المجلس الوطني الكوردي في سوريا

من أضاع الوطن ومن شتت المعارضة؟ الجزء الثاني

84

نحن لا ندافع عن ذاتنا الكوردية وحدها، ولا نبالغ في تمسكنا بقضيتنا وإعادة تصحيح تاريخنا المحرف، لأنها أصبحت أكثر من واضحة، بل نحاول إزالة الأوبئة الثقافية التي راكمتها الأنظمة الاستبدادية، ودمرت بها الأبعاد الوطنية بيننا، فنحن كنا ولا نزال نبجل الأخوة بين الشعوب، ولا نخفي عنكم أننا نحمي قضيتنا وشعبنا بكل ما نملك من قوة، وهي مقدمة، لحماية الوطن، إن كانت سوريا والتي تنتهك حرماتها أو غيرها. كما ونعمل على إيقاظ ضمير الشعب العربي على ما فعلته أنظمتهم ويفعله فاسدوهم؛ وما خلقوه من الحقد بيننا. ونحول إزالة أوبئة العقود المظلمة الطويلة التي نشرتها سلطات الظلام. فبلهجتنا غير المستحبة من قبل البعض وددنا تنبيههم إلى خياناتهم الجارية بحق سوريا الوطن، إن كان قد سلمت شيء من مقوماتها.

 

أيها الأخوة العرب الشرفاء انتبهوا لما يطرحه سفهائكم على الساحة من الكراهية، وبالمقابل ما يقدمه الحراك الكوردي من مقترحات لإنقاذكم والوطن والمجتمع السوري، ونأمل ألا تندرجوا مع هؤلاء المرتزقة وخطاباتهم وبياناتهم وتصريحاتهم العنصرية، وألا تقفوا صامتين، فحينها قد تشملكم الأحكام التي سيحكمون بها يوما ما هذه الأنظمة الاستبدادية ورعاعها أمام التاريخ والشعب؛ وكيف خانوا الوطن، فصمتكم على عبث الشريحة خيانة، تعلمون أن لهم تاريخ طويل من العنصرية تجاه الكورد وقضيتهم، والتلاعب بمقومات الوطن، فهم الذين شتتوا الثورة السورية، وساهموا مع النظام في الجرائم وبيع الوطن، وخير مثال ما جرى في الأيام الأخيرة من الشهر الماضي، بناء على صحيفتي نداء سوريا، والعربي الجديد المستوردة مصادرها من جهات حكومية تركية، استدعت تركيا (رياض حجاب) عدة مرات وتباحثت معه على مصير سوريا وبشكل خاص حول المنطقة الكوردية، وبعد الاجتماع الأول أصدروا بيان الكراهية، وهو ما يؤكد على أن تركيا قامت بجمع هذا الخليط من تواقيع المعارضة السورية، بينهم شريحة واسعة من المعروفين بارتزاقهم، وبعد الاجتماع الثالث نشروا نداء الخيانة، وعلى الأغلب سينفذ رياض حجاب وشريحته في القادم من الأيام إملاءات تركية أخرى، علماً أن رئيس وزراء سوريا الأسبق كان غائباً عن المشهد السياسي في السنوات الماضية، ولهذا نقول أن لا مبالاتكم أمام ما تقوم به هذه الشريحة من العبث قد تؤدي إلى ديمومة الكوارث للوطن، وهذا ما لا نريده معا.

 

لتوضيح ما يجري اليوم على الساحة لابد من عرض فتات من التاريخ القريب قليلا، يوم كانت الدولة العثمانية تستند على رابطة العقيدة في حكمها على الشعوب، وظلت قوية بين رعاياها حتى قبل انهيارها، وعلى أساسها كان الانتماء، ورغم زوالها، ظلت تلك الرابطة قوية لدى الكرد، مثل حفاظنا خلال العقود الماضية على الوطن، بدليل عندما عرض مقتسمو أملاك الرجل المريض على الكرد عامة بتشكيل كيان لهم رفضوا ذلك، وفضلوا البقاء مع أشقائهم في العقيدة، ونحن لا نحلل هذه الإشكالية التاريخية فيما إذا كانت صائبة حينها أم لا، لكننا اليوم اصبحنا نشكك سلباُ في مواقفنا حينها واليوم، بعدما تعرت زيف ونفاق رابط العقيدة ومصداقية الوطنية عند الأخرين، واصطدمنا بالموجات العنصرية والأحقاد من قبل الشرائح العروبية المنوهة إليها والتي ترتزق من القوى الإقليمية.

