاتي الكوردي والذي لم يكن مهيأ في أي وقت مما كان عليه اليوم، ان قيام الدول يحتاج الى امرين اساسين الاول هو المزيد من التقاتل والدم، والثاني نضوج العامل الدولي الذي لا يمكن لأية دولة ان ترى النور بدونه ».

أضاف حسين : « يحتاج الشعب الكوردي الى تجاوز الخلافات وحل المشكلات القائمة ووضع استراتيجية كوردستانية موحدة للخلاص من الغبن الذي لحق بالكورد ».

أكد حسين : « ان التضامن مع عفرين والدفاع عنها وتقديم الدعم المادي والعسكري والضغط على المجتمع الدولي يتم من خلال التظاهرات والاعتصامات وخاصة في دول مراكز القرار الاوربية والامريكية بالعمل لوقف هذا الاعتداء وكف يد الدولة التركية عن التدخل في الشأن السوري وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين وتقديم الدعم المادي لهم ».

كما أكد حسين  أيضاً: « لا ينقصنا شيء فنحن بشر كالأخرين  لكن الموقع الجيوسياسية لكوردستان ووقوعها تحت سيطرة اربع دول استبدادية لا تعترف بحقوق الشعوب ولا تقيم  وزنا للإنسان وحقوقه، هو الذي يعقد المشكلة ويجعلها صعبة الحل، خاصة بان دول المركز الرأسمالي لها مع  هذه الدول مصالح اقتصادية، وليس لديها الاستعداد المقامرة بها، رغم شعاراتها البراقة بالدفاع عن حقوق الأفراد والشعوب، واعتقد على الكورد ان يعملوا في اطار الدول التي يعيشون في اطارها ويشاركون في نضالاتها من أجل  الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، واقامة دولة المواطنة المتساوية بغض النظر عن الدين أو العرق او الجنس لأنها ستعترف للجماعات بحقوقهم وثقافاتهم وبالتالي حقهم في تقرير مصيرهم ».

 

وهكذا فنحن نرى ان الخروج من هذه المعاناة يبدأ، بإزالة أسباب الفرقة الداخلية، وتوحيد الأهداف السياسية، والعمل كجهة واحدة مع مراكز القرار الدولي ومع المحافل والمحطات السياسية الدولية، فنحن أصحاب قضية قومية لها تأثيراتها على مستقبل الشرق الأوسط، وعلينا فهم ذلك.

عزالدين ملا …..

 

التعليقات مغلقة.