 

بالإضافة إلى المقاصد الاقتصادية لهؤلاء المقتسمين، آنئذٍ، كانت خططتهم تضعيف هذه الرابطة، لذا ألهبوا المشاعر القومية لدى إخواننا العرب، وقدروا لهذا فترة مداها قرن من الزمن، وأنجرت لها العرب والفرس والترك، وظهرت حركاتهم القومية العنصرية. وها قد مضت تلك الفترة، فيعيدون ما قاموا بتقسيمه إلى سابق عهده، إن سنحت لهم الظروف بذلك. حيث تعدد الأقطاب بعد زوال الاتحاد السوفيتي، وتقوية مكانة الدول الإقليمية وغيرها من العوامل الأخرى قد لا تعطيهم تلك الإمكانية لما يخططون له الآن بالدقة المطلوبة، ولكن المخطط سيُنفذ. والأكيد في الجاري أن الأمور لم تعد كما كانت عليه من قبل. وعلينا جميعا إدراك ذلك، وليس الجري وراء المحتضر لإحيائه. وأمر التقسيم لم يكن بأيدينا، واليوم أمر الاستعادة ليس بأيدينا أيضا. كانوا هم أولياء أمورنا عندما رحلت العثمانية عن حياتنا، والآن هم أولياؤنا كما السابق، فما اتفقوا عليه سيحصل، إن شئنا أم أبينا.

 

كي لا نذهب بعيدا، عندما دخلت أميركا العراق، رغم ولاء الطرفين الكرديين لإيران وسوريا، آنذاك، واللتان كانتا ضد أميركا، أرغمت نفس أميركا الطرفين الكرديين بالاتفاق وانتقلوا بهم من الحكم الذاتي الحقيقي إلى الفدرالية، التي لم تكن على بالهم. على ما يبدو، إن لم يكن نفسه، فشبيه العراقي يجري في سوريا. وعلينا إدراكه، وليس نكرانه؛ فالوقائع تؤكد بشكل واضح ذلك، ولا داعي إثارة الضغائن تجاه بعضنا البعض. المهم أن نكون أشقاء متحابين متعاونين فيما بيننا. كفانا ما أُريق من دمائنا باستغلال هذه الغرائز السيئة التي تؤججها الأنظمة المحتلة لكوردستان. لو كانت الأمور مرهونة بأبناء سوريا، على الأقل، لما تجاوز النظام ومليشيات حزب الله، ومعهم روسيا وإيران نقاط خفض التوتر التركية، فهناك جزء لا يستهان بهم من معارضتنا توالي تركيا. إذا قبلنا أن يقودنا العقل، وسألنا بيننا وبين نفسنا هل نحن بموقع تركيا، في أن نملك مصيرنا، فهي الدولة النيتوية لا تملك أمرها كما تشاء، فما بالنا نحن الحلقة الضعيفة في هذه المعادلة؟

 

علينا نحن المعارضة السورية بجميع أطيافنا أن نتوحد فيما بيننا نحن ككرد وكعرب وكآشوريين وكأرمن وكتركمان وغيرهم من الطيف السوري، ومن ثم نجتمع جميعا لنتوحد في وحدة متماسكة كمعارضة سورية حقيقية، وإلا لن يستفيد من يدعو إلى هذه المشتتات، والمثيرات للغرائز العنصرية السيئة لدى جماهيرنا.

 

مهما رفضنا نحن الكرد في سوريا الوحدة فيما بيننا، لا بد أن نتفق على بنود تجمعنا، فالحاكم الفعلي قرر ذلك، وعلى الأغلب قرروا أن تكون سوريا فيدرالية لا مركزية لحماية شرائح من المجتمع السوري قبل حماية المنطقة الكوردية. لماذا هذه الشوشرة والصخب والضجيج حول ما قرره الحاكم والآمر والناهي؟ لنكن عقلاء ونتفاهم ونتفق، نحن، جميعا أبناء سوريا لوقف نزيف دمنا، ونقطع دابر المغرضين والحاسدين، والمشتتين لصفوفنا. لنكن على قدر المسؤولية فأولياء أمورنا قرروا أن يكون للكرد موقع في سوريا مغاير لما سبق، فلا بد أن يتحقق قرارهم. وهذه الضجة ستكون نتائجها وخيمة في المستقبل عليكم، علينا جميعا تداركها…

 

يتبع…

 

 

التعليقات مغلقة.